الجمعة, مارس 21, 2025
الرئيسيةأخبار دوليةبعد "ضربة تلو الأخرى".. الحرس الثوري الإيراني يرد بـ"الصبر الاستراتيجي"

بعد “ضربة تلو الأخرى”.. الحرس الثوري الإيراني يرد بـ”الصبر الاستراتيجي”

أثار تعليق الحرس الثوري الإيراني على اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري، في الضاحية الجنوبية لبيروت، عدة تفسيرات وتحليلات، تمحورت حول الرسائل التي تضمنها البيان، والتي، وتعكس في صياغتهم ميلاً إلى تجنب الرد على اغتيال العاروري، من خلال وصفه بأنه محاولة لاستدراج الآخرين إلى العمل. تجنبه.

ونقلت وكالات أنباء إيرانية بيانا للحرس الثوري الإيراني، المصنف منظمة إرهابية في الولايات المتحدة، أدان فيه اغتيال العاروري مع اثنين من قادة كتائب القسام، معتبرا إياها “محاولة إسرائيلية فاشلة للتعويض”. بسبب الفشل الذي لا يمكن إصلاحه في غزة”.

ووصف البيان اغتيال العاروري في بيروت بأنه انتهاك لسيادة لبنان و”عمل وحشي” و”تعطش إسرائيلي لإثارة الحرب”.

“إشارة ذات معنى”

لكن اللافت في البيان هو وصفه لعملية الاغتيال بأنها محاولة إسرائيلية لدفع «المقاومة إلى ارتكاب خطأ استراتيجي في حساباتها».

وتعزيزاً لهذا الموقف، أضاف الحرس الثوري أن “الصبر الاستراتيجي للمقاومة وحزب الله لن يخرج عن إطار العقلانية والمنطق”.

قُتل نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، صالح العاروري، في غارة بطائرة بدون طيار في الضاحية الجنوبية لبيروت، الثلاثاء. وهو أحد قادة حماس الذين تقول إسرائيل إنها تريد استهدافهم ووضعهم على قائمة الاغتيال.

والعاروري هو أحد قائمة كبار المسؤولين في المكتب السياسي لحركة حماس في الخارج والداخل، الذين أصبحوا أهدافا لإسرائيل التي تشن حربا ضد الحركة ردا على الهجوم الذي شنته حماس، والذي يعتبر مصنفا على أنه سري. كمنظمة إرهابية على القوائم الأمريكية، في 7 أكتوبر.

وذكر بيان الحرس الثوري أن اغتيال العاروري تزامن مع الذكرى الرابعة لاغتيال قاسم سليماني، ووصفها بـ”الإشارة ذات المغزى”.

لكن هذه المصادفة، في المقابل، فتحت الباب أمام التذكير بقضية سليماني وحجم الترهيب والتهديد الإيراني بالرد بعد اغتياله عام 2020.

الأمر نفسه ينطبق على اغتيال قائد الحرس الثوري راضي موسوي الذي قُتل في سوريا أواخر كانون الأول/ديسمبر الماضي، وهو ما وضع التهديدات بالرد على اغتيال العاروري في نفس فئة الترهيب.

“الصبر الاستراتيجي”

كلام الحرس الثوري الإيراني عن “الصبر الاستراتيجي” يذكّر الصحافي والمحلل السياسي آلان سركيس بمصطلح استخدمه النظام السوري في تعليقه على القصف الإسرائيلي الذي تعرض له خلال السنوات الماضية، إذ توعد بالرد “في اللحظة الأخيرة” الزمان والمكان المناسبين”، ولم يفعل ذلك حتى يومنا هذا.

ويضيف سركيس: “يبدو أن إيران تنتهج النهج نفسه، فهي تتلقى ضربة تلو الأخرى دون رد، وتبرر ذلك بنظرية ما أصبح يسمى “الصبر الاستراتيجي”، وفي الوقت نفسه وهي تدفع وكلاءها لخوض معارك نيابة عنها من دول أخرى”.

طهران والميليشيات والدول التي تدعمها فيما أصبح يوصف بـ”محور المقاومة” تروج لنظرية “الصبر الاستراتيجي” التي أصبحت تعبر عن عدم نية الرد السريع أو المباشر لاغتيالات أو ضربات أمنية يتعرضون لها.

بل إن استخدام المصطلح امتد في إيران إلى السياق السياسي والدبلوماسي، كاستراتيجية معتمدة.

فيما يرى سركيس أن “هذه نظرية يحاولون الترويج لها لتبرير عدم قدرتهم على خوض حرب شاملة، والوفاء بالتزاماتهم والتهديدات التي يطلقونها”.

ويتابع: “إذا نظرنا إلى السياسة الإيرانية الكبرى، وبعيداً عن بعض الأنشطة العسكرية بالوكالة هنا وهناك، فإن الاستراتيجية الكبرى تقوم على سياسة التوسع في الدول العربية والسيطرة عليها، ولكن في مواجهة الولايات المتحدة وإسرائيل، ولا نرى إيران ترد على حجم الضربات التي تتلقاها”.

ويرى الكاتب والمحلل اللبناني أن كل حديث عن تصعيد أو رد «ليس أكثر من كلام»، مشيراً إلى أن إيران «تتلقى ضربات تلو الأخرى، ولا ترد، وهي في الواقع أضعف من أن ترد».

وأضاف أن هجوم حماس كان فرصة ذهبية لما يسمى بمحور المقاومة للدخول إلى خط القتال، “لكن ذلك لم يحدث. بل كانت عمليات منضبطة من جانب العملاء والحلفاء لتحقيق المصالح الاستراتيجية الإيرانية، التي تسعى في نهاية المطاف إلى التفاوض مع الغرب والولايات المتحدة حول مصالحها، مثل البرنامج النووي. “

ويختتم: “لو كانت إيران صادقة فيما تقوله وتهدد به، فإن غزة اليوم أصبحت في رماد ولم نرى إيران تفعل شيئا يتوافق مع تهديدها وتهديدها”.

معادلات جديدة

وبالنسبة لسركيس، فإن اغتيال زعيم حماس في الضاحية الجنوبية “أثبت التفوق التكنولوجي والاستخباراتي لإسرائيل وحلفائها، وأظهر زيف الدعاية حول تقدم إيران وقدراتها الاستخباراتية والعسكرية”.

من جهته، لا ينكر المحلل الاستراتيجي والعسكري عمر معربوني أن المعركة في الجانب الأمني ​​“لا تزال في مصلحة إسرائيل، وهذا واضح ومعترف به، فالجانب الإسرائيلي يملك القدرة الأكبر على إجراء عمليات إلكترونية حديثة، أو بشرية، استفسارات على الأرض أيضاً”.

وفي الجانب العسكري، يضيف المعربوني: “منذ العام 2000، لم يتمكن الإسرائيليون من تحقيق أهدافهم العسكرية المعلنة في أي جولة قتال على مختلف الجبهات”.

ويتابع أنه في ظل هذه المعركة المفتوحة المستمرة منذ 3 أشهر، «توجد الآن معادلات جديدة تجمع الأمور، وهي تختلف عن المعادلات التي كانت سائدة من قبل. ولا يجوز إسقاط المعادلات السابقة على الوضع الحالي”.

وفي أغسطس/آب الماضي، سبق للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله أن هدد إسرائيل إذا قامت بأي عملية اغتيال لشخصية فلسطينية أو إيرانية أو عراقية أو أي شخصية أخرى في لبنان، مهددا برد قوي. وهو الأمر الذي ذكره المحللون ورواد مواقع التواصل الاجتماعي.

وتضمن هذا التهديد كلمة لنصر الله بثها الأربعاء، تضمنت أول تعليق له على مقتل القيادي في حماس في الضاحية الجنوبية لبيروت.

وشدد نصر الله على أن مقتل العاروري لن يمر دون “رد وعقاب”، في إشارة إلى تغير المعادلات في زمن الحرب، لكنه تابع أن “الحرب لا تغير الوعد إطلاقا. الجريمة كبيرة ولا يمكن السكوت عنها، ولن تبقى دون رد وعقاب”.

بدوره، يشير معرابوني إلى أن هناك نوعاً من الإدارة للحرب الدائرة بين حزب الله وإسرائيل.

ويضيف: “بالنسبة للبنان الرد أمر لا مفر منه، لكنه سيكون من خلال الوضع الحالي وليس من خلال معادلات الحرب السابقة. أما كيف وأين؟ فهذا ما لا يمكن التنبؤ به”.

ضمن قواعد الاشتباك

ويوضح معربوني أن ما يحدث في لبنان هو حالة حرب مقيدة المستوى والعمق وسقف الأهداف، ما يسمى بـ”قواعد الاشتباك”.

وخرق الجانب الإسرائيلي قواعد الاشتباك من حيث العمق والهدف في عملية اغتيال العاروري، بحسب معربوني، إذ تعرض لقصف جوي في الضاحية الجنوبية التي تبعد 85 كلم عن الحدود.

ولا يتم الرد بالضرورة بنفس العمق، بحسب المحلل العسكري. قد يكون استهدافاً في شمال إسرائيل لهدف عسكري رفيع المستوى أو عملية من هذا النوع، لكن في تقديري حزب الله يدير الاشتباكات تحت عنواني «الحكمة والحزم» معاً، مع مراعاة الوضع اللبناني. والانقسام السياسي”. والواقع الاقتصادي السيئ. وهي في الوقت نفسه تخوض اشتباكات محدودة على الحدود، تلحق من خلالها الضرر بالجانب الإسرائيلي، وتشتت قواته عن حرب غزة، وتساهم في إنهاكه.

وبالنسبة لمعربوني، فإن هجمات حزب الله تمنع الجيش الإسرائيلي من تركيز كامل جهوده وإمكانياته في حربه مع حماس، وبالتالي “بالنسبة له، فإنها تحقق التأثير المطلوب في دعمه لحماس في غزة”.

ويهدف ما يسمى بـ”محور المقاومة”، بحسب معرابوني، إلى “إرهاق إسرائيل بنيويا”، والذي يقوم على تعميق الفجوة في عنصرين أساسيين في إسرائيل، الأمن والردع، معتبرا أن هناك خسارة اليوم لهما. عنصرين.

لا سوابق

ويذكر المحلل العسكري أنه لم تسجل سابقة لجميع دول محور المقاومة أن يكون هناك “رد استثنائي على اغتيال قادة من هذا المحور، والأمثلة على ذلك كثيرة، عماد مغنية مثلا، وقاسم سليماني قديماً واليوم راضي الموسوي ونجل النائب محمد رعد”.

ويتابع، معتبرا أن ذلك مرده إلى أن “هذا المحور يتفاعل مع مقتل قياداته كما يتفاعل مع قتل عناصره، فلا يفرق في الرد”.

من جانبه، يرى سركيس أن كل ذلك “مبررات ساقطة ومعدومة، ولولا ذلك لدخلوا الحرب، لكنهم يخونون الشعب ويستعرضون قدراتهم ويرفضون الدعوات الداخلية بعدم التدخل في الحروب، ومن ثم يأتي دورهم”. مع المصطلحات الساقطة في القاموس اللبناني والعربي للتبرير”.

ويؤكد أن “إسرائيل ليست في ورطة في حرب غزة كما يروج محور المقاومة. بل الحقيقة هي أن الشعب الفلسطيني وسكان غزة في ورطة. ولو كانت إسرائيل في ورطة لما رأينا عملية اغتيال كتلك التي حدثت بالأمس”.

وما يحدث على أرض الواقع، بحسب سركيس، «هو إحجام إيران والتزامها بالقواعد الصارمة التي وضعتها الولايات المتحدة وإسرائيل».

وأضاف: “كل الدعاية الإيرانية ودعاية الميليشيات التابعة لها تقوم على فكرة الحرب والإعداد والتحضير للحرب، يتحدثون ليل نهار عن القدرات العسكرية، ثم يتوقفون عندما تصل الحرب”.

أما حزب الله فيرى سركيس أن عليه إما الخضوع لقرار الدولة اللبنانية بالسلام والحرب واحترام سيادة لبنان ومصالحه، أو الدخول في الحرب الشاملة الموعودة إذا شعر بأنه قوي بما فيه الكفاية وينفذ ما يقوله ويهدد به. .

ويخلص الكاتب والمحلل اللبناني إلى أن حزب الله جزء من المنظومة الإيرانية، «وإذا لم يكن هناك قرار استراتيجي من إيران بالدخول في حرب شاملة، فإنها لن تدخل الحرب إذا وصلت إسرائيل إلى الضاحية الجنوبية لبيروت».

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -

الأكثر شهرة

احدث التعليقات