ويعتبر محور فيلادلفيا “منطقة عازلة” ويخضع لاتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، لكن بعد أسبوعين من العملية العسكرية الإسرائيلية في مدينة رفح على الحدود المصرية، سيطر الجيش الإسرائيلي على “نصف مساحة المدينة”. المحور”، وفق تأكيداتها لموقع “الحرة”، الأمر الذي أثار تساؤلات حول الأسباب والتداعيات. تلك الخطوة.
السيطرة على نصف محور فيلادلفيا.
وفي 14 مايو/أيار، أفاد شهود عيان أنهم رأوا دبابات تعبر طريق صلاح الدين ذو الأهمية الاستراتيجية إلى أحياء البرازيل والجنينة، حسبما ذكرت صحيفة الغارديان البريطانية.
في 15 مايو/أيار، أفادت شبكة “سي إن إن” أن القوات الإسرائيلية سيطرت على أجزاء من “محور فيلادلفيا”.
وتقدمت القوات الإسرائيلية في عمق مدينة رفح، وسيطر الجيش الإسرائيلي على أكثر من نصف محور فيلادلفيا، والذي يسمى أيضاً “طريق صلاح الدين”، بحسب ما ذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت”، الثلاثاء.
وهذا ما تؤكده وحدة المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي لموقع الحرة، قائلة: «هذا الأمر حقيقي.. وسيطرنا على نصف محور فيلادلفيا».
لكن الوحدة رفضت إبداء أسباب اتخاذ هذه الخطوة، أو الحديث عن مدى إمكانية السيطرة على محور فيلادلفيا بالكامل خلال الفترة المقبلة.
ما أسباب “السيطرة الإسرائيلية”؟
يقع محور فيلادلفيا، ويسمى أيضًا “محور صلاح الدين”، على طول الحدود بين قطاع غزة ومصر، ويبلغ طوله 14 كيلومترًا.
ويرى الخبير العسكري والاستراتيجي الإسرائيلي كوفي لافي أن السيطرة على محور فيلادلفيا “مهم للغاية في ظل الوضع المعقد على الحدود بين إسرائيل ومصر”.
وأشار إلى أن “كل الأنفاق التي تم اكتشافها في محور فيلادلفيا يجب تدميرها”، على حد تعبيره.
وفي يناير الماضي، قال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، ضياء رشوان، ردا على تصريحات مسؤولين إسرائيليين، أشاروا فيها إلى وجود عمليات تهريب أسلحة إلى قطاع غزة من الأراضي المصرية، معتبرا أنها “ادعاءات باطلة وادعاءات كاذبة”. ادعاءات.”
وفي سياق متصل، يشير المحلل السياسي الإسرائيلي إيدي كوهين إلى أن “إسرائيل تسعى إلى القضاء على حركة حماس، ولن يتم ذلك إلا من خلال السيطرة الكاملة على كل منطقة في قطاع غزة”.
ويقول إن حماس حصلت على “أسلحة وتكنولوجيا عبر الأنفاق”، “بعلم الجانب المصري أو من دون علمه”، وهو ما دفع الجيش الإسرائيلي إلى “الاستيلاء والسيطرة على محور فيلادلفيا”، بحسب كوهين.
ويتفق معه المحلل السياسي الإسرائيلي مردخاي كيدار الذي يتحدث عن «طريق التهريب عبر الأنفاق بين مصر وقطاع غزة».
وقال كيدار لموقع الحرة إن الاستيلاء على محور فيلادلفيا سيمكن إسرائيل من “وقف والقضاء على حركة التهريب عبر الأنفاق”.
كيف تنظر مصر إلى الخطوة الإسرائيلية؟
وتعد مصر أول دولة عربية توقع اتفاقية سلام مع إسرائيل في 26 مارس 1979، بعد عام من توقيع اتفاقيات كامب ديفيد عام 1978.
وبموجب اتفاق السلام، تمكنت القاهرة من استعادة شبه جزيرة سيناء التي سيطرت عليها إسرائيل عام 1967، وخاضت مصر حربا لاستعادتها عام 1973.
ويعتبر محور “صلاح الدين” أو فيلادلفيا “منطقة عازلة” بموجب معاهدة السلام الموقعة عام 1979، وانسحبت إسرائيل منه بالكامل ضمن خطة فك الارتباط عن قطاع غزة عام 2005.
وتواصل موقع الحرة مع رئيس الهيئة العامة للاستعلامات ضياء رشوان لتوضيح “الموقف المصري الرسمي” من التحرك الإسرائيلي، إلا أننا لم نتلق ردا حتى وقت نشر التقرير.
ويشير عماد جاد، مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، في حديث لموقع الحرة، إلى أن “إسرائيل تحاول فرض سياسة الأمر الواقع على مصر”، من خلال السيطرة على أجزاء من محور فيلادلفيا.
وستواصل إسرائيل سعيها للسيطرة على المحور بأكمله، ولن تستمع للجانب المصري حتى الانتهاء من خطة “القضاء على القوة الأساسية لحركة حماس”، بحسب جاد.
وينفي مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ما قاله محللون إسرائيليون عن “تهريب الأسلحة من مصر إلى قطاع غزة”، ويقول: “هذا غير صحيح، وهي نفس الادعاءات المرهقة وغير الدقيقة… ونفس الحجج التي عفا عليها الزمن.
والعكس هو الصحيح. وعانت مصر من تهريب الأسلحة عبر الأنفاق التي كانت تأتي من “اتجاه قطاع غزة باتجاه الأراضي المصرية”، وبذلت القاهرة “كل الجهود لإغلاق كافة هذه الأنفاق”، بحسب جاد.
من جانبه، يوضح الخبير العسكري والاستراتيجي المصري، اللواء أركان حرب سمير فرج، أن “المنطقة معزولة بموجب اتفاق السلام، لكن إسرائيل تحاول تصعيد الوضع مع مصر وجرها إلى مشاكل أخرى”.
وأراضي محور فيلادلفيا «ليست مصرية»، لكن ما يحدث حاليا من قبل الجيش الإسرائيلي هو «انتهاك لاتفاق السلام» بين البلدين، بحسب ما قال لموقع الحرة.
وفي سياق متصل، يؤكد الخبير العسكري والاستراتيجي المصري اللواء السيد الجابري، أن السيطرة الإسرائيلية على محور فيلادلفيا “تهدد اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل”.
وجوهر اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل هو «عدم وجود أي قوات عسكرية في المنطقة العازلة أو الفصل»، كما يوضح لموقع «الحرة».
ويعتبر دخول المدرعات وأسلحة المدفعية “انتهاكا واضحا لجوهر اتفاق السلام” الذي يعطي مصر الحق في “إعادة ترتيب وضع قواتها المسلحة في كامل سيناء”.
هل هناك تصعيد؟
وتسمح “اتفاقية السلام” لإسرائيل ومصر بنشر قوات محدودة العدد والعتاد، ومحدودة العدد وأنواع الأسلحة والمركبات، بهدف القيام بدوريات إلى جانب المحور المصري، لمنع التهريب والتسلل وغيرها. أنشطة إجرامية.
وينص الاتفاق على وجود إسرائيلي داخل هذا القطاع العازل، المعروف باسم محور فيلادلفيا، والذي يقع داخل المنطقة (د) وفقا للملحق الأول من بروتوكول الانسحاب الإسرائيلي والترتيبات الأمنية، والذي يسمح بوجود قوة عسكرية إسرائيلية محدودة قوامها أربعة أفراد. كتائب المشاة والتحصينات الميدانية ومراقبي الأمم المتحدة.
ولا تتضمن القوة الإسرائيلية وجود أي دبابات أو مدفعية أو صواريخ، باستثناء صواريخ “أرض جو” الفردية.
ويمكن أن يكون لقوات المشاة الإسرائيلية في هذه المنطقة ما يصل إلى 180 مركبة عسكرية، بحيث لا يتجاوز العدد الإجمالي للمشاة 4000 جندي.
وفي المنطقة (ج) من الاتفاقية، يُسمح بتواجد قوات الأمم المتحدة والشرطة المدنية المصرية.
في المنطقة (ب)، يُسمح بتواجد وحدات حدودية مصرية مكونة من أربع كتائب مجهزة بأسلحة خفيفة.
وفي المنطقة (أ) توجد قوات عسكرية مكونة من فرقة مشاة ولواء مدرع وألوية مدفعية لا يتجاوز عددها 22 ألف جندي مصري.
وسيطرت القوات الإسرائيلية على هذه المنطقة (د)، بما فيها محور فيلادلفيا، حتى انسحبت منها وسلمتها للسلطة الفلسطينية عام 2005.
ولترتيب وجود مصري لقوات حرس الحدود، تم التوقيع على “اتفاقية فيلادلفيا” التي تتماشى مع اتفاقية “المعابر بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية” التي تم توقيعها في العام نفسه.
من جانبه، يؤكد كوهين أن القوات الإسرائيلية ستبقى في محور فيلادلفيا من أجل “وقف ومنع إدخال الأسلحة من مصر إلى حركة حماس”.
أما كيدار، فيشير إلى أن «إسرائيل لا تريد المساس بالأمن القومي المصري من قريب أو بعيد، لكن لو قامت القاهرة بواجبها وأوقفت حركة التهريب تحت محور فيلادلفيا، لما كانت حماس تتمتع بالقوة الحالية».
ويجب أن يجلس الجانبان المصري والإسرائيلي لـ”التفاوض والمناقشة والتوصل إلى تفاهمات” حول محور فيلادلفيا، بحسب المحلل السياسي الإسرائيلي.
من جهته، تحدث لافي عن ضغوط داخلية في مصر وإسرائيل لـ«العبث بالعلاقات ويتهم كل طرف الآخر بعدم القيام بواجباته».
لكن لا بد من “تفاهم عسكري” لأهمية العلاقات بين البلدين، كما يشير المحلل العسكري الإسرائيلي.
وبحسب تقديرات لافي، فإن سيطرة الجيش الإسرائيلي على محور فيلادلفيا “لن تؤثر على العلاقات بين مصر وإسرائيل”.
لكن في المقابل، يؤكد جاد أن ما تقوم به إسرائيل حاليا هو “انتهاك للملحق الأمني لمعاهدة السلام”.
ومن المفترض أن يكون هناك «رد فعل مصري غاضب وعملي بالاحتجاج الدبلوماسي أو سحب السفراء»، بحسب مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية.
وفي سياق متصل، يشير اللواء فرج إلى أن “مصر لن ترضخ للاستفزازات الإسرائيلية، وستتخذ المسارات الدبلوماسية للرد على خرق اتفاق السلام”.
وفيما يتعلق بالمسارات الدبلوماسية، يوضح الخبير العسكري والاستراتيجي المصري أنها تتعلق بإبلاغ القاهرة لواشنطن، باعتبارها “الضامنة لاتفاق السلام”، أن التحركات الإسرائيلية تنتهك هذا الاتفاق.
كما يمكن لمصر “الذهاب إلى مجلس الأمن” وتقديم شكوى ضد إسرائيل لأنها “انتهكت اتفاقا دوليا”، بحسب اللواء فرج.
لكن اللواء الجبري يتحدث عن 3 سيناريوهات مستقبلية بعد سيطرة القوات الإسرائيلية على نصف محور فيلادلفيا.
السيناريو الأول هو «انسحاب القوات الإسرائيلية من المحور وعدم التشبث بالأرض»، أما إذا «تشبث الجيش الإسرائيلي بالأرض» فقد يحدث احتكاك بين «حرس الحدود المصري والقوات الإسرائيلية»، بحسب تعبيره. اللواء الجابري .
ويتحدث الجبري عن السيناريو الثالث، وهو «وقوع اشتباكات أو تصعيد بين الجانبين المصري والإسرائيلي»، وهو أمر «لا يمكن التنبؤ بتداعياته»، وقد يتطور الوضع العسكري «بسرعة كبيرة».
وحينها «سيتغير شكل الصراع وسيكون هناك واقع جديد في المنطقة بأكملها»، بحسب تحذيرات الخبير العسكري والاستراتيجي المصري.