مصدر الصورة، رويترز
- مؤلف، ماري جوزيه القزي
- دور، بي بي سي العربية
وتشهد العلاقات التركية الألمانية توتراً، بعد استدعاء السفير التركي في برلين رداً على استدعاء نظيره الألماني في أنقرة.
يأتي ذلك على خلفية رفع المدافع التركي ميريح ديميرال لافتة “الذئاب الرمادية” احتفالاً بأحد أهدافه في مرمى النمسا، خلال ربع نهائي كأس أوروبا 2024.
لكن الرئاسة التركية أعلنت أن رجب طيب أردوغان سيحضر مباراة بلاده أمام هولندا، السبت، في برلين، في ربع النهائي.
ونقلت وكالة رويترز للأنباء عن صحف ألمانية قولها إن ديميرال عوقب بالإيقاف عن اللعب لمباراتين متتاليتين، في أعقاب تحقيق فتحه الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) الأربعاء.
وعلقت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فايسر على لفتة ديميرال في منشور على موقع “إكس”، قائلة إن “رمز المتطرفين اليمينيين الأتراك ليس له مكان في ملاعبنا”، مضيفة أن “استخدام كرة القدم الأوروبية كمنصة للعنصرية أمر غير مقبول على الإطلاق”.
ووصفت وزارة الخارجية التركية رد فعل السلطات الألمانية تجاه ديميريل بأنه “معادي للأجانب”.
وقالت “إننا ندين ردود الفعل ذات الدوافع السياسية على استخدام رمز تاريخي وثقافي، بطريقة لا تستهدف أحدا، خلال الاحتفالات السعيدة في حدث رياضي”.
وقال ديميرال، الذي يلعب في صفوف الأهلي السعودي، في تصريحات عقب المباراة، إن احتفاله “بهذه الطريقة لا يحمل أي رسالة (سياسية)، أردت فقط أن أظهر مدى فخري وسعادتي”.
وتزامن احتفال ديميرال مع بدء محاكمة 22 شخصًا في تركيا متهمين باغتيال زعيم الذئاب الرمادية السابق سنان أتيس، الذي قُتل بالرصاص في أنقرة أواخر عام 2022.
مصدر الصورة، وكالة حماية البيئة/وكالة الطاقة الذرية/شاترستوك
تجدد النقاش القديم
وترتبط الإشارة التي لوح بها اللاعب التركي بمنظمة تركية توصف بأنها من أقصى اليمين المتطرف تدعى الذئاب الرمادية، والتي صنفتها فرنسا على أنها “منظمة إرهابية” منذ عام 2020، في حين حظرت النمسا رسم علامتها منذ عام 2019. ويرسم أتباع هذه المنظمة علامة الذئب بأيديهم للإشارة إلى انتمائهم إليها.
نددت تركيا بالتحقيق الذي يجريه الاتحاد الأوروبي لكرة القدم مع لاعب منتخبها الوطني. وأشار بيان صادر عن وزارة الخارجية التركية إلى تقرير صادر عن اللجنة الفيدرالية الألمانية لحماية الدستور، نُشر في سبتمبر/أيلول 2023، والذي خلص إلى أن “ليس كل من يرتدي شارة الذئاب الرمادية يمكن تصنيفه على أنه متطرف يميني”.
وتعتبر المنظمة بمثابة “الفرع الشبابي” والجناح العسكري لحزب الحركة القومية التركي، حليف حزب العدالة والتنمية الحاكم بزعامة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وبحسب وكالة فرانس برس، فإن المنظمة كانت تدعو إلى أفكار متطرفة واستخدمت العنف خلال ثمانينيات القرن الماضي ضد الناشطين اليساريين والأقليات العرقية في تركيا.
من جهتها، ذكرت وكالة رويترز أن التنظيم شارك في أعمال عنف سياسي بين اليساريين والقوميين، أدت إلى مقتل نحو 5 آلاف شخص قبل انقلاب 1980 في البلاد.
وتُتهم المنظمة أيضًا بتنفيذ أعمال عنف أخرى منذ تأسيسها.
كانت المرة الأخيرة التي احتلت فيها التحية ألمانيا إلى هذا الحد في عام 2018، بعد أن قال المشرعون الألمان من الحزب الديمقراطي المسيحي إنهم يخططون لتقديم تشريع يحظر رموز الذئاب الرمادية، وتحديدًا تحية اليد، لأنها “تذكرنا بالتحية النازية”.
وقال السياسي الديمقراطي المسيحي كريستوف دي فريس لصحيفة بيلد الألمانية في ذلك الوقت: “أي شكل من أشكال الفاشية غير إنساني ويشكل تهديدًا لمجتمعنا الليبرالي”.
ماذا تعني علامة الذئب في تركيا؟
مصدر الصورة، صور جيتي
واعتبرت وكالة الأناضول التركية، في تقرير إخباري نشرته عن الحادثة، أن الذئب الرمادي “هو إرث تاريخي وثقافي قديم للأتراك”، ملمحة إلى أن الإشارة لا يجب بالضرورة أن تكون مرتبطة بتنظيم “الذئاب الرمادية” الذي أسسه عام 1968 أحمد يغيت يلدريم.
وفي دراسة نشرها معهد الشرق الأوسط عام 2009، للمحاضر في العلوم السياسية أكين أونفر، تحدث الباحث عن معنى “الذئاب الرمادية” في الثقافة التركية، وقال إن الحركات القومية التركية تستخدم الشعار استناداً إلى أسطورة قديمة.
وبحسب أونفر، فإن القصة مرتبطة بوادي خصيب أسطوري في جبال ألتاي في آسيا الوسطى، والذي يحمل قدسية روحية رمزية للأتراك. وتحكي الأسطورة التركية عن أرجينيكون قصة ذئبة تدعى أسينا (صوِّرت على هيئة ذئب رمادي) تساعد القبائل التركية المنعزلة في جبال ألتاي على الوصول إلى سهول أرجينيكون الخصبة، حيث يتمكنون من البقاء على قيد الحياة والبقاء كمجموعة عرقية.
وفقًا لمصادر أخرى، يرمز الذئب الرمادي إلى الشرف في الأساطير التركية القديمة. وتدور الأسطورة حول صبي صغير نجا من هجوم على قريته، حيث وجدته ذئبة وأرضعته حتى تعافى. ثم أنجبت الذئبة عشرة أطفال، نصف ذئب ونصف بشر، من بينهم أشينا، التي أسست عشيرة أشينا التي ينحدر منها الأتراك الرحل.
تحكي أسطورة أرجينيكون عن أزمة كبرى تعرض لها الأتراك القدماء بعد هزيمة عسكرية، حيث استراحوا في وادي أرجينيكون الأسطوري تحت الحصار لمدة أربعة قرون. وفي النهاية تمكنوا من الفرار بفضل حداد أذاب الجبل وفتح ممرًا، مما سمح للذئب الرمادي بقيادتهم إلى الحرية.
وتستخدم العديد من الجماعات اليمينية المتطرفة في تركيا الذئب كرمز في شاراتها.
كيف تتصرف الاتحادات الرياضية في مواقف مماثلة؟
مصدر الصورة، رويترز
اتخذ الاتحاد الأوروبي لكرة القدم إجراءات صارمة ضد سوء السلوك خلال بطولة يورو 2024، كما هو الحال في البطولات السابقة التي نظمها.
خلال البطولة الحالية، تم إيقاف لاعب ألبانيا ميرليند داكو لمباراتين بعد أن قاد الجماهير في ترديد شعارات مسيئة ضد صربيا ومقدونيا الشمالية بعد مباراة بلاده أمام كرواتيا.
وقال الاتحاد الأوروبي لكرة القدم في بيان: “تم إيقاف اللاعب بسبب فشله في الامتثال للمبادئ العامة للسلوك وانتهاك القواعد الأساسية للسلوك اللائق واستخدام الأحداث الرياضية لمظاهرات ذات طبيعة غير رياضية / تشويه سمعة رياضة كرة القدم”.
فرض الاتحاد الأوروبي لكرة القدم غرامة قدرها 47200 يورو على الاتحاد الألباني لكرة القدم بسبب هتافات جماهيره ضد صربيا، والتي تضمنت شعار: “اقتلوا الصرب”.
كما قام بالتحقيق في سلوك لاعب منتخب إنجلترا جود بيلينجهام بسبب إشارة مسيئة غير سياسية قام بها.
كما منع الاتحاد الأوروبي لكرة القدم الصحافي الكوسوفي أرنلد صادقو من تغطية المباريات المتبقية من البطولة، بعدما رد على المشجعين الصرب الذين كانوا يهتفون “كوسوفو هي قلب صربيا” برسم النسر الألباني بيديه.
صربيا لا تعترف باستقلال كوسوفو.
ووقعت حادثة مماثلة في نهائيات كأس العالم 2018 في روسيا، عندما قام لاعبان سويسريان من أصل ألباني، هما جرانيت تشاكا وتشيردان شاكيري، بإشارة النسر خلال مباراة منتخبي بلادهما ضد صربيا.
وبعد ذلك فرض الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) غرامة مالية على اللاعبين بسبب هذا السلوك.