لماذا تتكرر التحذيرات المصرية من غزو رفح الفلسطينية؟
صعّدت القاهرة حديثها عن مخاطر قيام إسرائيل بعملية عسكرية واسعة النطاق في مدينة رفح الفلسطينية جنوب قطاع غزة. وحذر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الجمعة، لليوم الثالث على التوالي، مما وصفه بـ”الخطر الشديد” لغزو المدينة. في غضون ذلك، أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الموافقة على خطط عملية رفح، بحسب ما نقلت وكالة رويترز.
وأصبحت رفح الفلسطينية الملاذ الأخير لسكان قطاع غزة، إذ يسكنها ما يقارب 1.5 فلسطيني فروا من ويلات الحرب المستمرة منذ السابع من أكتوبر الماضي.
وقال السيسي، خلال كلمة ألقاها بمقر أكاديمية الشرطة، إن “مصر تسعى إلى عودة النازحين في وسط وجنوب قطاع غزة إلى أماكنهم، مع تحذير شديد اللهجة من خطورة اجتياح رفح”. إذا كان المجتمع الدولي جادا فإن هناك فرصة لإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 وعاصمتها. القدس”، داعيا المجتمع الدولي إلى “الاعتراف بدولة فلسطين”.
واستنكر الرئيس المصري “بشدة” أعمال القتل والعنف المستمرة منذ أكثر من 5 أشهر في غزة، مشيراً إلى أن “عدد القتلى الفلسطينيين في غزة تجاوز 30 ألف قتيل، معظمهم من النساء والأطفال، إضافة إلى إصابة اثنين من المدنيين”. وأكثر من 70 ألف آخرين». وأشار إلى أن “أكثر من 60 بالمئة من المباني والمرافق والبنية التحتية في قطاع غزة قد دمرت، الأمر الذي يتطلب أموالا ضخمة لإعادة الإعمار”.
وأشار إلى أن “بلاده تسعى إلى إدخال أكبر قدر من المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة”، محذرا من “خطورة عرقلتها واستخدام الغذاء كسلاح ضد المدنيين الأبرياء في القطاع”. وقال: “هناك حاجة لآلاف الأطنان من المساعدات يومياً لتلبية احتياجات غزة، وللحد من تأثير المجاعة التي سبق أن حذرت القاهرة منها”.
وهذا التحذير الثالث على التوالي من الرئيس المصري، إذ قال خلال لقائه وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريز، الخميس، إن اجتياح رفح قد يؤدي إلى “عواقب إنسانية وخيمة”، بحسب بيان. بيان رسمي للمتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية المستشار أحمد فهمي.
وقال السيسي، خلال مؤتمر صحفي مشترك، اليوم الأربعاء، مع رئيس الوزراء الهولندي مارك روتي، إن تنفيذ عملية عسكرية برية في رفح جنوب قطاع غزة “يهدد حياة أكثر من 1.5 مليون نازح لجأوا إلى غزة”. المنطقة.”
حذرت مصر، أكثر من مرة، من تداعيات قيام إسرائيل بعملية عسكرية في مدينة رفح بقطاع غزة، مؤكدة أن عواقب ذلك “ستكون وخيمة”، وطالبت بضرورة توحيد كافة الجهود الدولية والإقليمية. جهود لمنع استهداف مدينة رفح الفلسطينية.
وأشار السيناتور والخبير الاستراتيجي المصري الدكتور عبد المنعم سعيد إلى أن “خطر الغزو الإسرائيلي لمدينة رفح الفلسطينية يكمن في المأساة الإنسانية التي نتجت عنه لأكثر من مليون فلسطيني نزحوا إلى المدينة في ظل الحرب”. وهو ما يعني المزيد من المرضى والجياع والضحايا من النساء والأطفال. ». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لو حدث الغزو فإنه سيشكل عبئاً أخلاقياً شديداً على مصر والعالم».
وأضاف أن “تحذيرات مصر المتكررة من الغزو تتسق مع جهودها لتحقيق هدنة في قطاع غزة، وتوحيد الضفة الغربية وقطاع غزة تحت إدارة السلطة الفلسطينية، والتوصل إلى حل الدولتين لتحقيق الاستقرار”. في المنطقة.”
وأوضح سعيد أن “تنفيذ عملية عسكرية واسعة النطاق في رفح سيوسع الصراع في المنطقة ويزيد من عدم استقرارها”. وتابع: “الوضع معقد للغاية في ظل تعدد الأطراف داخل عملية صنع القرار سواء في إسرائيل أو فلسطين أو حتى الولايات المتحدة، وهو ما يؤدي إلى عدم وضوح الرؤية فيما يتعلق بخطة تل أبيب تجاه إسرائيل”. رفح”.
بدوره، أوضح مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، العميد خالد عكاشة، أن “التحذيرات المصرية المتكررة من تنفيذ عملية عسكرية واسعة النطاق في رفح، ترجع إلى المخاطر الإنسانية التي يشكلها ذلك، خاصة في ظل الظروف الدولية”. تأكيدات بأن المدينة أصبحت الأكثر كثافة سكانية”. .
وقال عكاشة لـ«الشرق الأوسط»، إن «أي عمل عسكري متهور في رفح سيلحق خسائر فادحة بالسكان لا يمكن تحمل عواقبها»، مشيراً إلى أن «مصر حذرت مرات عديدة من غزو رفح، وتعتبره غير مقبول على الإطلاق». “.
وتتزامن التحذيرات المصرية الأخيرة مع تأكيد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نيته دخول مدينة رفح. وقال نتنياهو، خلال لقاء مع جنود إسرائيليين (الخميس)، إن «هناك ضغوطا دولية لمنعنا من دخول رفح واستكمال المهمة».
وأضاف، بحسب بيان صادر عن مكتبه نقلته وكالة الأنباء الألمانية، أنه “يرفض هذه الضغوط وسيواصل ذلك”. وتابع: “سوف ندخل رفح، وسنكمل مهمة القضاء على كتائب حماس، وسنعيد الأمن، وسنحقق النصر الكامل لشعب ودولة إسرائيل”.
لكن عكاشة رجح أن “إسرائيل لن تقوم بعملية عسكرية واسعة النطاق في رفح”. وقال إن “تل أبيب لن تقوم بهذه الخطوة، ليس للخضوع للجانب المصري، بل أيضا لوجود ضغوط دولية وأميركية تطالبها بعدم اجتياح رفح”، لافتا إلى أن “هناك تصريحات أميركية تتحدث عن دعم دقيق”. عمل عسكري لملاحقة قادة حركة حماس، وليس عملية عسكرية واسعة النطاق”. ».
وأضاف أن “المواقف الدولية ومعارضة أطراف داخل إسرائيل، بالإضافة إلى الموقف المصري الصلب الرافض للغزو، كلها تدفع في اتجاه عدم تنفيذه”. وأشار إلى أن “تهديد إسرائيل بعملية عسكرية يأتي بمثابة ضغط في المفاوضات الجارية لاستكمال التهدئة، لكنها لن تنفذ تهديدها وستكتفي بعمليات محدودة بما يضمن عدم التورط في خسائر بشرية”. “.
وسبق أن حذرت منظمات إنسانية ودول عربية من تداعيات الهجوم الإسرائيلي المحتمل على مدينة رفح.
وعقد وزير الخارجية المصري، سامح شكري، خلال مشاركة وزير الخارجية المصري، في الدورة الستين لمؤتمر ميونيخ للأمن، منتصف شهر فبراير الماضي، عدة لقاءات بهدف رفض استمرار التصعيد في قطاع غزة. واعتبرها مراقبون محاولة “لحشد الدعم الدولي لاستباق التحركات الإسرائيلية نحو رفح”.
وعن المخاوف التي يثيرها غزو رفح من دفع الفلسطينيين نحو سيناء، قال سعيد: “التهجير مرفوض سواء على مستوى مصر أو السلطة الفلسطينية أو عدة دول في العالم”. وأعرب عن اعتقاده أنه “لن يكون هناك نزوح جماعي سواء إلى سيناء أو عبر الميناء المؤقت الذي يتم إنشاؤه حاليا، لأن الجميع لا يريد تكرار سيناريو النكبة”.
وسبق أن أعلنت مصر ودول عربية عدة أكثر من مرة رفضها لتهجير الفلسطينيين داخل أراضيها أو خارجها، وتعتبره “تصفية القضية”.