أعاد رواد مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، خلال الأيام القليلة الماضية، تداول منشورات وتغريدات سابقة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تضمنت وعودا بالتقدم السياسي والاقتصادي والاجتماعي في البلاد، وهو ما لم يتحقق وفق كافة المؤشرات. .
وصاحبت الحملة على مواقع التواصل الاجتماعي حالة من السخرية عندما قارن الناشطون خطاب السيسي بالواقع اليوم في مصر، ليتبين بعدها حذف بعض أبرز المنشورات من الصفحات الرسمية للسيسي، قبل أن يعود بعضها مرة أخرى.
لقد كسرت حاجز الخوف
وقالت أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، سيلفيا هاني، لموقع الحرة، إن ما يحدث يعد تغييرا جذريا في المجتمع المصري، الذي يدرك أفراده جيدا خطورة ما يفعلونه حاليا، ومن خلال ذلك أقصد انتقام السلطات مما قد يؤدي إلى أحكام بالسجن، خاصة أنه من الممكن العثور عليهم”. بسهولة من خلال صفحاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي.
وأضافت: “من المفترض أن تدق هذه الحملة ناقوس الخطر للنظام، لأن وصول المصريين إلى هذه المرحلة من كسر حواجز الخوف والصمت يعني تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي إلى درجة أشعلت الغضب بشكل كبير، وهو ما النظام الحالي غير معتاد على ذلك.”
وتابعت: “علم الاجتماع يرى ويحلل مثل هذه الظواهر البسيطة مثل الشعور الكبير بالظلم لدى أفراد المجتمع. ويمكن بسهولة أن تكون الفتيل الذي يشعل موجات الاحتجاجات والثورات، ولكن عندما تكون الأزمة دون هدف أو رؤية واضحة، فإنها قد تحدث”. مدمرة لشعبها ومجتمعها.”
وأشارت إلى أنه “بالنظر إلى محتوى المنشورات التي تداولها الناشطون نجد أنها ليست عشوائية ولا تهدف فقط إلى السخرية والسخرية، بل هي منتقاة بعناية وكل واحدة منها تلامس الخلل الواضح بين الوعود وما يعانيه الناس بشدة حاليا في مصر”.
وشدد أستاذ علم الاجتماع على أن «الاعتماد على الحلول الأمنية لن ينجح»، داعياً إلى «تغيير السياسات الاقتصادية من جذورها».
وتحدثت أبرز المنشورات المتداولة عن وعود اقتصادية، مثل تغطية احتياجات مصر من الغاز والكهرباء، وتحديدا بعد فترة انقطاع خلال فترة الانقطاع في عهد الرئيس السابق محمد مرسي، فضلا عن استمرار دعم أسعار الخبز والنقل.
كما أشارت منشورات أخرى إلى أهمية الصدق والشفافية لضمان نجاح الناس، وسلطت أخرى الضوء على الحوار السياسي وضرورته. وقال إنه “سيترك منصبه إذا قرر الشعب ذلك”، كما أنه “لن يهدر مياه النيل أو أي شبر من أرض مصر”.
وقال نشطاء إن السيسي حذف منشورات على فيسبوك وتركها على منصة “إكس” في ارتباك من رأس النظام المصري. وأرجع البعض ذلك إلى الانتشار الكبير لفيسبوك على باقي المنصات.
وبحسب التدقيق الذي أجرته منصة “متصدقش”، تبين اختفاء عدد من المنشورات على فيسبوك من الصفحة الرسمية للسيسي. ويظهر البحث عن نص المنشور على جوجل في نتائج صفحة الرئيس السيسي على فيسبوك، ولكن عند فتح رابط المنشور تظهر رسالة تفيد بأن المحتوى “غير متاح في “في الوقت الحالي”، بما في ذلك، على سبيل المثال، منشور يعود تاريخه إلى أبريل/نيسان 2017 قال فيه الرئيس: “لن أتخلى عنك إلا إذا كانت هذه هي رغبتك”.
كما قامت صفحة السيسي على فيسبوك بحذف/حجب منشور آخر يعود تاريخه إلى يناير/كانون الثاني 2018، قال فيه الرئيس: “لن يتم إلغاء البطاقات التموينية و#دعم_الخبز، واحذروا الشائعات ومن يجعلكم تشكون في أنفسكم ودولتكم”.
قامت الصفحة الرسمية للرئيس على فيسبوك بحذف/حجب منشور يعود تاريخه إلى أبريل/نيسان 2017، قال فيه السيسي: “الدين العام قفز من 700 مليار جنيه إلى 3.4 تريليون جنيه”. ويظهر المنشور على صفحة الرئيس في نتائج جوجل، لكن عند فتح رابط المنشور تظهر رسالة تفيد بأن المحتوى “غير متوفر في الوقت الحالي”.
أعظم دليل على الحرية
وقال أستاذ الاقتصاد محمد عبد المولى لموقع الحرة إن “ما يحدث هو أكبر دليل على مدى الحرية التي يعيشها الشباب حاليا، ووعي الدولة بحجم مسؤولياتها وإخفاقاتها”.
وأضاف: “يمكن للناس بسهولة أن ينتقدوا الحكومة ويسخروا من الوضع الاقتصادي، لكن صناع القرار يتصرفون بطرق أخرى، لأن دولة بحجم مصر تواجه حاليا تحديات كبيرة لا تحتمل النكات”.
وتابع: “الرئيس قال أكثر من مرة إنه لا يمكن لأحد أن يحمل هذا العبء (يقصد حكم مصر) بمفرده، وعلينا أن نتكاتف جميعا لعبور مصر إلى بر الأمان”.
وهاجم الخبير الاقتصادي حملة مواقع التواصل الاجتماعي، قائلا: “بدلا من تركيز الجهود على مثل هذه الأمور التي لن تحل أزمات مصر، يجب أن نعمل ونطور بلدنا”.
وأضاف: “ما يحدث يفتقر إلى الشعور بالمسؤولية الوطنية، خاصة في ظل ما تعانيه مصر على كافة حدودها، من حرب غزة، إلى حرب السودان، إلى التوترات في ليبيا، وأخيرا ما يحدث في ليبيا”. قناة السويس التي منعت مرور 47% من السفن عبرها، وتعثرت”. السياحة والاقتصاد.
وأشار إلى أنه “على الحكومة إشراك مختلف شرائح المجتمع بشكل أكثر انتظاما وفعالية في الحوار المجتمعي البناء، حتى لا تتسع الفجوة بين الطرفين، وحتى يدرك أفراد المجتمع حجم التحديات التي تواجه الحكومة و الحلول المتاحة.”