أفادت صحيفة نيويورك تايمز أن الجانب الفلسطيني من معبر رفعت الحدودي بين قطاع غزة ومصر غارق في حالة من الفوضى، وسط محاولات مواطنين أجانب الفرار من الحرب بين إسرائيل وحماس.
يوم الاثنين، حمل العشرات من الأشخاص حقائب وأكياس قمامة مملوءة بما يمكنهم حمله من أغراض شخصية إلى معبر رفح، ليجدوا أن بوابات الجانب الفلسطيني مغلقة، وأنهم عالقون في انتظار الجهود الدبلوماسية المتعثرة.
وبحسب الصحيفة نفسها، فإن السفارة الأمريكية في القدس أرسلت بريدًا إلكترونيًا إلى المواطنين الأمريكيين المحاصرين داخل قطاع غزة، تقترح عليهم التوجه إلى الحدود مع مصر.
لكن المحادثات الدبلوماسية التي جرت نهاية الأسبوع الماضي لفتح المعبر أمام الرعايا الأجانب لم تسفر عن أي نتائج ملموسة.
تحذيرات من كارثة إنسانية في غزة.. والجهود الأميركية تسابق الزمن
أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الثلاثاء، أن الولايات المتحدة وإسرائيل اتفقتا على وضع خطة تسمح بوصول المساعدات إلى المدنيين في غزة، ما قد يخفف القلق الدولي من كارثة ستحل بسكان غزة الذين يفتقرون إلى مقومات الحياة الأساسية بسبب القصف الإسرائيلي العنيف.
وكان المعبر مغلقا قبل أيام، بعد تعرضه لقصف إسرائيلي وسط غارات جوية إسرائيلية على قطاع غزة منذ شن حماس هجوما غير مسبوق على إسرائيل.
مهندس برمجيات يدعى فاضل وحيد، نزح مع عائلته من مدينة غزة شمالاً إلى خان يونس جنوباً قبل أيام، لكنهم لم يتمكنوا من العثور على مكان للإقامة.
يقضي الرجل الليلة مع اثنين من أطفاله في سيارتهم المتوقفة، بينما ينام طفلاه الآخران وزوجته ووالده في شقة صغيرة مع العشرات من أقاربهم.
وقال وحيد في مداخلة هاتفية مع الصحيفة الأمريكية: “المال ليس له قيمة. سيكون هناك صراع كبير على الماء والغذاء وحتى الدواء خلال يومين”. وأضاف: “أنا أتضور جوعاً ومنهاراً ومرهقاً وعاجزاً”.
من جهته، عندما تمكن وحيد (33 عاماً) من شراء المعكرونة من أحد المتاجر، اضطر هو وعائلته إلى تناولها جافة بسبب عدم توفر الغاز لغلي الماء.
وسمح له سائق شاحنة المياه بشرب بضع جرعات من الخزان عبر الصنبور، لكنه رفض أن يبيعه الماء. كما أنه لم يغير ملابسه منذ أيام.
ويعتبر معبر رفح المنفذ الوحيد لقطاع غزة غير الخاضع للسيطرة الإسرائيلية إلى العالم الخارجي، ويتطلب عبوره عادة تصاريح ودفع مبالغ مالية.
وأعلنت الولايات المتحدة التوصل إلى اتفاق لخروج مواطنيها من غزة، السبت، عبر معبر رفح، لكن مصر أبقت على المعبر مغلقا وقالت إنه “لا يمكن استخدامه إلا لعبور الأجانب”.
وفي 7 أكتوبر/تشرين الأول، شن مسلحو حماس هجوما على إسرائيل استهدف مدنيين، بالإضافة إلى مقرات عسكرية، وأدى إلى مقتل مئات الأشخاص واختطاف العشرات، معظمهم من المدنيين، بينهم أطفال ونساء.
وقالت هيئة الإذاعة العامة الإسرائيلية إن عدد القتلى الإسرائيليين نتيجة هجوم حركة حماس، المصنفة كمنظمة إرهابية، ارتفع إلى أكثر من 1400 شخص.
كما أدى الرد الإسرائيلي الذي استهدف مناطق واسعة من قطاع غزة إلى مقتل المئات، معظمهم من المدنيين، بينهم أطفال ونساء.
وبحسب آخر حصيلة نشرتها وزارة الصحة في غزة، استشهد 2750 فلسطينيا نتيجة الغارات الجوية الإسرائيلية على القطاع، والتي استمرت منذ شنت حركة حماس هجومها على إسرائيل.
“قنبلة موقوتة”
وقطعت إسرائيل إمدادات الوقود عن القطاع الأسبوع الماضي، ولم يعد هناك ما يكفي لتشغيل محطة الكهرباء الوحيدة في غزة، مما أدى إلى إغلاق محطات تحلية المياه وتضاؤل الإمدادات.
وأكدت إسرائيل، الإثنين، أنه “لن تدخل أي هدنة حيز التنفيذ” للسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، فيما حذرت منظمة الصحة العالمية من “كارثة حقيقية” على المستوى الإنساني “خلال الـ 24 ساعة المقبلة”.
وكان الجيش الإسرائيلي قد دعا سكان شمال غزة، حيث يعيش نحو 1.1 مليون نسمة، إلى التحرك نحو جنوب القطاع، وحثهم، السبت، على “عدم التأخير”.
محمد شريف 42 عاما، الذي فر من مدينة غزة إلى منزل أحد الأصدقاء في الجنوب، قضى 5 ساعات في البحث عن وقود لضخ المياه إلى خزانات منزل صديقه، دون أن يجد شيئا.
وقال في مكالمة هاتفية مع الصحيفة: «سأضطر إلى المخاطرة مرة أخرى غدًا».
وفي ظل القصف الإسرائيلي ودعوات الجيش لإخلاء شمال غزة، نزح أكثر من مليون شخص خلال أسبوع في القطاع المحاصر الذي تبلغ مساحته 362 كيلومترا مربعا ويسكنه 2.4 مليون نسمة.
اتفاق أميركي إسرائيلي على وضع خطة لوصول المساعدات إلى غزة
قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، اليوم الثلاثاء، إن الولايات المتحدة وإسرائيل اتفقتا على خطة تسمح بوصول المساعدات إلى المدنيين في غزة.
وقال محمود الديب، وهو مواطن بريطاني من أصل فلسطيني، إن والديه – وهما بريطانيان أيضًا في أواخر الستينيات من العمر – عالقان في غزة، وحاولا عبور الحدود إلى مصر مرتين دون جدوى.
وأضاف الديب أن والديه “كانا يقيمان مع 15 عائلة أخرى في منزل جنوب القطاع، ولم يكن لديهم الأدوية اللازمة لحالتهم الصحية”.
وقال الديب (30 عاما) الذي يعيش في لندن: “كل مكالمة أو رسالة نصية أتلقاها أتوقع نوعا من الأخبار السيئة”.
وأضاف “سواء كانت غارة جوية أو غزو بري أو صحتهم، فلن يأخذني أي من ذلك من والدي”، واصفا تلك المكالمات أو الرسائل بأنها “قنبلة موقوتة”.