السبت, مارس 22, 2025
الرئيسيةأخبار دولية"وزير الخارجية" الأوروبي يطرح مقترحات بخصوص غزة ما بعد الحرب

“وزير الخارجية” الأوروبي يطرح مقترحات بخصوص غزة ما بعد الحرب

حرب غزة.. حماس تخوض حربا وجودية وإسرائيل تخشى جبهات أخرى

في الحروب العسكرية، يجب ربط السياسة بالإدارة العسكرية. السياسة هي التي تحدد الأهداف الكبرى، ضمن استراتيجية كبرى. وتنتقل هذه الأهداف إلى المؤسسة العسكرية التي تطور استراتيجيتها العسكرية لتنفيذ الأهداف السياسية. وعليه فإن القوى السياسية المعنية مطالبة بتوفير الوسائل اللازمة للتنفيذ. وإذا لم يكن من الممكن توفير كافة الإمكانيات، فلا بد من تعديل الخطة العسكرية لتتناسب وتتناسب مع ما هو متاح. ومن هنا يبرز المبدأ الذي يقول: “الاستراتيجية هي عملية ربط الأهداف بالوسائل، بشرط تحقيق التوازن والتناسب بينهما”. كلما عظمت الأهداف كلما عظمت الوسائل، والعكس صحيح.

الحرب على غزة

ويمكن القول إن ما حدث يوم 7 أكتوبر لا يصنف على أنه تهديد وجودي مباشر لإسرائيل. ويمكن وصفه على النحو التالي: إنه أكثر من مجرد خطر عادي، كما كان الحال في حروب إسرائيل ضد حماس منذ عام 2009. لكنه بالتأكيد أقل من مجرد خطر وجودي مباشر. لكن في حال التكرار، وفقدان إسرائيل نظام الردع لديها، يمكن القول إن إسرائيل قد تختفي، ولكن تدريجياً، وضمن مقولة «الموت بألف طعنة». هذا بالنسبة لإسرائيل. أما حركة حماس فهي الآن تخوض حرب حياة أو موت. إنها حرب وجودية، حتى لو كان البعض يعتقد أن الأيديولوجيا لا تموت أبدا. ما فائدة الأيديولوجيا إذا لم تتجسد فعلياً على الأرض؟

انطلاقاً من هذا الإطار العقلي، قد يكون من الممكن رصد وفهم سير المعارك على الأرض، على المستوى الاستراتيجي والعملياتي وحتى التكتيكي.

حرب الأنفاق في قطاع غزة

من جانب حماس

وتتركز المعارك حاليا في شمال وجنوب مدينة غزة. الهدف دائمًا هو محاصرة المدينة من قبل الجيش الإسرائيلي. لذلك يمكن القول، وفق المنطق العسكري، إن حماس خططت لهذا السيناريو قبل تنفيذ مفاجأة 7 أكتوبر، واستعدت له. ولذلك فإن حماس تتبنى النهج التالي:

* تأخر القتال في شمال المدينة حيث الأراضي زراعية وتستطيع الدبابات الإسرائيلية المناورة فيها بسهولة. ولذلك، لم تخصص حماس الكثير من قواتها للدفاع عن هذه المنطقة. لقد اعتمدت المبدأ القائل: القتال لكسب الوقت، وإرهاق العدو، والتخلي عن المساحة عند الضرورة القصوى، مع إمكانية ضرب مؤخرة العدو بعد تقدمه، باستخدام الأنفاق، التي يتركز معظمها وتوجد في الشمال. قطاع غزة. كل هذا مع احتمال مواصلة إطلاق الصواريخ على إسرائيل.

* استدراج الجيش الإسرائيلي إلى داخل مدينة غزة، وإجباره على القتال من شارع إلى آخر، ومن منزل إلى آخر، باستخدام الأنفاق وبطاقة الرهائن.

* الهدف دائماً هو كسب الوقت، وإرهاق الجيش الإسرائيلي، ومنعه من الاستفسار عن الأهداف ذات القيمة الاستراتيجية. هذا مع العلم أن صعوبة جمع المعلومات من قبل الجيش الإسرائيلي عن حركة حماس تكمن في التحولات والتغيرات السريعة والمفاجئة التي يشهدها مسرح الحرب. بعد كل تقدم إسرائيلي، وبعد كل غارة، يتم خلط أوراق المخابرات.

*وأخيراً وليس آخراً، لأن «حماس» تخوض حرباً وجودية، حيث كل موازين القوى لصالح إسرائيل، فيكفي لحركة «حماس» اليوم أن تستمر، بأي شكل من الأشكال، ضمن مبدأ “حماس تربح إذا لم تخسر”.

القوات الإسرائيلية تشارك في الهجوم على غزة (الجيش الإسرائيلي – رويترز)

ومن جانب إسرائيل

وتخوض إسرائيل حربها ضمن القيود التالية: – الوقت المتاح لها دولياً، وخاصة من أمريكا. سلامة الرهائن. التكلفة اللازمة لتحقيق الأهداف العسكرية. وأخيراً، الخطر يكمن في إمكانية فتح جبهات أخرى، خصوصاً من لبنان. ولذلك، فإن إسرائيل تنتهج النهج التالي:

* تقسيم القطاع بين الشمال والجنوب مع محاولة إفراغ الشمال من سكانه لتسهيل العملية العسكرية. السعي لضرب مركز ثقل حركة حماس سواء كان بشرياً أو حتى مادياً.

* تسعى إسرائيل إلى قتل أكبر عدد ممكن من مقاتلي حماس، خاصة قادة العمليات الذين يتم الاعتماد عليهم في إدارة القتال تكتيكياً. وذلك مع العلم أن القادة رفيعي المستوى، التكتيكيين والعملياتيين، هم قادة لا يتواجدون عادة في ساحة المعركة المباشرة، وبالتالي تتضاءل أهميتهم على الأرض، حتى في إدارة القتال. وهكذا يصبح المقاتل العادي، إلى جانب رئيسه المباشر، العامل الأساسي في الصمود أو النصر أو الهزيمة. لكن الصعوبة بالنسبة لإسرائيل، في هذا البعد، تكمن في عدم القدرة على قياس النجاح.

* القوات الإسرائيلية تناور وتتقدم حتى تواجه مقاومة معينة. ومن ثم تنسحب هذه القوات لطلب الدعم الناري، سواء كان مدفعياً أو صاروخياً أو حتى من سلاح الجو. ومن هنا درجة الدمار الكبيرة في قطاع غزة. ولذلك فإن مناورة وتنقل القوات الإسرائيلية هي العامل الأهم في تجنب الخسائر البشرية.

* القوات الإسرائيلية التي تحاول تطويق مدينة غزة ليست قوات كافية لدخول المدينة والقتال هناك. ماذا يعني هذا؟

* قد تطلب إسرائيل قوات إضافية من أماكن أخرى لتعزيز القوات الداخلة إلى المدينة. ويبقى السؤال: على أي جبهة؟ هل ستدخل وبأي ثمن؟ في عام 2014، قدّر الجيش الإسرائيلي التكلفة البشرية لجنوده الذين يدخلون قطاع غزة بأكمله بما يتراوح بين 500 إلى 1000 جندي.

* قد تعتمد إسرائيل التكتيك التالي: بعد تطويق المدينة بالكامل، العمل على جمع استعلامات دقيقة حول كل ما يتعلق بـ”حماس”، وتصنيف الأهداف ذات القيمة الاستراتيجية الكبيرة، وبالتالي عزل الهدف، ضمن ما يسمى بحرب المدن “حصار صغير”. (حصار صغير). بعد العزلة، حاول تدمير الهدف باستخدام السرعة وعنصر المفاجأة. وهذا ما يسمى “المفاجأة التكتيكية”.

في الختام، هذه هي استراتيجيات الصدام بين حماس من جهة، والجيش الإسرائيلي من جهة أخرى. حتى الآن التكلفة مرتفعة على حد سواء. وفي الوقت نفسه بدأت عجلة الدبلوماسية جنباً إلى جنب مع المدفع، ولكن مع ميزة المدفع.. حتى الآن.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -

الأكثر شهرة

احدث التعليقات