كيف تقف وسائل التواصل الاجتماعي ضد “طوفان الأقصى”؟
“ما نكتبه لا يصل.” بهذه الكلمات عبرت الصحفية الفلسطينية نسرين الرزاينة عن حذف ما تكتبه على صفحتها على فيسبوك، بعد أن بدأت بنقل ما يحدث في وطنها منذ شنت إسرائيل هجومها على غزة ردا على هجوم حماس. “حماس” أطلقت على نفسها اسم “طوفان الأقصى”.
وقالت الرزاينة لـ«الشرق الأوسط» إن المحتوى الفلسطيني يتم حذفه، ولا تصل منشوراتها إلى المتابعين أو ما يسمى «عدم الوصول»، خاصة صور الأطفال الذين يتعرضون للعنف من قبل الجيش الإسرائيلي. وأكدت في الوقت نفسه أنها تلقت رسائل من الموقع تفيد القيد.
ونشر متابعون على فيسبوك وإنستغرام الأسبوع الماضي انتقادات للمنصات المملوكة لشركة ميتا بشأن حذف محتوى يدعم القضية الفلسطينية، حيث أصبحت ساحات لتشكيل الرأي العام. ونشر عدد من المتابعين، خلال اليومين الماضيين، رسالة نسخة متداولة تشير إلى فقدان الكثير من منشورات الأصدقاء، ويطالبون بتعديل خوارزميات فيسبوك، وجاء فيها: «(فيسبوك) لا يظهر لي إلا الأصدقاء الذين يختارهم، ولسنا بحاجة إلى (الفيسبوك) في اختيار أصدقائنا، ويمكننا أن نتجاوز سياسته في الرقابة والتنظيم.
ذكرت تقارير إعلامية أنه تم إخفاء وسوم مرتبطة بـ”حماس” و”طوفان الأقصى”، في وقت ارتفعت حصيلة القتلى في قطاع غزة، جراء القصف الإسرائيلي، إلى 2215، بينهم 724 طفلا، بحسب ما ذكرته وسائل الإعلام. بحسب آخر حصيلة أعلنتها وزارة الصحة التابعة لحركة حماس. “، صباح السبت.
واجه أنس القصاص، الخبير في الشؤون الدولية والاستراتيجية وقضايا الصراع الدولي، قيودا على حسابه على فيسبوك في الأيام الأخيرة بعد نشر رابط لخبر من مجلة بوليتيكو حول أخبار كاذبة بشأن العدوان الإسرائيلي على غزة. وقال القصاص لـ«الشرق الأوسط»: «وصلتني رسالة. التقييد لمدة يومين … الخوارزميات مجنونة.
ورغم ذلك، حاول الباحث تجنب نشر أي معلومات أو منشورات، حتى لو كانت صحيحة، لدعم القضية لتجنب إيقاف حسابه على منصة فيسبوك. ويوضح: «حتى البيانات الرسمية التي يحاول فيسبوك تقييدها، إضافة إلى أن هناك منشورات لي تنال… إعجابين فقط، وهذا ليس هو القاعدة».
ويعتبر الباحث السياسي أن هذا القيد يقلل من احترام منصة فيسبوك لمتابعيها، لافتا إلى أنه دليل على ازدواجية المعايير في السماح بنشر محتوى يروج لوجهة النظر الإسرائيلية. وقال: “لدي حساب على (الفيسبوك) منذ 16 عاما، ولم يحدث هذا الحظر من قبل”. ».
ندى الشبراوي، مدونة فيديو تنشر محتوى يتعلق بالكتب على منصات مختلفة تحت اسم قناة «دودة الكتب»، قالت لـ«الشرق الأوسط» إنها رفعت فيديو على منصة «إنستغرام» يتناول القضية الفلسطينية. وتم حذف الفيديو 3 مرات، وتم إيقاف الصوت، مضيفة أنها حاولت مرة أخرى نشر الفيديو.
وفي سياق متصل، حاولت «الشرق الأوسط» نشر رابط لموضوع يتعلق بالأطفال في الحرب على منصة إنستغرام، فظهرت رسالة تقول: «نمنع أنشطة معينة لحماية مجتمعنا».
* إجراءات.. أم وقاية؟
قالت شركة التكنولوجيا الأمريكية العملاقة ميتا، والتي تمتلك موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، إنها ستتخذ إجراءات إضافية ضد نشر محتوى غير قانوني ومضلل على الإنترنت، وذلك عقب بدء الصراع في غزة.
وقالت ميتا، أمس (الجمعة)، في بيان نقلته وكالة الأنباء الألمانية، إنه في الأيام الثلاثة الأولى التي أعقبت هجوم مقاتلي حماس، قامت الشركة «بحذف 795 ألف محتوى أو صنفتها على أنها مزعجة» باللغتين العبرية والعربية لانتهاكها قواعدها. السياسات والتوجيهات. . وأوضح ميتا: “مقارنة بالشهرين السابقين، في الأيام الثلاثة التي تلت 7 أكتوبر، قمنا بحذف محتوى أكثر 7 مرات يوميًا لانتهاكه سياسة المنظمات والأفراد الخطرين باللغتين العبرية والعربية فقط”.
وأضافت ميتا أنها حذرة بشكل خاص فيما يتعلق بمنصات فيسبوك وإنستغرام، حيث هددت حماس بعرض الرهائن على هاتين المنصتين. وقالت الشركة إنها فرضت قيودًا على بعض المستخدمين الذين انتهكوا سابقًا سياسات المنصة.
وفي سياق متصل، أعلنت منصة “X” المملوكة لإيلون ماسك، أنها أزالت أو صنفت “عشرات الآلاف” من المنشورات في الأيام التي تلت هجوم حماس على إسرائيل. وكتبت الرئيسة التنفيذية للشركة، ليندا ياكارينو، في رسالة مؤرخة يوم الأربعاء؛ وردا على انتقادات الاتحاد الأوروبي بهذا الخصوص: “منذ الهجوم الإرهابي على إسرائيل، اتخذنا إجراءات لإزالة أو تصنيف عشرات الآلاف من المنشورات”. وكانت الرسالة موجهة إلى مفوض الاتحاد الأوروبي للسوق الداخلية تييري بريتون، الذي انتقد ماسك على وسائل التواصل الاجتماعي يوم الثلاثاء.
وفي رسائل أرسلها، الثلاثاء، إلى ماسك ومارك زوكربيرغ، الذي تضم مجموعته “ميتا” منصتي “فيسبوك” و”إنستغرام”، طالب بروتون بتقديم تفاصيل خلال 24 ساعة حول كيفية إزالة “المحتوى غير القانوني والمعلومات الكاذبة”. من منصاتهم بما يتوافق مع القانون. الخدمات الرقمية الجديدة للاتحاد الأوروبي، بحسب وكالة فرانس برس.
وعلى الرغم من هذه “الإجراءات” التي اتخذتها المنصات الرقمية، ذكر تقرير لوكالة فرانس برس أن حجم المعلومات المضللة وسرعة انتشارها عبر الإنترنت في أعقاب الصراع المستمر منذ أسبوع لم يسبق لهما مثيل. وذكرت الوكالة أن الخبراء قالوا إن هذا الصراع بين إسرائيل وحماس يقدم دراسة حالة قاتمة عن تضاؤل قدرة المنصات البارزة مثل فيسبوك وإكس على مكافحة المعلومات الكاذبة.
* خوارزميات متحيزة
إلى ذلك، يقول عمرو العراقي، عضو هيئة التدريس في كلية الشؤون الدولية والسياسة العامة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، إن التضييق على المحتوى المتعلق بالقضية الفلسطينية يعبر عن انحياز أيديولوجي واضح من جانب هذه المنصات. واصفا حركة حماس بأنها حركة إرهابية تواجه جيشا نظاميا وهو… الجيش الإسرائيلي. وأضاف العراقي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن هذا القيد يؤكد أن هذه المنصات ليست مصدرا جيدا للمعلومات، خاصة في أوقات الأزمات والصراعات، وتتأثر أيضا بالاستقطاب السياسي.
ويقول العراقي أن الخوارزميات تشبه المعادلة الرياضية. ومن يدخل مدخلاتهم ويحدد شروطهم سيكون وفق انحيازاته، مضيفاً أن منصات مثل “فيسبوك” ليست منصات محايدة، وأن الأزمة الحقيقية هي أن هذه الخوارزميات لا تعمل وفق علاقتنا، ودوائر أصدقائنا، وتحيزاتنا، وبالتالي لم تعد منصات التواصل الاجتماعي بالمعنى الحقيقي. فهو يعبر حرفياً عن تحيز مؤلفيه، الذين سبق أن عبروا عن تحيزهم في الصراع الدائر.
ورصد العراقي، في الأيام الأخيرة، ظهور محتوى كردي في “المقترحات” التي تدعم الرواية الإسرائيلية بشأن العدوان على قطاع غزة، مشيراً إلى أن ذلك جزء من الحرب النفسية التي تمارسها إسرائيل في الفترة الأخيرة لإثارة معنويات جنودها.
ولكن ما هو الحل؟ منصة أخرى؟ رد العراقي على هذا السؤال بالقول إن من حق أي مجتمع إنشاء منصة خاصة به، لكن الأزمة تكمن في الانتشار والتأثير، فـ”فيسبوك” له قيمة سوقية كبيرة، ونموذج ربحي تأسس منذ 20 عاما مضيفاً أن هناك منصات جديدة ظهرت واختفت مؤخراً ولم يتم استقبالها. الاستمرارية التي تلقاها فيسبوك وإنستغرام.