السبت, يوليو 27, 2024
الرئيسيةوظائفماذا نريد بالضبط؟

ماذا نريد بالضبط؟

ومن مفارقات المشهد العراقي أن المسؤولين الذين لديهم وظائف حكومية ورواتب شهرية ينتقدون التعيينات، ويقولون إن الحكومة تثقل الموازنة العامة بتعيين العاطلين، وإذا صحافة العاطلين وملأت ساحات الاحتجاج في بغداد و المحافظات يعودون لمطالبة الحكومة بتلبية المطالب المشروعة وتوفير فرص العمل للشباب، وهذا مثال التعاطي المتناقض مع الأحداث والازدواجية في المواقف ينطبق على كافة القضايا والأحداث التي تجري على الساحة العراقية.

حيث تتقلب الآراء والمواقف حول القضية الواحدة حسب الظروف والاهتمامات، أما القيم والمبادئ فقد وُضعت في تلك الحقيبة مع القبعات والبيريهات، كما تقول الحكاية الشعبية، وتكشف مواقع التواصل الاجتماعي العديد من المواقف المتناقضة شخص واحد وحزب سياسي واحد، حيث الرأي السابق يدحض الرأي اللاحق. وهكذا، بطريقة أصبحت مثيرة للسخرية والدهشة.

والسؤال الذي يطرح بقوة بعد كل حادثة تشغل الرأي العام هو ماذا نريد بالضبط، ولماذا لا نكشف وجوهنا ونعبر عن أنفسنا وتوجهاتنا كما هي، ولا نعلن عكس ما نخفيه؟ عدم وجود هدف محدد يعني دوراناً مستمراً في حلقة مفرغة، وإذا افترضنا وجود اتجاهين متعارضين، فإن مراجعة مواقفهما تكشف أيضاً الانتقائية نفسها، بحسب الأحداث ومدى الاستفادة من الحكومة، مما شوه الصورة. وهزت مصداقية الجميع.

إذ أن فقدان الثبات في المواقف بشأن القضايا المبدئية يثير تساؤلات عميقة داخل المجتمع وشبهات بوجود ما يشبه الخداع واللعب في مجال العواطف والغرائز والمعتقدات، وكأن المطلوب هو العيش في عالم لا نهاية له. طريق الجدل العقيم، والاستثمار في مجالات الخلاف، كلما تباينت المصالح وتغيرت المواقف. وزوايا النظر، حتى أصبح الوضع أشبه بقصة «اللوحة الفارغة» التي وقف أمامه شخص من العوام، مذهولاً ومتأملاً هذا البياض الناصع، والفراغ الواسع، وأسقط عليها الصورة هموم وأحلام وتطلعات بداخله، والأموال التي في جيبه، وقرر أن يشتريها بأي ثمن، وانكشف. تلقى الرسام الإيطالي (سلفاتوري جاروا) الكثير من الانتقادات لبيعه شيئًا غير موجود، لكنه رد بثقة تامة: «عملي الفني ليس شيئًا. بل هو الفراغ، ولا شيء له وزن وطاقة وفقا لمبدأ الشك وعدم اليقين للفيزيائي الألماني هايزنبرغ.

المهم في القصة أن الرسام يبيع ويربح آلاف الدولارات من أفكاره (وحيله)، ولوحة الفراغ وقصة (اللا شيء) ليست الأولى من نوعها، وهي النتيجة لظروف تجعل الإنسان يصدق كل شيء، ويعطي العقل إجازة إجبارية، وقد سبقه رسام إيطالي آخر في قصة مشابهة. باع موزة بمبلغ 120 ألف دولار، بعد أن ألصقها على الحائط بشريط لاصق. وفقًا لهذه الأفكار، يمكن لأي شخص أن ينشر رواية بكتاب فارغ ويطلب من القراء قراءة الكتاب المحذوف. والويل لمن يقول إنه فارغ ولا يساوي فلساً واحداً، خوفاً من اتهامه بعدم فهم هذا النوع من الفن العميق.

………………………………………….. …………………………………………………..
*الآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ الإعلامية.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -

الأكثر شهرة

احدث التعليقات