في مسعى جديد لتثبيت هدنة ثانية في قطاع غزة وإنهاء الحرب المستمرة منذ عشرة أشهر، يجتمع الوسطاء (قطر ومصر والولايات المتحدة) في اجتماع رباعي الأحد في روما بمشاركة إسرائيلية، وسط مخاوف من “تجدد العراقيل الإسرائيلية”. وقد أعد الخبراء العدة لـ”اجتماع روما الرباعي” وسط زخم متزايد وحركة مكثفة في عملية المفاوضات، تشير إلى إمكانية حدوث شيء جديد في مستقبل مفاوضات التهدئة.
ويتوقع خبراء أن يكون اجتماع روما “إجرائيا” ويناقش “الخلافات”، بما في ذلك كيفية إعادة النازحين وفتح معبر رفح لتنفيذ المرحلة الأولى من التهدئة الممتدة لـ42 يوما، من بين ثلاث مراحل تضمنها اقتراح الرئيس الأميركي جو بايدن في مايو/أيار الماضي لوقف إطلاق النار في غزة.
ويجتمع مسؤولون من مصر وقطر والولايات المتحدة وإسرائيل في روما الأحد، “في إطار جهود الوسطاء المستمرة للتوصل إلى اتفاق تهدئة في قطاع غزة”، بحسب ما نقلت قناة القاهرة الإخبارية عن مصدر مصري “رفيع المستوى”. ويبحث الوفد الأمني المصري تطورات مفاوضات التهدئة في قطاع غزة، بحسب المصدر نفسه، الذي أكد إصرار مصر على التوصل إلى صيغة تتضمن أربعة بنود هي “وقف إطلاق النار الفوري، وضمان دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وضمان حرية الحركة للمواطنين في القطاع، والانسحاب الكامل من معبر رفح”.
بلينكن والحركة المكثفة
وذكر موقع “أكسيوس” الأميركي، نقلاً عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين، أن “لقاء روما” سيحضره مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وليام بيرنز، ورئيس الاستخبارات المصرية عباس كامل، ورئيس وزراء قطر محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ومدير الموساد ديفيد برنياع.
وتشير هذه التطورات إلى «نشاط مكثف» على طريق المفاوضات قد يؤدي إلى نتيجة، أو العودة إلى سلسلة جولات جديدة من دون التوصل إلى اتفاق، وسط استمرار الانتهاكات الإسرائيلية، بحسب ما قاله مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير رخا أحمد حسن لـ«الشرق الأوسط».
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، السبت، خلال اجتماع رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) في فيينتيان، إن واشنطن “تعمل بجد كل يوم” للتوصل إلى اتفاق هدنة، بعدما طلب الرئيس الأميركي جو بايدن ونائبة الرئيس كامالا هاريس من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال زيارته لواشنطن تنفيذ الاتفاق في أقرب وقت ممكن ووقف الحرب، قبيل الإعلان عن اجتماع في روما.
شكوك حول النجاح
وفي ظل المواقف الأميركية الضاغطة المتوالية، سواء من بايدن أو هاريس ثم اجتماع روما، يأمل كثيرون أن يؤدي هذا الزخم الكبير إلى اتفاق هدنة جديد، بشرط وجود رغبة إسرائيلية حقيقية في التوصل إلى اتفاق، بحسب خبير العلاقات الدولية عمرو الشوبكي.
ونقل موقع أكسيوس عن مصدر مطلع قوله إن اجتماع روما لن يتضمن “مفاوضات تفصيلية بشأن الفجوات المتبقية، لكنه سيركز في المقام الأول على الاستراتيجية للمضي قدما”. وأضاف المصدر أن “المفاوضين الإسرائيليين لم يكونوا متفائلين بأن يؤدي اجتماع روما إلى انفراجة، وشككوا في أن ضغوط بايدن على نتنياهو أقنعته بتخفيف بعض مطالبه الجديدة الصارمة في الاقتراح الإسرائيلي المحدث”، في إشارة إلى ما قاله مسؤول غربي ومصدر فلسطيني ومصدران مصريان لرويترز يوم الجمعة عن سعي إسرائيل إلى “إدخال تعديلات قد تعقد التوصل إلى اتفاق”.
وكانت أهم التعديلات، بحسب المصادر الأربعة، بنداً تضمن “مطلباً إسرائيلياً بفحص اللاجئين الفلسطينيين عند عودتهم إلى شمال قطاع غزة، خوفاً من أن يكون بينهم مسلحون من حماس أو متعاطفون مع الحركة”، وهو ما ترفضه حماس. وكان بند آخر ينص على أن “يحتفظ الجانب الإسرائيلي بالسيطرة على حدود غزة مع مصر”، وهو ما ترفضه القاهرة باعتباره “خارج أي إطار لاتفاق نهائي يمكن أن يكون مقبولاً من الطرفين”.
الانسحاب الكامل من غزة
ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن مصدر قيادي فلسطيني لم تسمه اليوم السبت قوله إن حماس لا تزال متمسكة بموقفها بشأن ضرورة الانسحاب الإسرائيلي الكامل من غزة، بما في ذلك ممر نتساريم وممر فيلادلفيا، ولن تقبل بأي صيغة جديدة لا تتضمن نصا واضحا حول وقف إطلاق النار.
وإذا لم يتغلب اجتماع روما على عقبات الحكومة الإسرائيلية وشروطها الجديدة، فإن عملية التفاوض ستكون صعبة للغاية، بحسب رخا أحمد حسن، الذي يتوقع ألا يستجيب نتنياهو للموقف المصري -الذي سيضع مطالب القاهرة الأربعة على الطاولة في اجتماع روما- على أمل إطالة أمد المفاوضات إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، رغم أن إسرائيل حققت بعض أهدافها العسكرية، لكنها تريد المزيد على الجانب السياسي.
ومن المتوقع أن يناقش اجتماع روما أيضا نقاط الخلاف في الاتفاق، مثل الانسحاب الإسرائيلي من داخل المدن، واستمرار سيطرة إسرائيل على معبر رفح وتفتيش النازحين، ودور حماس بعد الحرب، بالإضافة إلى نقاط فرعية مثل عدد الأسرى.
ويرى عمرو الشوبكي أن «المطالب المصرية ستنفذ إذا تم التوصل إلى اتفاق، فهي جزء من كل، وإلا فإن نتنياهو يماطل ويستمر في كسب الوقت». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لكن هذه المرة الزخم كبير» نحو إقرار التهدئة في غزة، وبالتالي الفرصة متاحة لإبرام اتفاق وتحقيق اختراق، ولكن «نتعامل معه بحذر» في ظل تكرار هذه المؤشرات مع مسارات تفاوضية سابقة دون التوصل إلى صفقة جدية وحقيقية.