- مؤلف، أحمد الخطيب
- دور، بي بي سي
-
وتشن إسرائيل منذ السبت 7 أكتوبر/تشرين الأول، هجمات على قطاع غزة، هي الأعنف على الإطلاق في تاريخها الممتد على مدى 75 عاما من الصراع مع الفلسطينيين.
يأتي ذلك في إطار الرد على عملية “فيضان الأقصى” التي أطلقتها حركة حماس والفصائل المسلحة من قطاع غزة المحاصر في الساعات الأولى من صباح اليوم السبت نفسه، تاركة الإسرائيليين في “حالة من الرعب”، كما وصفته المجلة البريطانية The Economist.
وتشير التقارير الواردة إلى أن إسرائيل تكثف استعداداتها لغزو بري لغزة. وتصطف المدرعات الإسرائيلية على النقاط الحدودية مع القطاع المحاصر، استعدادًا لمهاجمته.
ونقلت وكالة رويترز عن مصدر أمني إسرائيلي قوله إن “الهجوم البري أصبح الآن حتميا”، بالتزامن مع تصريحات وزير الدفاع يوآف غالانت بأن “هجوما بريا سيأتي لاحقا” في أعقاب الغارات الجوية على القطاع. يجرد.
وإذا قررت القيادة الإسرائيلية القيام بهذا الغزو البري، فلن يكون أمام السكان المدنيين في غزة خيار سوى الفرار باتجاه الحدود المصرية ومعبر رفح.
ما أهمية معبر رفح؟
ويمثل معبر رفح المنفذ الرئيسي والوحيد المتبقي لسكان غزة إلى العالم الخارجي، خاصة بعد أن أغلقت السلطات الإسرائيلية كافة المعابر الستة بين قطاع غزة وجنوب إسرائيل عقب إعلان حركة حماس -التي تسيطر على القطاع- عن بدء عملية التطهير. فيضان الأقصى فجر السبت الماضي.
يعيش حوالي 2.3 مليون شخص في قطاع غزة، ويحيط به البحر وإسرائيل ومصر.
وتسيطر إسرائيل على أجواء غزة وساحلها البحري، بينما تسيطر السلطات المصرية على حركة معبر رفح المؤدي إلى القطاع.
وأشار الخبير الأمني والمستشار بكلية ناصر العسكرية اللواء المتقاعد أحمد كامل، إلى أن اتفاق أوسلو المبرم عام 1993 تضمن بنداً خاصاً بتشغيل معبر رفح، ولم تكن مصر من بين الأطراف الموقعة على تشغيل معبر رفح. المعبر الذي ضم كلاً من الاتحاد الأوروبي، والسلطة الفلسطينية (في قطاع غزة)، وإسرائيل. .
ثم ألغت إسرائيل هذا الاتفاق وقررت أن معبر كرم أبو سالم هو السبيل الوحيد لمرور أي شيء للفلسطينيين.
وبحسب مقطع فيديو، نشره موقع ميدل إيست مونيتور، فإن الجيش الإسرائيلي يقصف مدنيين أثناء فرارهم من غزة باتجاه معبر رفح، كما انتعشت أيضا قافلة مساعدات مصرية كانت في طريقها إلى غزة بعد أن هددت إسرائيل بقصفها إذا واقتربت من قطاع غزة.
وبحسب المستشار أحمد كامل، فإنه من المفترض أن تتعامل مصر مع الأمم المتحدة (وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين – الأونروا)، والتي من المفترض بدورها أن تنسق مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من أجل الضغط على إسرائيل للقيام بذلك. السماح بمرور هذه المساعدات.
بالإضافة إلى ذلك، تسعى مصر إلى وقف مؤقت لإطلاق النار للسماح بدخول المساعدات إلى قطاع غزة وإجلاء المرضى المصابين بجروح خطيرة لتلقي العلاج في المستشفيات المصرية القريبة.
وأشار كامل إلى أنه ليس من الصعب إصلاح الأضرار التي حدثت نتيجة القصف الإسرائيلي على الجانب الفلسطيني من المعبر.
وأكدت مصر عبر وزير خارجيتها سامح شكري، استمرار فتح معبر رفح أمام مرور المواد الإغاثية إلى قطاع غزة في ظل القصف الإسرائيلي العنيف الذي يشهده القطاع.
“تبادل الأراضي”
ومصر هي أول دولة عربية توقع اتفاقية سلام مع إسرائيل. وتوسطت مصر بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في الصراعات السابقة في غزة، وتعمل القاهرة الآن على منع المزيد من التصعيد.
وحذرت مصادر مصرية رفيعة المستوى، في تصريحات لقناة القاهرة الإخبارية التابعة للنظام، من دفع الفلسطينيين العزل باتجاه الحدود المصرية.
وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إن مصر لن تسمح بتسوية القضية على حساب الآخرين، في إشارة إلى دفع الفلسطينيين نحو سيناء من خلال القصف العشوائي للقطاع.
ودعا المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي عبر مواقع التواصل الاجتماعي سكان حي الرمال وسط غزة إلى مغادرة منازلهم بشكل عاجل والتوجه إلى جنوب القطاع، في إشارة ضمنية إلى الحدود المصرية.
وقال اللواء المتقاعد أحمد كامل، إن إسرائيل تسعى منذ فترة طويلة إلى ما يسمى “عملية تبادل الأراضي” في إطار صفقة كبيرة، مؤكدا أن هذا الاقتراح مرفوض تماما من قبل مصر وأنه غير قابل للتفاوض.
وأضاف كامل لبي بي سي: “نؤكد دائما أن قطاع غزة ملك للفلسطينيين، حتى لا تتكرر أخطاء 1948، بما في ذلك تهجير الفلسطينيين من وطنهم إلى دول الجوار، حيث ما زالوا في المخيمات حتى الآن”.
وتابع المستشار في أكاديمية ناصر العسكرية: “إسرائيل تصدر لنا المشكلة، رغم أنها -كدولة احتلال- مسؤولة عن أمن وسلامة السكان الخاضعين لسلطة احتلالها”.
وقال كامل إن “سيناريو اللاجئين مطروح ولكن في حالات الضرورة القصوى وبأعداد قليلة في حال حدوث اجتياح بري لقطاع غزة وتهجير سكانه قسرياً”.
وحذر كامل من أن ذلك يجب أن يكون في معسكرات اللاجئين على الحدود ودون أن ينتشر إلى الأراضي المصرية.
“إجراءات احترازية جيدة”
وأنشأ الجيش المصري ستة مواقع عسكرية جديدة تزامنا مع تصاعد الأحداث في الأراضي الفلسطينية في رفح والشيخ زويد. كما سيّر الجيش دوريات لتمشيط المنطقة الحدودية، مع وضع الوحدات والنقاط العسكرية على الشريط الحدودي والمناطق جنوب رفح في حالة استنفار واستنفار قصوى، بحسب مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان.
ويرى اللواء كامل أن هذه “إجراءات أمنية واحترازية جيدة” يجب على مصر اتخاذها، تحسبا لاحتمال قيام بعض عناصر مقاومة حماس باستغلال الأنفاق والدخول إلى الداخل المصري.
وتستخدم حركة حماس أنفاقا تمتد لمئات الكيلومترات في غزة، وسيكون استهداف مداخل تلك الأنفاق وتفجيرها أولوية للجيش الإسرائيلي، بحسب خبراء عسكريين.
وقال اللواء كامل لبي بي سي: “إن مصر عانت من استغلال الأنفاق، وعمليات تبادل الأسلحة، وتأجيج العمليات الإرهابية التي كانت تجري على الأراضي المصرية من خلال عناصر مسلحة كانت تتواجد في شمال سيناء”.
وعليه، يرى كامل أنه «إذا حدث تهجير قسري للفلسطينيين، فلا بد من تحديد هوية كل من يدخل مصر، وبأي ظروف يدخل، وإلى أين يذهب؟».