مصدر الصورة، رويترز
بائع في منطقة سوق الذهب بالقاهرة، مصر، 8 ديسمبر 2022
- مؤلف، ماري جوزيه القزي
- دور، بي بي سي نيوز عربي – بيروت
ارتفعت أسعار الذهب إلى مستوى تاريخي هذا الأسبوع، ووصل سعره إلى 2179 دولارا للأوقية يوم السبت، لترتفع قيمته بما يقدر بنحو 7 بالمئة خلال فترة لا تتجاوز 30 يوما.
قال الخبير الاقتصادي عامر الشوبكي لبي بي سي، إن المخاطر الجيوسياسية الحالية، مع استمرار الحرب الروسية على أوكرانيا والحرب المستمرة في الشرق الأوسط، والانخفاض المتوقع في أسعار الفائدة على الدولار في الولايات المتحدة، أثرت جميعها سعر الذهب الذي وصل إلى أعلى مستوياته في التاريخ.
ويضيف: “فيما يتعلق بالتوترات في الشرق الأوسط، فإن هذه الظروف عادة ما تدفع المستثمرين إلى شراء الذهب كوسيلة آمنة للتحوط”.
ويؤكد الخبير الاقتصادي أن توقعات خفض الاحتياطي الفيدرالي الأميركي لأسعار الفائدة كان لها “الأثر الأكبر على سعر الذهب، إذ أن العلاقة بينهما عكسية تاريخيا. فعندما ترتفع أسعار الفائدة ترتفع قيمة العملة الأمريكية، وهذا يؤثر سلباً على سعر الذهب فيؤدي إلى انخفاضه، والعكس صحيح.
ويوضح الشوبكي، أن «ما نراه الآن هو نية الاحتياطي الفيدرالي الأميركي البدء بتخفيض أسعار الفائدة خلال الأشهر القليلة المقبلة، مع البيانات الاقتصادية الضعيفة الأخيرة في الولايات المتحدة، التي تشير إلى تراجع قيمة الدولار، وبالتالي ارتفاع قيمة الذهب.”
وإلى جانب البنك المركزي الأميركي، بحسب الشوبكي، يعتزم البنك المركزي الأوروبي أيضا خفض أسعار الفائدة في حزيران/يونيو المقبل.
ويشير الشوبكي إلى أن «نية البنوك المركزية العالمية للتحوط بشكل إضافي على الذهب، ما يؤثر بدوره على سعره».
ويقول إن العديد من البنوك المركزية حول العالم تعرب حاليا عن عزمها شراء كميات أكبر من الذهب، بما في ذلك البنك المركزي الصيني، نتيجة للعوامل التي ذكرتها سابقا واحتمال تراجع سعر الدولار. “
لماذا يعتبر الذهب سلعة مهمة؟
مصدر الصورة، وكالة حماية البيئة-EFE/ريكس/شترستوك
بائع في سوق الذهب بالقاهرة
وقال الشوبكي لبي بي سي إن كيفية قياس سعر الذهب، وهو سلعة “غير قابلة للاستهلاك”، تختلف عن أسعار السلع الأخرى.
ويضيف: “سلعة الذهب تختلف مثلا عن النفط، فعندما يتم إنتاج 100 مليون برميل من النفط يوميا يتم استهلاك هذه الكمية. لكن الذهب يعتبر مخزونا ولا يستهلك، بل يحتفظ به عند الناس”. “
ويتابع: “يقدر المخزون العالمي من الذهب اليوم بـ 230 ألف طن، فيما يقدر الإنتاج العالمي من الذهب سنوياً بـ 3 آلاف طن. ولذلك فإن الذي يؤثر على سعر الذهب هو من يملكه، وليس من ينتجه”.
ويقول: «لذلك فإن أسعار الذهب لا تعتمد كثيراً على مستوى الإنتاج كما يحدث في السلع الأخرى، بل تعتمد أكثر على مشاعر أصحاب الذهب في العالم، سواء فيما يتعلق بالمخاطر الجيوسياسية التي تحث على اقتناء سلعة آمنة». مثل الذهب، أو على اتجاهات أخرى مثل التحوط. في الذهب بسبب التضخم الاقتصادي.
ويشير إلى أن مواطني العديد من الدول التي تعاني من التضخم الاقتصادي، مثل مصر حاليا، يلجأون إلى التحوط بالذهب بدلا من العملات الورقية، خوفا من فقدان أموالهم قيمتها.
ويضيف أن ذلك “يفسر أيضا اختلاف أسعار الذهب من دولة إلى أخرى بحسب المتغيرات، بما في ذلك معدلات التضخم بشكل خاص”.
ولجأت العديد من الدول العربية التي شهدت مؤخرا اضطرابات اقتصادية وانخفاضا في سعر عملتها المحلية، مثل لبنان ومصر، إلى التحوط بالذهب.
يقول الشوبكي: “لم تعد سلعة الذهب في البلاد العربية، كما كانت في الماضي، مجرد حلى ومجوهرات تتزين بها المرأة كأمر ثانوي. بل أصبحت بالنسبة للأسرة العربية سلعة ضرورية للحماية.
ويضيف أن مقدمي الاستشارات الاستثمارية “ينصحون دائما بالحصول على حصة لا تقل عن 20 في المائة من المحفظة الاستثمارية للذهب، وهذه النسبة قد ترتفع في الظروف الحالية إلى 40 أو 50 في المائة”.
هل ستستمر أسعار الذهب في الارتفاع؟
ويقول الشوبكي إن كل التوقعات تشير إلى ارتفاع إضافي في أسعار الذهب في المرحلة المقبلة على المدى القصير والطويل، ويضيف أن الفوارق القائمة لا تتعلق إلا بمدى ارتفاع أسعار الذهب في العقود الآجلة وفي العقود الآجلة. المستقبل القريب.
ويقول إن التركيز يجب أن يكون على “احتمال تخفيض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، وإذا حدثت هذه التخفيضات الثلاثة المتوقعة، فمن المؤكد أن هذا سيرفع سعر الذهب إلى نطاق 2300 دولار للأونصة”.
ويشير إلى أن «هناك من يتوقع مكاسب أكبر لسعر الذهب تصل إلى 3000 دولار للأونصة، إذا قررت البنوك المركزية حول العالم استبدال احتياطياتها من الدولار باحتياطيات إضافية من الذهب بشكل كبير». ويعطي البنك المركزي الصيني والهند وتركيا، بالإضافة إلى البنوك الأخرى، مثالاً آخر على ذلك.
قال الخبير الاقتصادي رامي كيوان لبي بي سي إنه يتوقع ارتفاعا إضافيا في أسعار الذهب على المدى الطويل، وذلك لسببين رئيسيين.
ويوضح أن «السبب الأول يتعلق بتراجع عمليات الاستكشاف والإنتاج، ما يؤدي إلى انخفاض العرض».
مصدر الصورة، رويترز
ويشير كيوان إلى أن الأبحاث التي أجرتها شركة مينكس الاستشارية أفادت بانخفاض النفقات المتعلقة بأنشطة اكتشاف الذهب بنسبة 63 بالمئة لتصل إلى 4.44 مليار دولار في 2019 من أعلى مستوى لها على الإطلاق، والذي كان 11.8 مليار دولار في 2012.
ويقول إن أحد أسباب هذا التراجع في الإنتاج يعود إلى “اهتمام العديد من شركات التنقيب بالتحول من إنتاج الذهب أو تخفيضه إلى حد كبير، مقابل الاهتمام بالتنقيب وإنتاج معادن أخرى تعتبر أساسية”. في عملية التحول الأخضر للحد من تغير المناخ، مثل النيكل والليثيوم والكوبالت وغيرها من المعادن التي… وتشارك في إنتاج التكنولوجيات الصديقة للبيئة.
ويضيف كيوان أن إنتاج مناجم الذهب لم ينمو إلا بنسبة 1 بالمئة خلال عام 2022، بحسب مجلس الذهب العالمي.
أما عن السبب الثاني المتعلق بجانب الطلب، فيقول كيوان إن «مشتريات الذهب الرئيسية كانت من البنوك المركزية حول العالم».
ويرى أن “ما تشير إليه هذه الديناميكيات هو أن اتجاه أسعار الذهب من المرجح جدا أن يكون تصاعديا على المدى المتوسط والطويل، بغض النظر عن التقلبات التي قد تحدث على المدى القصير”.
ويضيف أن “صافي مشتريات البنوك المركزية من الذهب بلغ 1037 طناً في عام 2023. وكان هذا العام الثاني على التوالي الذي تضيف فيه البنوك المركزية أكثر من 1000 طن إلى إجمالي احتياطياتها”.
ويقول: “لا أتوقع منهم أن يتراجعوا عن هذا المسار في أي وقت قريب، خاصة مع محاولة بعض الدول تقليل اعتمادها على الدولار الأمريكي”.