أعلنت إسرائيل عزمها تنفيذ هجوم بري في مدينة رفح جنوب قطاع غزة على الحدود مع مصر، في خطوة حذر منها المجتمع الدولي لأنها قد تقود مئات الآلاف من النازحين إلى أوضاع كارثية. ووسط مخاوف مصرية من أنه مع أي عملية عسكرية قد لا يجد المدنيون الفلسطينيون ملجأ آخر غير التوجه نحو حدودها.
ونزح أكثر من مليون شخص إلى جنوب قطاع غزة، وتحديداً إلى أقصى الجنوب بالقرب من الحدود مع مصر، بعد العمليات العسكرية الإسرائيلية المتواصلة، وتمركزت خيام النازحين الفلسطينيين بجوار السياج الحدودي مباشرة في رفح.
قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم الجمعة، إنه طلب من الجيش وضع “خطة لإجلاء المدنيين” تمهيدا لتنفيذ عملية برية في رفح.
من جانبها، أرسلت مصر نحو 40 دبابة وناقلة جند مدرعة إلى شمال شرق سيناء خلال الأسبوعين الماضيين، في إطار تحركاتها لتعزيز الأمن على حدودها مع قطاع غزة، بحسب رويترز.
وفي حديث لموقع الحرة، اعتبر محللون عسكريون وسياسيون أن الخطوة المصرية “لا تهدف إلى تمهيد الطريق للصدام مع إسرائيل، بل تأمين الحدود المصرية، في ظل نظر مصر في قضية تهجير الفلسطينيين”. ومن غزة إلى سيناء خط أحمر يشكل عبوره تهديدا للأمن القومي”. وتصفية القضية الفلسطينية”.
ماذا يعني التحرك المصري؟
قالت رويترز، الجمعة، إنه مع اندلاع الحرب في غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، عملت مصر على تعزيز حدودها ببناء جدار خرساني تعلوه أسلاك شائكة مع غزة، في ظل مخاوف من احتمال إجبار الفلسطينيين على مغادرة القطاع بشكل جماعي.
وما زاد من هذه المخاوف هو وصول أكثر من 1.4 نازح فلسطيني بالقرب من الحدود المصرية.
ونقلت الوكالة عن مصدرين أمنيين مصريين أن القاهرة “قامت بإقامة حواجز ترابية وتعزيز المراقبة على النقاط الحدودية، بالإضافة إلى نقل الدبابات والمدرعات”.
مصر ترسل عشرات الدبابات والمدرعات إلى حدود غزة
قال مصدران أمنيان مصريان إن القاهرة أرسلت نحو 40 دبابة وناقلة جند مدرعة إلى شمال شرق سيناء خلال الأسبوعين الماضيين في إطار سلسلة إجراءات لتعزيز الأمن على حدودها مع قطاع غزة.
وحول هذه الخطوة، قال سيد غنيم، الأستاذ الزائر في الأكاديمية العسكرية الملكية في بروكسل، إن الخطوة تعتبر “ردا يتفق مع الهدف السياسي المصري، وهي مهمة دفاعية للرد في حال حدوث أي تصعيد”.
وأوضح غنيم في تصريحات لـ”الحرة”، أن “هذا لا يعني أن الهدف هو القتال، بل إذا كانت هناك قوات فعلا هناك، فإنها ستكون جاهزة لتنفيذ مهمة قتالية إذا لزم الأمر”.
وحول السيناريوهات المتعلقة باحتمال أن تؤدي العملية العسكرية الإسرائيلية في رفح إلى توجه الفلسطينيين نحو الحدود المصرية، قال: “لا أتوقع أن تستخدم مصر القوة ضد المدنيين”.
وقالت الولايات المتحدة، الخميس، إنها “لن تدعم أي عملية عسكرية إسرائيلية في رفح لا تأخذ في الاعتبار محنة المدنيين”، في وقت وصف الرئيس الأميركي جو بايدن الرد العسكري الإسرائيلي في أعقاب الهجوم الذي شنته حركة حماس. مدرج على قوائم الإرهاب الأمريكية) في السابع من الشهر الجاري. منذ أكتوبر تم “تجاوزه”.
في حين قال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، الجمعة، إنه يجب حماية المدنيين في رفح، “ولا يجب أن يكون هناك أي تهجير قسري جماعي”، وأضاف: “نحن قلقون للغاية بشأن مصير المدنيين في رفح.”
من جانبها، أصدرت وزارة الخارجية السعودية، السبت، بيانا حذرت فيه من “التداعيات البالغة الخطورة لاقتحام واستهداف مدينة رفح” من قبل القوات الإسرائيلية، معلنة أيضا “رفضها القاطع” لأي تصعيد قسري. ترحيل المدنيين.
وقالت إن مدينة رفح الحدودية مع مصر هي “الملاذ الأخير لمئات الآلاف من المدنيين الذين أجبروا على الفرار بسبب العدوان الإسرائيلي الغاشم”، حيث يتجمع أكثر من مليون نازح فارين من الدمار والمعارك في بقية أنحاء البلاد. المناطق المحاصرة في القطاع.
من جانبه، اعتبر المحلل الإسرائيلي إيلي نيسان، أن “تحريك مصر للدبابات والمدرعات لا يهدف إلى المواجهة مع إسرائيل، بل لمنع محاولات عبور الحدود من رفح إلى سيناء”.
نتنياهو يطلب من الجيش وضع خطة لـ”إجلاء” المدنيين من رفح
أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم الجمعة، أنه طلب من الجيش وضع خطة “لإجلاء” المدنيين من رفح، حيث يتركز حاليا نصف سكان غزة البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة.
وحاول موقع الحرة الاتصال بالجيش الإسرائيلي للحصول على تعليق بشأن العملية العسكرية وإمكانية إخلاء الفلسطينيين من رفح قبلها، إلا أنه لم يتلق أي رد حتى نشر التقرير.
في غضون ذلك، رأى الخبير العسكري المصري نصر سالم، أن أي عملية عسكرية، سواء تم إجلاء المدنيين الفلسطينيين من رفح مسبقًا أم لا، “ستكون كارثية، ويجب على المجتمع الدولي، بقيادة الولايات المتحدة، الوقوف ضدها”.
وفي حديثه لموقع الحرة، اعتبر أن “مصر تتصرف في حدود اتفاق السلام المبرم مع إسرائيل”، لافتا إلى أن “مصر مسؤولة عن حدودها.. وحدودها خط أحمر والدولة ترفض”. التهجير القسري أو أية عمليات تمس خط الحدود الدولية”.
وتابع: “تحركات مصر تأتي في إطار الدفاع عن حدودها والحفاظ عليها”.
“لا أحد يريد التوتر”
وعقب إعلان إسرائيل عزمها تنفيذ عملية عسكرية في رفح، قالت الرئاسة الفلسطينية في بيان لها، الجمعة، إن هدف نتنياهو هو “تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه”.
وقال البيان: “إن قيام الاحتلال بهذه الخطوة يهدد الأمن والسلم في المنطقة والعالم، ويتجاوز كل الخطوط الحمراء”.
من جهتها، نقلت رويترز عن مسؤول إسرائيلي، طلب عدم الكشف عن هويته، أن بلاده ستعمل على “تنظيم حركة النازحين في رفح شمالا، بعد أن فروا منها سابقا، قبل أي عملية عسكرية”.
وقال غنيم في حديث لـ”الحرة”، إن هناك “مخاوف إسرائيلية من عملية رفح، تتعلق بـ”الخسائر في صفوف المدنيين الفلسطينيين في ظل الضغوط الدولية، إضافة إلى قضية التهجير إلى مصر، والمخاوف من موقف القاهرة”. “
يواجه النازحون في رفح خطراً “كارثياً” مع خطة نتنياهو “المزدوجة”.
كشفت تصريحات إسرائيلية أن هجوما بريا يلوح في الأفق يستهدف مدينة رفح في قطاع غزة، حيث يتركز نصف سكان القطاع البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة.
وأضاف أن إسرائيل “لا تريد استفزاز الجانب المصري الذي له موقف متشدد وهو عدم تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة”.
أفادت وكالة فرانس برس، السبت، أن الجيش الإسرائيلي شن غارات في محيط مدينة رفح خلال الساعات الماضية، فيما أشارت وزارة الصحة في قطاع غزة إلى مقتل 25 شخصا الليلة الماضية نتيجة الغارات الإسرائيلية على المدينة الحدودية. مع مصر.
كما رصدت الوكالة تحذير حماس، السبت، من وقوع “مجزرة” في رفح التي أصبحت الملاذ الأخير لأكثر من مليون نازح.
من جانبه، قال المحلل الإسرائيلي نيسان لقناة الحرة، إن قرار بدء العملية العسكرية في رفح “سيؤجل لحين التنسيق مع مصر وإجلاء المزيد من المدنيين في رفح وخانيونس”، معتبراً أن “رفح تعتبر الشريان الرئيسي لتهريب الأسلحة من سيناء إلى غزة”.
ونفت مصر هذه الاتهامات الشهر الماضي، وقالت في بيان للهيئة العامة للاستعلامات، إن “تسويق هذه الأكاذيب هو محاولة لإضفاء الشرعية على سعيها لاحتلال محور فيلادلفيا أو محور صلاح الدين في قطاع غزة على طول الحدود”. الحدود مع مصر، بالمخالفة للاتفاقيات والبروتوكولات الأمنية الموقعة”. “بينها وبين مصر، هنا يجب التأكيد بشكل صارم على أن أي تحرك إسرائيلي في هذا الاتجاه سيؤدي إلى تهديد جدي وخطير للعلاقات المصرية الإسرائيلية”.
وأشار نيسان إلى أن هذه التحركات “تتم بالتنسيق مع أمريكا ومصر، حتى لا يتسبب اقتراب القوات من رفح في تحرك الآلاف نحو مصر، لأن إسرائيل لا تريد خلق توتر مع القاهرة التي رفضت العرض”. قضية تهجير الفلسطينيين إلى سيناء”.
كما أشار إلى أن إسرائيل تتعرض لضغوط أميركية “لأسباب داخلية، لتخفيف حدة العمليات بسبب انعكاساتها السلبية على (الرئيس الأميركي جو) بايدن قبل الانتخابات المقررة في تشرين الثاني/نوفمبر”. وأضاف: “هناك رغبة في إنهاء العملية قبل حلول شهر رمضان” الذي يبدأ خلال أقل من شهر.
كيف ستبدو العملية المحتملة في رفح؟
وأوضح غنيم أنه من المرجح أن تستخدم إسرائيل نفس التكتيكات القتالية التي تطبقها في خان يونس، وليس كما كان الوضع في شمال قطاع غزة في بداية العملية العسكرية.
بايدن: الرد العسكري الإسرائيلي في غزة “مبالغ فيه”
أكد الرئيس الأميركي جو بايدن أنه يضغط بقوة من أجل التوصل إلى هدنة مستدامة في غزة، مشيراً إلى أن “السلوك العسكري تجاوز الحد”.
واندلعت الحرب في 7 تشرين الأول/أكتوبر في أعقاب هجوم غير مسبوق شنته حماس على جنوب إسرائيل، وأدى إلى مقتل أكثر من 1160 شخصا، معظمهم من المدنيين وبينهم نساء وأطفال، بحسب تعداد أعدته وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام إسرائيلية رسمية.
ومنذ ذلك الحين، ردت إسرائيل بحملة قصف مكثفة أعقبها هجوم بري واسع النطاق على قطاع غزة، مما أسفر عن مقتل أكثر من 28 ألف شخص، معظمهم من النساء والأطفال، وفقًا لآخر إحصاء لوزارة الصحة في غزة.
وأشار الأستاذ الزائر في الأكاديمية العسكرية الملكية في بروكسل إلى أن الجيش الإسرائيلي “استخدم قوة تقليدية كبيرة وتركيزا كبيرا للنيران، سواء المدفعية أو الجوية أو البحرية، حيث كان الهدف هو الاستيلاء على الأرض والتمسك بها”.
وأوضح أن “الأمر كان مختلفاً في معارك الجنوب بسبب التركز السكاني الكبير وتوافر معلومات أكبر، ما جعله يقلل من قواته ويستخدم قوات خاصة، ويشن غارات أو عمليات تمشيط على مواقع محددة”، لافتاً ورجح أن يكون هذا هو شكل أي عملية في رفح.