ويثير توقيت ومكان الإعلان الألماني بشأن رفع الفيتو عن بيع مقاتلات يوروفايتر تايفون للسعودية، تساؤلات حول الأسباب التي دفعت برلين إلى اتخاذ مثل هذه الخطوة “المفاجئة”، التي كانت منذ عدة سنوات تضع العراقيل أمام الصفقة. استكمال العقد المبرم، لاعتبارات عدة، أبرزها «قضايا حقوق الإنسان». “.
وأعلنت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، الأحد، في تصريحات لها عقب لقاءاتها مع الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ ووزير الخارجية الإسرائيلي إسرائيل كاتس، أن “برلين مستعدة للسماح ببيع مقاتلات يوروفايتر للسعودية”.
ولم تشر بوربوك بشكل مباشر إلى الأسباب التي دفعت بلادها إلى رفع الفيتو الآن، لكن التصريحات التي أدلت بها في المقابل أشارت إلى أن الخطوة مرتبطة بـ”دور الرياض البناء في الأزمة الأمنية التي تشهدها المنطقة”، وبما أن حماس هجوم الحركة على إسرائيل في 7 أكتوبر.
وتقود المملكة المتحدة وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا برنامج يوروفايتر، الذي يجمع الشركات المصنعة BAE Systems وAirbus وLeonardo. وأثار الحظر الذي فرضته برلين غضب شركائها منذ عدة سنوات، خاصة في لندن وباريس.
وأشار بيربوك إلى أن السعودية وإسرائيل “لم تتخلا عن سياسة التطبيع” بعد هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، وأن اعتراض الرياض لصواريخ أطلقها الحوثيون “يؤكد ذلك ونحن ممتنون لذلك”.
وبينما قالت إن استخدام سلاح الجو السعودي لمقاتلات “يوروفايتر” في هذا السياق “لم يعد سرا” في إشارة إلى إسقاط صواريخ الحوثيين، اعتبرت أن المملكة “تساهم بشكل حاسم في أمن إسرائيل، حتى هذه الأيام”. ويساعد على احتواء خطر الصراع. إقليمي.
ما هي التقييمات في الرياض؟
ولم يصدر أي تعليق من المسؤولين السعوديين بشأن الخطوة التي كشف عنها بيربوك، ووصفتها أوساط ألمانية بـ”المفاجئة”.
لكن المحلل السياسي السعودي مبارك العاطي يرى أن “رفع الحظر الألماني عن تصدير طائرات يوروفايتر يأتي استمرارا لتطور العلاقات السعودية الألمانية، وكذلك العلاقات السعودية الأوروبية ومن ثم العلاقات السعودية الأمريكية”.
وكانت المملكة “بذلت جهوداً دبلوماسية وسياسية لإحلال السلام في اليمن، وجمعت أطراف القتال إلى طاولة المفاوضات تحت مظلة الأمم المتحدة”، بحسب العاطي.
وأضاف في حديث لموقع الحرة أن التطور في الموقف الألماني “جاء كنتيجة حتمية لهذه الجهود وانعكس على أماكن وصراعات كثيرة في العالم”.
كما جاء بعد أن “نجحت السعودية في إقامة علاقات كبيرة مع روسيا والصين، وتحولت إلى خيارات عدة على مستوى التعاون العسكري والسياسي”.
وأشار المحلل السعودي إلى زيارة وزير الدفاع خالد بن سلمان الأخيرة إلى لندن وفرنسا، والحديث الذي جرى في باريس حول طائرات “رافال”، وصولا إلى مناقشة فرص التعاون العسكري والدفاعي.
ويعتبر أن “الرياض أثبتت أنها قادرة على تنويع المدارس العسكرية، من أجل الدفاع عن حدودها ومقدساتها ومكتسباتها”، وبالتالي فإن الموقف الألماني لا ينفصل عن هذا السياق، بحسب قوله، وفي محاولة من برلين. للتراجع عن “خطأها الاستراتيجي”.
ماذا عن ألمانيا؟
وجمدت ألمانيا مبيعات الأسلحة إلى الرياض منذ مقتل الصحفي جمال خاشقجي أواخر عام 2018 في عملية ألقت المخابرات الأمريكية باللوم فيها بشكل خاص على ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
ما سبق يلقي بظلاله على طلبية كبيرة لشراء 48 طائرة من طراز يوروفايتر تايفون تم التوقيع عليها في لندن خلال زيارة الأمير السعودي قبل عدة سنوات.
تمتلك المملكة العربية السعودية أسطولاً يضم أكثر من 70 طائرة يوروفايتر.
وكان المسؤولون في الرياض قد قالوا في وقت سابق إنهم يريدون المزيد، وهددوا بشراء أنواع أخرى من المقاتلات في أماكن أخرى إذا لم يتم تلبية طلبهم، بحسب تقرير تحليلي لموقع ديفينس نيوز، نشر يوم الاثنين.
ونقل الموقع عن دان دارلينج، محلل شؤون الدفاع في مؤسسة فوركاست إنترناشيونال، قوله إنه “فوجئ بأن القادة الألمان غيروا لهجتهم”.
وأضاف: “يبدو أن الضغط البريطاني على ألمانيا لحملها على رفع اعتراضاتها على التصدير، إلى جانب القليل من السياسة الواقعية الجديدة في برلين في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا، قد غيّر موقف الحكومة الحالية بشأن هذه القضية”. “
تعد المملكة العربية السعودية واحدة من أكبر أسواق التصدير في العالم، وفقًا لريتشارد أبو العافية، المدير الإداري لشركة AeroDynamic Advisory.
وقال أبو لافيا لصحيفة ديفينس نيوز إنه بالنظر إلى التطورات الأخيرة، “فإن الحكومة الألمانية لديها بالتأكيد سبب منطقي لتغيير سياستها”.
“أسباب عديدة”
ويرى العميد حسن الشهري، الخبير العسكري والاستراتيجي السعودي، أن رفع ألمانيا حق النقض على الصفقة جاء “بعد أن أدركت برلين خطأها الاستراتيجي والسمعة السيئة التي قد تسببها حول العالم”.
كما يرى، في حديث لموقع الحرة، أن هناك أسبابا داخلية وراء تغير الموقف الألماني، إضافة إلى “الضغوط البريطانية والإسبانية والإيطالية، أي شركاء التصنيع في يوروفايتر تايفون”.
ولا تتوقف الضغوط عند هذا الحد، بحسب المحلل العسكري، بل ترتبط أيضا بشركة إيرباص التي لها مصالح كبيرة مع المملكة.
في المقابل، يشير إلى أن “هناك منافسة بين الدول الصناعية، وقد اشتدت بعد أن أبدت المملكة رغبتها في شراء طائرات رافال من فرنسا”.
وما هي أبرز خصائصه؟
وتعتبر يوروفايتر تايفون واحدة من أكثر الطائرات المقاتلة الحديثة متعددة المهام تطوراً وتطوراً في العالم، بحسب موقع BAE Systems وموقع يوروفايتر.
وتبلغ سرعتها القصوى 2 ماخ، وأقصى ارتفاع يمكن أن تصل إليه هو 55 ألف قدم، ويبلغ طولها حوالي 16 مترًا، بحسب يوروفايتر.
وتتميز هذه الطائرة بالقوة وسرعة الحركة والمرونة العالية، بالإضافة إلى تنفيذ هجمات جو-جو وجو-أرض في نفس الوقت، بحسب شركة بي أيه إي سيستمز.
وتمنح طائرة تايفون القوات الجوية التي تستخدمها القدرة على القيام بمجموعة متنوعة من العمليات الجوية، بدءًا من عمليات السيطرة الجوية والأمن، وحتى المشاركة في الصراعات الحربية الشديدة، كل ذلك بفضل مرونتها وقدرتها الاستثنائية على التكيف مع مختلف الظروف. كما تتمتع بقدرات قتالية عالية، وتوفر قدرة عالية للطيار على النجاة من الأخطار، ومزودة بأجهزة استشعار متطورة.
تعتبر طائرة Typhoon طائرة مرنة بطبيعتها، وقد تم تصميمها لتكون قابلة للتطوير والترقية بشكل مستمر.
ويتم تطوير قدراتها بشكل مستمر، بما في ذلك إضافة أسلحة مثل “Spear” و”Marti ER” وأجهزة استشعار وأجهزة إدارة المعلومات لتلبية المتطلبات التشغيلية المستقبلية والحفاظ على الاستعداد لمواجهة التهديدات المستقبلية.
ولم يستبعد المحلل السعودي الشهري في حديث لـ”الحرة”، “وجود أسباب دولية وإقليمية وراء رفع ألمانيا الفيتو على البيع”.
وقد يكون مرتبطا بأوكرانيا والسلام في اليمن، فضلا عن تحسن العلاقات السعودية الإيرانية، و”حاجة الغرب للمملكة في ظل التغيرات السريعة في هذه المرحلة”، على حد تعبيره.