
- مؤلف، المهندس توتونجي
- دور، مراسل أخبار بي بي سي
وعلى مدار الأسبوع الماضي، دارت مناقشات غير مباشرة بين إسرائيل وحماس حول مبادئ اتفاق إطاري بشأن الحرب في غزة، بوساطة أميركية وقطرية ومصرية. لكن الشروط الإضافية التي أعلن عنها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تدفع بقوة نحو إيجاد حجر عثرة جديد في المفاوضات، التي تسعى إلى تحقيق وقف إطلاق النار والإفراج عن الأسرى والمعتقلين مقابل إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين وإدخال المساعدات إلى القطاع وعودة معظم النازحين داخلياً إلى مناطقهم.
وبعد ساعات من عودة الوفد الإسرائيلي المفاوض من العاصمة القطرية الدوحة ولقائه مع نتنياهو، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي عن “خطوط حمراء” لإسرائيل لقبول الصفقة المقترحة، وهي حرية استئناف العمل العسكري ضد حماس، والحفاظ على الوجود العسكري الإسرائيلي، واستمرار سيطرة الجيش الإسرائيلي على محور فيلادلفيا على الحدود ومعبر رفح.
ورغم أن أجواء التفاؤل سادت المفاوضات في العاصمتين الدوحة والقاهرة، عقب التوصل إلى تفاهمات حول المبادئ العامة خلال جولتين من المفاوضات خلال الأيام الثلاثة الماضية، إلا أن الخلافات لا تزال قائمة حول العديد من القضايا، فضلاً عن وجود اعتبارات سياسية داخلية في إسرائيل قد تمنع التوصل إلى اتفاق، كما يراها مراقبون إسرائيليون.
وتحاول إسرائيل ضمان عدم نقل الأسلحة إلى حماس، وعدم السماح لأعضاء الفصائل الفلسطينية بالعودة من جنوب قطاع غزة إلى شماله.
وبحسب مصادر مطلعة لبي بي سي، فإن إسرائيل تريد أن يمنحها الاتفاق حق الاعتراض على أسماء الأسرى الفلسطينيين الذين تطلب الإفراج عنهم، والحفاظ على وجود عسكري في مناطق رئيسية في غزة.
في المقابل، تلتزم حماس بأربعة بنود أساسية: وقف إطلاق نار دائم أو مستدام، صفقة جادة لإطلاق سراح السجناء الفلسطينيين، انسحاب عسكري إسرائيلي كامل، وفتح المعابر ورفع الحصار عن قطاع غزة في نهاية عملية المفاوضات.
تفاهمات وخلافات بين الطرفين؟
وبحسب مصادر مطلعة، فإن إسرائيل وافقت على مصطلح “التهدئة المستدامة”، أي استمرار الهدوء ولكن بشرط يسمح لإسرائيل باستئناف القتال إذا رأت محاولات لإعادة بناء القدرات العسكرية.
وتوصل الجانبان إلى تفاهمات أولية حول الوجود الإسرائيلي في محور فيلادلفيا وكيفية إدارة معبر رفح، قبل أن ينفي مكتب رئيس الوزراء ومصر ذلك، ما أثار شكوكاً جدية حول ما إذا كان قد تم التوصل فعلاً إلى اتفاق بشأن الإطار.
وأكد مصدر مصري لبي بي سي أن هناك نقاطا عالقة تتجاوز ما تم الاتفاق عليه سابقا مع الوسطاء بشأن غزة، موضحا أن مصر بذلت جهودا كبيرة لتحقيق تقدم في مفاوضات التهدئة.
وأضاف المصدر أن فجوة الخلاف اتسعت خلال المفاوضات التي جرت الجمعة في العاصمة المصرية القاهرة بشأن الترتيبات الأمنية على الحدود المصرية مع قطاع غزة، موضحا أن القاهرة اشترطت ربط هذه التفاهمات الأمنية على حدود غزة بالتقدم المحرز في اتفاق التهدئة في القطاع، فيما أصر الجانب الإسرائيلي على الفصل بين الاتفاقين والتعامل مع منطقة الحدود في إطار ثنائي مع مصر.
ويرى مراقبون أن الشروط التي وضعها نتنياهو، الخميس، تشكل تصلباً للمواقف الإسرائيلية، خاصة مع التأكيد على أن إسرائيل لن تنسحب من محور فيلادلفي، رغم التقارير الإخبارية عن وجود دراسة انسحاب تحت المراقبة.
في حين تريد حماس انسحاباً عسكرياً كاملاً من القطاع، فإن إسرائيل تريد قوات عربية أو دولية لضمان عدم سيطرة حماس على هذه المناطق الحدودية مرة أخرى.
وتشمل الخلافات تحفظات إسرائيل على أي دور لحماس في إدارة القطاع مستقبلا أو أي دور في إعادة الإعمار.
كما أن إسرائيل لديها تحفظات على أسماء المعتقلين والسجناء الذين تنوي حماس الإفراج عنهم، حيث تريد حماس صفقة جدية تشمل أبرز الشخصيات في السجون الإسرائيلية، بما في ذلك قادة “كتائب القسام” الذين اعتقلوا خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية، مثل عباس السيد، وعبد الله البرغوثي، وعبد الناصر عيسى، وغيرهم.
ومن بين الخلافات أيضاً من سيتولى إدارة قطاع غزة في المستقبل. إذ تتحدث إسرائيل عن هيئة مستقلة وهيئة دولية لإدارة معبر رفح، في حين يطالب الفلسطينيون بحكم ذاتي.
في إطار تفاهمات اتفاق الإطار يدور حديث، من دون تأكيد، عن الموافقة على انسحاب إسرائيلي جزئي من محور نتساريم الذي يفصل شمال قطاع غزة عن جنوبه، للسماح بعودة النازحين من الجنوب إلى الشمال من دون أي “مضايقات إسرائيلية”. لكن الخلاف يبقى قائما حول إصرار إسرائيل على ضرورة تفتيش كل شخص يعود إلى الشمال، بحسب مصادر إسرائيلية تحدثت لهيئة الإذاعة البريطانية.
وفيما يتعلق بالتواجد العسكري المستقبلي في المحور، فإن إسرائيل تريد تواجداً عسكرياً أطول في القطاع، في حين تريد حماس انسحاباً عسكرياً كاملاً في نهاية المفاوضات.
هل سيتم التوصل إلى اتفاق نهائي؟
ويؤكد مراقبون أن المفاوضات قد تحتاج إلى عدة أسابيع، إذ تبدو تصريحات قادة حماس ونتنياهو متباعدة للغاية من حيث المحتوى.
ويصر نتنياهو دائما على إعلان الخطوط الحمراء التي قرأها بعض المحللين الإسرائيليين على أنها محاولات لإحباط الصفقة، بسبب تهديدات وزراء اليمين المتطرف في الحكومة بالاستقالة من الائتلاف الحكومي إذا وافق نتنياهو على مثل هذه الصفقة مع حماس.
ويميل الإسرائيليون إلى التفاؤل الشديد هذه المرة، في ظل ما وصفوه بالتنازلات التي قدمتها حماس، لكن لا يزال هناك قلق من احتمال تدخل الاعتبارات السياسية الإسرائيلية، التي قد تؤثر على المشهد التفاوضي. وبين هذه وتلك، صرح البيت الأبيض الأميركي بأن ما تعلنه إسرائيل وحماس يتناقض مع ما يجري مناقشته خلف الأبواب المغلقة.
وتتمثل نقاط الخلاف التي حالت حتى الآن دون التوصل إلى اتفاق، في: آلية وقف الحرب، وأعداد وهويات الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم الإفراج عنهم، وانسحاب القوات الإسرائيلية من غزة، وسط تعثر المفاوضات على مدى أشهر بسبب تمسك كل طرف بمطالبه بشكل كامل.
أسفرت الحرب في قطاع غزة عن مقتل وجرح أكثر من 126 ألف فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، وأكثر من 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ونقص حاد في الغذاء ونزوح متكرر لمئات الآلاف داخل القطاع.