وتهاجم إسرائيل مستشفى الشفاء بهدف تقويض دور حماس بالمساعدات
(الاثنين) قصفت قوات الاحتلال الإسرائيلي مجددا مستشفى الشفاء، أكبر مبنى طبي في مدينة غزة، لأكثر من 12 ساعة، وحولت أروقته ومحيطه إلى ساحة حرب، في عملية قالت مصادر في الفصائل الفلسطينية لـ”الشرق الأوسط” إنها تستهدف الهجوم. “سيادة حماس” على مدينة غزة وتقويض محاولاتها. لـ”استعادة السيطرة” ولعب دور في مسألة إدخال المساعدات إلى المدينة التي كانت معقلاً لنشاطها قبل 7 تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
أعلن الجيش الإسرائيلي (الاثنين) أنه قتل العميد فائق المبحوح خلال هجومه على مستشفى الشفاء، واعتبره “مسؤول العمليات” في جهاز الأمن الداخلي التابع لحكومة حماس. كما أكد اعتقال آخرين واتهمهم بالعمل مع حماس، كما أقر بمقتل جندي موالي له.
وقال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي: “بعد تلقي معلومات استخباراتية من جهاز الأمن العام وجهاز المخابرات العسكرية بشأن تواجد عدد من مسؤولي حماس في مستشفى الشفاء، وفي إطار مداهمة قوات الجيش والأمن العام جهاز (الشاباك) على المكان، وتم القضاء على المدعو فائق المبحوح. رئيس مديرية العمليات في جهاز الأمن الداخلي التابع لمنظمة حماس الإرهابية. واقتحم جيش الاحتلال منطقة الشفاء وطلب من المبحوح تسليم نفسه، إلا أنه رفض، واندلع اشتباك عنيف.
وعرّف المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي المبحوح بأنه “المسؤول عن إدارة عمليات الأمن الداخلي وعن أجهزة حماس في العمليات الروتينية والقتالية”.
لكن بيانا لـ”المكتب الإعلامي الحكومي” في غزة ذكر أن “المبحوح، زعيم حركة حماس، يتولى مهمة التنسيق مع العشائر ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) لإحضار وتأمين المساعدات الإنسانية لشمال قطاع غزة”.
ونقل البيان أن “استهداف إسرائيل للمبحوح يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أنه يسعى بكل قوة لنشر الفوضى في قطاع غزة، ومنع تسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى مئات الآلاف من الجائعين في قطاع غزة وقطاع غزة”. محافظات الشمال”، مشيراً إلى أن “مقتل المبحوح جاء بعد يومين من نجاح… جهود إدخال 15 شاحنة مساعدات إلى شمال غزة”.
“السيادة المتبقية”
وقالت مصادر فلسطينية في الفصائل في قطاع غزة لـ«الشرق الأوسط»: إن «العملية الإسرائيلية كانت تهدف إلى ضرب ما تبقى من سيادة حركة حماس في المدينة». وأضافت: “كان اللواء المبحوح مسؤولاً عن عمليات الشرطة في قطاع غزة، بما في ذلك تأمين وصول وتوزيع شاحنات المساعدات. وكان على اتصال مع الأونروا والقبائل”.
ورأت المصادر أن «إسرائيل لا تريد ذلك». ولا تريد أي دور لحماس. ويستهدف سلطة الحركة، ويريد تعزيز الفوضى من خلال محاولة فرض جهات مسلحة أخرى كسلطة مسؤولة عن المساعدات”.
وتحاول إسرائيل دفع العشائر والعائلات والمسلحين إلى تنظيم عملية توزيع المساعدات، لكن أغلبهم يرفضون المشاركة إلا «من خلال التنسيق مع الأجهزة الأمنية التي كان المبحوح أحد أهم مسؤوليها».
وزعم الجيش الإسرائيلي أنه “تصرف بناءً على معلومات حول استخدام كبار مسؤولي حماس للمستشفى كمركز قيادة وتخطيط لتنفيذ الأنشطة”.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانييل هاغاري: “نعلم أن (مخربي حماس) أعادوا تجميع صفوفهم داخل المستشفى ويستخدمونه لقيادة هجمات ضد إسرائيل”.
بدأت العملية في حوالي الساعة الثانية والنصف فجراً، عندما حاصرت قوات من اللواء 401 مدرع التابع للجيش الإسرائيلي وقوات خاصة أخرى، إلى جانب جهاز الأمن العام (الشاباك)، المستشفى، قبل أن ينشب اشتباك مسلح كبير قُتل فيه واستشهد المبحوح وآخرون، والرقيب الإسرائيلي متان. فينوغرادوف (20 عاماً)، من الكتيبة 932 في لواء ناحال.
ساحة المعركة
وحول الهجوم الإسرائيلي مستشفى الشفاء إلى ساحة حرب، وأظهرت لقطات فيديو تبادل إطلاق النار في محيط المستشفى والمناطق المجاورة، كما تم تفجير عبوة ناسفة استهدفت مدرعة إسرائيلية.
وخلال الهجوم، أجبر الجيش الإسرائيلي السكان الذين يعيشون بالقرب من المستشفى وسكان حي الرمال القريب في مدينة غزة على إخلاء المنطقة والتوجه إلى “المنطقة الإنسانية” في المواصي على ساحل جنوب غزة.
ونشر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي باللغة العربية، أفيخاي أدرعي، خريطة مرفقة بإعلان المناطق التي يجب إخلاؤها. وقال: “على المدنيين إخلاء المنطقة والتوجه جنوبا على طول الطريق الساحلي المؤدي إلى القطاع”.
لكن بعد عدة ساعات من بدء العملية، قال الجيش الإسرائيلي إنه “سيطر على المنطقة، حيث حاصرت القوات عدة مباني في مجمع الشفاء، وبدأت في استجواب المعتقلين في المستشفى”. مؤكداً أنه تم القبض على نحو 80 مشتبهاً بهم. وزعم الجيش أن بعض المعتقلين هم من “أعضاء حماس”.
وهذا هو الهجوم الثاني واسع النطاق الذي تنفذه إسرائيل في مجمع الشفاء. في العام الماضي، نفذ الجيش هجوما على المجمع في 5 نوفمبر/تشرين الثاني، وقدم لاحقا ما قال إنه أدلة تدعم ادعاءاته الطويلة الأمد بأن حماس تستخدم مستشفى الشفاء كمركز رئيسي للعمليات والقيادة، وأن المستشفى ويقع فوق الأنفاق مقرات لمقاتلي الحركة. وتم الانتهاء من تدمير الأنفاق الواقعة أسفل منطقة الشفاء في شهر ديسمبر الماضي.
لكن الفلسطينيين رفضوا اتهامات إسرائيل ومبرراتها، ورفضت منظمة الصحة العالمية تحول أي مستشفى إلى ساحة معركة.
دعوات لوقف الحرب
قال رئيس المجلس الوطني الفلسطيني روحي فتوح: “حصار جيش الاحتلال الفاشي وقصفه لمستشفى الشفاء في مدينة غزة للمرة الثانية بعد تدميره في الحصار الأول، وقتل العشرات من الأبرياء خلال الحصار”. إن حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي، هي رد واضح من حكومة نتنياهو على المواقف الدولية والأوروبية”. الأمر الذي يتطلب إنهاء الحرب الوحشية والدموية على شعبنا الفلسطيني”.
وأضاف: “ما يحدث في المنشآت الطبية ومستشفى الشفاء جريمة حرب، وانتهاك صارخ وصارخ للقانون الدولي واتفاقيات جنيف”.
وبينما نفت الفصائل الفلسطينية استخدام المستشفيات لأغراض عسكرية، أدانت حركة حماس اقتحام قوات الاحتلال لمجمع الشفاء وقالت إن ما حدث “هو تعبير عن حالة الحيرة والارتباك وفقدان الأمل في تحقيق أي إنجاز عسكري سوى استهداف المدنيين العزل”.
واتهمت حماس المجتمع الدولي بمواصلة “إعطاء الضوء الأخضر لإسرائيل لمواصلة الحرب”.
أما منظمة الصحة العالمية، فقد أعربت عن قلقها بعد الهجوم على “مجمع الشفاء”، محذرة من أن المعارك “تعرّض العاملين في المجال الصحي والمرضى والمدنيين للخطر”.
وشدد مدير المنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس على أن “المستشفيات لا ينبغي أن تكون ساحات قتال”. محذراً من أن “أي أعمال عدائية أو عسكرة للمنشأة من شأنها أن تعرض الخدمات الصحية ووصول سيارات الإسعاف وإيصال الإمدادات المنقذة للحياة إلى السكان للخطر”.