خلال موسم الحج من كل عام، تأتي إلى المملكة العربية السعودية حشود من الحجاج من جميع أنحاء العالم، حيث يجتمعون في واحدة من أكبر التجمعات البشرية السنوية.
شهد موسم الحج هذا العام وفاة أكثر من ألف حاج، وبناء على أرقام قدمتها نحو عشر دول من خلال بيانات رسمية أو دبلوماسيين معنيين بالبحث عن الضحايا، بلغ عدد الوفيات في موسم الحج هذا العام 1096، حيث بلغ عدد الوفيات في موسم الحج هذا العام 1096. وأسبابه غير محددة في معظمها، بحسب وكالة فرانس برس. يضعط.
ولم تتمكن بي بي سي من التحقق بشكل مستقل من عدد الوفيات بين الحجاج هذا العام.
حاولنا الاتصال بالسلطات السعودية مرتين، الأولى في 19 يونيو/حزيران والثانية في 20 يونيو/حزيران، للتعليق على عدد الوفيات المعلن عنها في التقارير الإعلامية وعلى الانتقادات التنظيمية، لكننا لم نتلق ردا رسميا.
رغم كثرة الوفيات أعلنت المملكة العربية السعودية نجاح خططها الصحية لموسم الحج لهذا العام. قال وزير الصحة السعودي فهد الجلاجل، إن موسم الحج مر خاليا “من أي تفشي أو تهديد للصحة العامة، رغم أعداد الحجاج الكبيرة هذا العام، والتحديات المرتبطة بارتفاع درجات الحرارة”.
وأحصت السلطات السعودية نحو 1.83 مليون حاج هذا العام، بينهم 1.6 مليون قدموا من خارج البلاد.
وحاولت بي بي سي معرفة الأسباب التي أدت إلى هذا العدد الكبير من الوفيات بين الحجاج هذا العام.
حرارة شديدة
ويعتقد أن الحرارة الشديدة في السعودية، حيث سجلت درجات الحرارة 51.8 درجة مئوية في الظل، هي أحد الأسباب الرئيسية وراء هذا العدد الكبير من الوفيات بين الحجاج هذا العام.
حذرت وزارة الصحة السعودية حجاج بيت الله الحرام من عواقب التعرض للشمس والحرارة الشديدة، ونصحتهم بشرب كميات كافية من الماء – لكن رغم ذلك وقع العديد من حجاج بيت الله الحرام ضحية الإرهاق الحراري وضربات الشمس.
وأرجع دبلوماسي عربي وفاة معظم الحجاج المصريين البالغ عددهم 658 هذا العام إلى الحرارة الشديدة. وكان معظمهم يفتقرون إلى الخدمات المخصصة للحجاج العاديين، مما منعهم من الحصول على الدعم اللازم.
وقالت عائشة إدريس، وهي حاج نيجيرية، لبي بي سي: “برحمة الله ولا غيره، مازلت على قيد الحياة. كانت الحرارة شديدة بشكل لا يصدق.”
وأضافت عائشة: “لقد أغلقوا جميع الأبواب المؤدية إلى الكعبة، فاضطررنا للاحتماء بالسطح، حيث كان الحر شديدا للغاية”.
وتابعت عائشة: “حاولت أن أحمي نفسي من الشمس بمظلة، بينما كنت أسقي نفسي بماء زمزم المقدس. أعتقد أنني كدت أن أمرض في وقت ما، وأن أحد الحجاج ساعدني وأعطاني مظلة. والحقيقة أنني لم أتوقع هذه الدرجة الشديدة من الحرارة”.
وتحدث نجل إحدى النساء اللاتي توفين خلال موسم الحج هذا العام لبي بي سي قائلا: “انقطع الاتصال بوالدتي فجأة. لقد أمضينا أياماً نبحث عنها، قبل أن نعلم أنها توفيت أثناء الحج”.
توفيت والدته بضربة شمس، وتركت عائلتها تبحث عن أي أثر لها.
وأضاف الابن لبي بي سي: “كانت تتمنى أن تدفن في مكة”.
وفي ظل الحر الشديد على غير العادة، والنشاط البدني الشاق الذي تتطلبه مناسك الحج وسط مساحات مفتوحة واسعة، يواجه الحجاج مخاطر، خاصة أن الكثير منهم من كبار السن، أو يعانون من أمراض، أو كليهما.
إن الوفيات أثناء الحج بسبب الحر الشديد ليست جديدة؛ لكن هذا حدث منذ العصور القديمة. وفي العام الماضي أحصت السلطات السعودية أكثر من ألفي حالة إجهاد حراري بين الحجاج.
ويحذر العلماء من أن الظروف الجوية من المرجح أن تزداد سوءا بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري.
ونقلت وكالة رويترز للأنباء عن كارل فريدريش شلوسنر، رئيس قسم علوم المناخ في شركة كلايمت أناليتيكس، قوله: “لقد حدث موسم الحج سابقًا في مناخات حارة منذ أكثر من ألف عام، لكن أزمة المناخ الحالية تزيد من شدة المناخ الحار”. حرارة.”
وفي ظل ارتفاع درجات الحرارة على الأرض عن المستويات التي كانت سائدة قبل العصر الصناعي، يرى الباحث أن خطر الإصابة بضربة الشمس أثناء أداء مناسك الحج يزيد بمقدار خمس مرات.
وتشير التوقعات إلى أن الأرض ستسجل ارتفاعا في درجات الحرارة بمقدار 1.5 درجة مئوية بحلول عام 2030، مما سيزيد من التحديات في مواسم الحج المقبلة.
الازدحام الشديد والمشاكل المتعلقة بالصرف الصحي
وبناء على العديد من الشهادات، فإن سوء الإدارة من قبل السلطات السعودية أدى إلى تفاقم الوضع، مما أدى إلى أزمات في العديد من المناطق المخصصة للحجاج.
وتحدث شهود عيان عن سوء إدارة أماكن الإقامة والمرافق، مشيرين إلى أن الخيام شهدت اكتظاظا في ظل غياب أجهزة التبريد والمرافق الصحية الكافية.
قالت أمينة (اسم مستعار)، باكستانية تبلغ من العمر 38 عاماً: “لم تكن هناك مكيفات في خيامنا رغم الحر في مكة. المبردات التي تم تركيبها لم تكن تحتوي على الماء في معظم الأوقات.
وأضافت أمينة: “كانت هناك حالات اختناق كثيرة في تلك الخيام، بينما كنا نتعرق في تجربة رهيبة”.
إلى ذلك، قالت فوزية، وهي حاجّة من جاكرتا: “سقط الكثير من الإرهاق بسبب الازدحام والحر الشديد داخل الخيام”.
مشاكل النقل
كما وجد الحجاج أنفسهم مجبرين على قطع مسافات طويلة سيرًا على الأقدام تحت درجات الحرارة الشديدة.
وأرجع كثيرون هذه المعاناة إلى وجود الحواجز على الطرق، فضلاً عن سوء إدارة عمليات نقل الحجاج.
وقالت حاج باكستانية، طلبت عدم ذكر اسمها: “لقد وضعونا على طريق طوله سبعة كيلومترات دون ماء أو مظلات لحمايتنا من أشعة الشمس. لقد أقامت الشرطة نقاط تفتيش للتفتيش، فوجدنا أنفسنا مجبرين على السير لمسافات طويلة دون داعٍ على الأقدام”.
وقالت لبي بي سي: “في المعسكرات، تُرك الحجاج وكأنهم دواجن أو حيوانات في مزرعة. لم يكن هناك مساحة بين الأسرة للتحرك. ولم تكن هناك مراحيض كافية”.
ويقول السائح محمد عشا، إن بعض الحجاج اضطروا إلى السير مسافة لا تقل عن 15 كيلومترا يوميا، ما تركهم فريسة للإرهاق الحراري والإرهاق الجسدي، في ظل قلة المياه.
وأضاف المطوف لبي بي سي: “هذه هي حجتي الثامنة عشرة، ومن تجربتي أستطيع أن أقول إن السلطات السعودية لا تقدم التسهيلات. إنهم يسيطرون فقط، لكنهم لا يقدمون المساعدة”.
يتذكر محمد: “في السنوات السابقة، ظلت المنعطفات المؤدية إلى الخيام مفتوحة، أما الآن فقد أصبحت كل هذه الممرات مغلقة. ولذلك، فإن كل حاج – بغض النظر عن الفئة التي ينتمي إليها – عليه أن يمشي مسافة 2.5 كيلومتر تحت وطأة الحر الشديد”. حتى يصل إلى الخيمة».
ويتابع المطوف: “حتى لو كان هناك خدمة طوارئ، لن يتمكن أحد من الوصول إليك قبل مرور 30 دقيقة. لا توجد تجهيزات إسعاف، ولا توجد نقاط مياه على طول تلك المسارات”.
الحجاج غير النظاميين
لأداء فريضة الحج، يجب على المرء الحصول على تأشيرة الحج.
لكن البعض يسعى لأداء فريضة الحج دون الحصول على هذه التأشيرة، رغم تحذيرات السلطات السعودية من مغبة ذلك.
ولأنهم غير مسجلين رسمياً، فإنهم يحرصون على عدم الاتصال بالسلطات، خوفاً من انكشاف أمرهم، وبالتالي يحرمون من الحصول على الدعم في أوقات الحاجة.
ويعتقد كثيرون أن هذه المشكلة ساهمت في زيادة أعداد الوفيات خلال موسم الحج هذا العام.
وتلقي السلطات السعودية باللوم على هؤلاء “الحجاج غير النظاميين” في اكتظاظ الخيام المذكور أعلاه.
وفي مقابلة مع بي بي سي، قال سعد القرشي، مستشار اللجنة الوطنية للحج والعمرة، إنه من السهل تمييز الحجاج غير النظاميين؛ حيث لا يملكون بطاقات طقسية، والتي بدورها تحمل “رمز التعريف” الضروري لدخول الأماكن المقدسة ويعطى للحجاج المنتظمين.
الحجاج من كبار السن أو العجزة أو المرضى
ولعل أحد أسباب كثرة الوفيات بين الحجاج كل عام هو أن الكثير منهم من كبار السن – وربما قضوا سنوات عديدة في توفير نفقات الحج.
ويتمنى كثير من المسلمين أن يموتوا أثناء أداء فريضة الحج ويدفنوا في تلك الأماكن المقدسة.
ماذا يحدث إذا أدى الإنسان فريضة الحج؟
إذا مات الحاج أثناء قيامه بوفد الحج، فسيتم إعلام وفد الحج بذلك. ويتم التعرف على هوية الحاج من خلال بطاقة تعريفية توضع إما على السوار الذي يرتديه حول معصمه، أو حول رقبته. ثم يتم الحصول على شهادة من الطبيب، قبل أن تصدر السلطات شهادة الوفاة.
وتقام صلاة الجنازة في المساجد الكبيرة مثل المسجد الحرام بمكة، أو المسجد النبوي بالمدينة المنورة، حسب مكان الوفاة. ويتم غسل جثة المتوفى وتكفينها ونقلها إلى المشرحة المقدمة من السلطات السعودية والتي تغطي كافة النفقات.
وتتميز القبور بالبساطة. وهو بلا دليل، وأحياناً يتم دفن أكثر من حاج في قبر واحد. وهناك كتب تحتوي على أسماء المدفونين وأماكن قبورهم، حتى يتمكن الأهالي من العثور على أقاربهم وزيارتهم إذا رغبوا في ذلك.
وبالتعاون مع الهلال الأحمر والمنظمات الأخرى، تعمل الحكومة السعودية على الحفاظ على كرامة الموتى.