مصر: «سيدة الخبز» تثير الجدل حول جولات المحافظين
لا تزال واقعة مصادرة محافظ الدقهلية الجديد في مصر، طارق مرزوق، «أكياس الخبز المدعوم» من منزل سيدة مسنة خلال جولة تفقدية قبل أيام، والتي عُرفت إعلاميا بـ«سيدة الخبز»، تثير جدلا واسعا، خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، ما وسع النقاش حولها لتقييم مدى فاعلية الجولات الميدانية للمحافظين.
وكان مرزوق تولى مهام منصبه قبل 12 يوما في إطار حركة واسعة للمحافظين أعلن عنها في 3 يوليو/تموز الماضي، شملت استبدال 21 محافظا.
وبعد أيام من تعيينه، انتشر مقطع فيديو على نطاق واسع بين مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر فيه المحافظ أثناء جولة مفاجئة في مركز أجا (دلتا النيل)، داخل منزل ريفي بسيط يجلس فيه رجل مسن وامرأة عجوز، وبجانبهما أكياس خبز، فصادر المحافظ الخبز، ثم قال بصوت مرتفع: «صوّرها يا هيثم»، في إشارة إلى القائم على البث المباشر. وأثار مقطع الفيديو ردود أفعال متباينة، بين مؤيد لسلوك المحافظ مع «بائعة الخبز»، ومعارض له ومنتقد له.
الحادثة التي أثارت جدلاً واسعاً، بررها المحافظ في تصريحات تلفزيونية، قائلاً إنه «لم يقتحم المنزل، بل كان يمشي في الشارع وشاهد بالصدفة أن السيدة لديها كميات كبيرة من الخبز (المدعوم)، دون أي حق، وبكميات تفوق حصتها الغذائية»، معتبرا أن «ما حدث رسالة لمن يفكر في الخوف من القانون والحصول على سلع مدعومة ليست من حقه».
وأعرب قطاع كبير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي عن غضبهم من الحادثة، قائلين إن المحافظ بدلاً من مواجهة قضايا “الفساد” الكبرى، لاحق مواطنة فقيرة واقتحم منزلها لأن لديها خبزاً لإطعام أسرتها.
وتوقع البعض أن يكون سبب شراء السيدة لهذه الكمية من الخبز هو وقوفها في طابور لشراء الخبز المدعوم من آخرين مقابل مخصص شهري تحصل عليه منهم، وطالب آخرون المحافظ بالاعتذار لـ«سيدة الخبز».
في المقابل، أيد آخرون تصرف المحافظ، منددين بمخالفة السيدة لقواعد توزيع الخبز المدعوم، مؤكدين أن ما فعله كان من واجباته الوظيفية، وأن تطبيق القانون لا يحتاج إلى «عواطف».
وطالب عدد كبير من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي الوزراء وأعضاء البرلمان والمحافظين وكل المسؤولين في الدولة بأن يحذوا حذو محافظ الدقهلية وتصرفاته، بالخروج ومتابعة المشاكل على الأرض.
وقد قدم آخرون اقتراحات حول كيفية جعل الجولات أكثر إنتاجية.
وكان رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي ترأس الأحد الماضي أول اجتماع لمجلس المحافظين الجديد، وطلب منهم «الاهتمام بالزيارات الميدانية لمتابعة المشروعات الجاري تنفيذها كل داخل محافظته، حتى يشعر المواطن باهتمام ومتابعة المحافظ نفسه لخدماته».
وتفاعل نواب وإعلاميون مع الحادثة، حيث أيدها البعض وانتقدها آخرون، ودافع النائب مصطفى بكري عن تصرفاته، قائلا إنه “ترك مكتبه وخرج إلى الشارع لمواجهة مافيا المخابز”، بينما علق الإعلامي سيد علي في برنامجه “حضرة المواطن” قائلا: “هناك كثيرون يفعلون ذلك بهم، وليس فقط هذه المسكينة”، مؤكدا أن هذا المشهد “ينسب إليه وليس له”.
في الوقت نفسه، تداول آخرون مقطع فيديو يوثق قيام محافظ أسيوط الجديد هشام أبو النصر بضبط إحدى سيارات “الكنس” غير المرخصة أثناء تفريغ حمولتها من مخلفات الصرف الصحي في إحدى الترع، وسط تقدير لنشاطه في السيطرة على الفوضى.
ودعا الدكتور حمدي عرفة أستاذ الإدارة المحلية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، المحافظين إلى إتقان «فنون تطبيق مفاهيم الإدارة الحديثة والتواصل مع منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص».
وبحسب أستاذ الإدارة المحلية فإن زيارات المحافظين السابقين للقرى لم تكن تتجاوز 8% سابقاً، وللنجوع التابعة لهم 1%، وبالتالي كان هناك عجز إداري من الغالبية العظمى من المحافظين السابقين في الاهتمام بالقرى والنجوع، رغم أن عدد القرى في مصر 4726 قرية، تابعة لنحو 26757 ألف نجوع وقرية ونجوع، تمثل مجتمعة 56% من مساحة مصر وسكانها، وبالتالي كانت نسبة الاهتمام بتلك المناطق ضعيفة جداً.
