يحاول الجيش الإسرائيلي وحركة حماس تحديد ما إذا كان مروان عيسى نائب رئيس كتائب القسام، الجناح العسكري للحركة، قد قُتل فعلا في غارة جوية استهدفته وسط قطاع غزة، ليلة السبت والأحد الماضيين.
ويستخدم مسؤولو الاستخبارات في الجيش الإسرائيلي والشاباك إجراءات خاصة للتحقق بشكل نهائي من ما إذا كان “ملف” الرجل الثاني في كتائب القسام، الذي استخدمت إسرائيل أسلحة مشتركة “ثقيلة وخارقة للتحصينات”، لاغتياله وقد تم “إغلاقه” للتأكد من أنه لم يخرج حياً من المجمع الموجود تحت الأرض. الذي كان فيه.
وقالت القناة 12 الإسرائيلية: “بعد ثلاثة أيام من الهجوم القوي غير المعتاد في مخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة، لا تزال إسرائيل لا تعرف على وجه اليقين ما إذا كان عيسى قد قُتل، مع الأخذ في الاعتبار أن تأكيد تصفية عضو كبير في حماس… قد يأتي تحديدا من الفلسطينيين، ومن حماس نفسها».
أما حماس التي لم تعلق بعد على إعداد هذا التقرير، فإنها تجد صعوبة في التواصل والتواصل والتحقق من أي معلومات، كما أن الوصول إلى الجثث والتحقق منها في ظل الانهيار الكبير الذي سببته الضربة الإسرائيلية أمر معقد للغاية.
وقد استخدم الجيش الإسرائيلي قنابل خارقة للتحصينات، بالإضافة إلى قنابل ثقيلة جدًا، لاستهداف عيسى.
وفي الوثائق التي نشرها المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، شوهد انفجار كبير مع انفجارات أصغر، وذلك للتأكد من أن من لم يقتل بالانفجار نفسه أو انهيار النفق سيموت اختناقا أو استنشاق مواد خطيرة.
ولا تريد إسرائيل الإعلان رسميا عن مقتل عيسى إلا إذا تم التأكد منه بشكل قاطع، بعد أن أخطأت في بداية الحرب بإعلانها نجاة المسؤول السياسي لحركة حماس روحي مشتهى، الذي تبين إصابته. ، وعاد إلى العمل.
ويعتبر عيسى أهم هدف تم استهدافه منذ بداية الحرب، ويعتبر الرجل رقم 3 على قائمة المطلوبين لحركة حماس الإسرائيلية، بعد محمد الضيف قائد كتائب القسام، ويحيى القسام. – السنوار زعيم حركة حماس في غزة. أما رقم 4 فهو صالح العاروري، وفعلاً اغتالته إسرائيل في لبنان.
وتعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو باغتيال الرجل رقم 3 و2 و1 في حركة حماس بعد أن اغتالوا الرقم 4.
من هو مروان عيسى الملقب برجل الظل؟
ولد مروان عبد الكريم عيسى عام 1965 في مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة. نشأ في المخيم وتلقى تعليمه في مدارس وكالة الغوث، قبل أن يتلقى تعليمه الجامعي في الجامعة الإسلامية. وكان رياضياً مميزاً وأبدع في لعب كرة السلة في نادي خدمات المعسكر.
وانتمى عيسى إلى جماعة الإخوان المسلمين في بداية شبابه، قبل وقت قصير من الإعلان عن تأسيس حركة حماس، التي انضم إليها لاحقا.
اعتقلته قوات الاحتلال مرة واحدة عام 1987، وأطلق سراحه عام 1993. وظل يعاني من الاضطهاد الإسرائيلي، ثم اعتقل عام 1997 من قبل الأجهزة الأمنية الفلسطينية، وأطلق سراحه من سجونها مع اندلاع الحرب الثانية. انتفاضة الأقصى نهاية عام 2000.
شارك في بدايات عمل “كتائب القسام” خلال سنوات الانتفاضة، وشارك في عمليات مواجهة التوغلات الإسرائيلية، وشارك في تنفيذ عمليات إطلاق النار وقذائف الهاون والصواريخ باتجاه المستوطنات التي كانت تقع داخل قطاع غزة.
وتدرج في العمل الدعوي والعسكري داخل حركة حماس وكتائب القسام، حتى أصبح شخصية عسكرية بارزة. ثم عين قائدا للواء المنطقة الوسطى قبل أن يصبح عضوا في المجلس العسكري ثم أمين سر المجلس، حتى وصل إلى منصبه الحالي نائب قائد كتائب القسام. » بعد اغتيال الرجل الثاني في الكتائب أحمد الجعبري عام 2012.
وقالت مصادر «الشرق الأوسط» إن عيسى لعب دوراً مهماً في تغيير تركيبة المكتب السياسي لحركة «حماس» بعد انتخابات 2012، عندما طالب بضرورة وجود ممثل عن الكتائب في المكتب، وتم ترشيحه وترشيحه. وأصبح مرشحا لهذا المنصب ليكون حلقة وصل بين المستويين السياسي والعسكري. وواصل ذلك حتى الانتخابات الأخيرة التي جرت عام 2021، حيث ظهر للمرة الأولى علناً في صورة جمعت أعضاء المكتب السياسي الحالي الذي تمتد ولايته حتى عام 2025، ووضع “كمامة” على جبهته. الوجه في تلك الصورة التي أصبحت أحدث ظهور له.
لكن ما لا يعرفه الكثيرون هو أن عيسى الذي تعرض لمحاولات اغتيال عديدة ونجا منها، يصارع الموت منذ سنوات طويلة بسبب مرض السرطان.
وكشفت المصادر أن عيسى يعاني من مرض السرطان منذ نحو 8 سنوات، وتدهورت حالته الصحية عدة مرات في الفترة الماضية قبل الحرب. وكان يتلقى العلاج في مكان خاص، وكانت هناك محاولات مستمرة لإخراجه من قطاع غزة لتلقي العلاج قبل هذه الحرب.
ولم يكن عيسى أول من تم استهدافه في هذه الحرب. وذكرت المصادر أن الشهيد تعرض لمحاولة اغتيال، إثر قصف مبنى متعدد الطوابق في حي اليرموك بمدينة غزة، بعدة صواريخ، وسط حزام ناري عنيف. وتبين فيما بعد أنه غادر المبنى والمنطقة بأكملها قبل ساعات من الهجوم الإسرائيلي.
وقبل ذلك، حاولت إسرائيل قتل عيسى في معركة “سيف القدس” عام 2021، بعد استهدافها شقة سكنية في حي تل الهوى حيث كان من المفترض أن يصل عيسى، لكنه تأخر بضع دقائق، وهو ما وسمح له بالهرب بحياته، وقُتل في الهجوم شقيقه وائل، الذي كان قائداً في جهاز المخابرات. «القسام».
كما حاولت إسرائيل اغتياله لحظة تعرض أحمد الجعبري لمحاولة اغتيال عام 2012 في مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة، بعد قصف منزل كان يتواجد فيه.
وكانت العملية الأقرب للنجاح جاءت بعد أيام من اختطاف الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط عام 2006، حيث أصيب بجروح متوسطة تعافى منها لاحقا.
صفقات تبادل الأسرى
عيسى، الذي لا يحب الأضواء، كان نشطا جدا في أي محادثات تتعلق بصفقات تبادل الأسرى.
وقالت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية إن عيسى لعب دورا مهما في التخطيط لعملية اختطاف الجندي جلعاد شاليط وتنسيق اختفائه ومن ثم التفاوض بشأنه.
وتنسب المخابرات الإسرائيلية إلى عيسى أكثر من 50 بالمئة من المسؤولية عن هجوم 7 أكتوبر والتخطيط له.
وأكدت مصادر لـ«الشرق الأوسط» أن عيسى كان على علم تام بالخطة، وكان حاضراً في الاجتماع الأخير الذي حدد نقطة الصفر، وعلى اتصال مباشر مع قادة وحدات النخبة التي نفذت الهجوم الأول في ذلك اليوم، و أشرف بشكل مباشر على عملية اقتحام كيبوتس “بئيري”. » يقع شرق المنطقة الوسطى من قطاع غزة، وكان بمثابة مسرح مهم لهجوم “القسام”.
وتشير التقديرات الأخيرة للاستخبارات الإسرائيلية إلى أن الهجوم على عيسى كان ناجحا، وأن حماس تواجه صعوبات في معرفة نتائج العملية، تماما مثل إسرائيل.
وقالت مصادر في حركة حماس لـ«الشرق الأوسط» إنها تابعت التقارير الإسرائيلية حول الهجوم، ولا توجد معلومات مؤكدة حتى الآن عن حقيقة ما حدث، ولا يمكن التأكد من تواجد عيسى في مكان الحادث.