مصدر الصورة، وكالة حماية البيئة
الرئيسان المصري والروسي يوافقان على البدء في صب الخرسانة للوحدة الرابعة والأخيرة لمحطة إنتاج الكهرباء بالوقود النووي.
- مؤلف، عبد البصير حسن
- دور، بي بي سي القاهرة
أعطى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين الإذن بالبدء في صب الخرسانة للوحدة الرابعة والأخيرة من محطة إنتاج الكهرباء بالوقود النووي في منطقة الضبعة على ساحل البحر الأبيض المتوسط شمال غرب مصر.
وشارك السيسي وبوتين في تدشين هذه المرحلة عبر تقنية الفيديو من القاهرة وموسكو يوم الثلاثاء، فيما تجمع عدد من كبار المسؤولين من البلدين في موقع المشروع، الذي يبعد نحو 170 كيلومترا غرب الإسكندرية، لمتابعة المشروع. البدء بالتنفيذ على أرض الواقع.
بدأ في 20 يوليو 2022، صب الخرسانة للوحدة الأولى من الوحدات الأربع في المشروع، الذي يضم أربعة مفاعلات تعمل بالماء المضغوط، قدرة كل منها 1200 ميجاوات، وبقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميجاوات للوحدات الأربع، بحسب الوكالة الروسية. شركة روستام المنفذة للمشروع.
وبحسب علي عبد النبي، النائب السابق لرئيس هيئة المحطات النووية في مصر، فإن خطوة صب الخرسانة تعني وضع القاعدة الخرسانية التي ستبنى عليها الوحدة بالكامل، كأساس لتثبيت التربة أسفل وعاء الاحتواء.
ويقول عبد النبي إن وعاء الاحتواء عبارة عن “مبنى مكون من جدارين يبلغ ارتفاعه حوالي 60 مترا ووزن كبير يصل إلى آلاف الأطنان. ولا يمكن وضعها على تربة عادية بل توضع على قاعدة خرسانية مسلحة. هذه هي الخرسانة المصبوبة، وسمكها حوالي 4 أمتار”.
الفخ والسلامة
أعلنت هيئة محطات الطاقة النووية خلال العام الماضي عن وصول مصيدة قلب المفاعل للوحدتين النوويتين الأولى والثانية لمحطة الضبعة للطاقة النووية من روسيا إلى المحطة وتم تركيبها في مكانها كأول معدات نووية طويلة المدى لمحطة الضبعة النووية. سيتم تركيبها في محطة الضبعة للطاقة النووية.
مصدر الصورة، هيئة محطات الطاقة النووية – فيسبوك
“تقوم شركة روساتيم بإنشاء المشروع ليكون خاليًا من الانبعاثات ومفيدًا للبيئة.”
وبحسب الهيئة فإن مصيدة قلب المفاعل تعد أحد العناصر الأساسية في نظام السلامة بالمحطة، وهي إحدى المعدات المميزة لمفاعلات الجيل الثالث+ الروسية المتقدمة. “إنه نظام حماية فريد من نوعه يتم تركيبه أسفل قاع وعاء المفاعل بهدف رفع درجة الأمن والسلامة في المحطة.”
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في كلمته خلال مراسم صب الخرسانة للوحدة الرابعة إن روساتوم تقوم بإنشاء المشروع ليكون “خالياً من الانبعاثات ومفيداً للبيئة”، مضيفاً أنه سيتم بناء المحطة النووية وفق أعلى معايير السلامة. وستوفر فرص عمل لأكثر من 16 ألف عامل، معظمهم من المصريين. الروس.
تاريخ الحلم النووي المصري
بدأ حلم إنشاء محطة نووية مصرية في خمسينيات القرن الماضي، عندما تعاونت موسكو مع القاهرة لإنشاء أول مفاعل للأبحاث النووية عام 1961، وبعدها طرحت المشروعات النووية المصرية الروسية، لكنها كانت مجرد اتفاقيات لم تكتمل.
واتفقت الحكومتان المصرية والروسية عام 2015 على إنشاء المحطة. وخلال العامين التاليين، تم الحصول على موافقات الجهات المعنية على الموقع المحدد للمشروع، قبل أن يوقع الرئيسان المصري والروسي عقود إنشاء المحطة في عام 2017.
مصدر الصورة، هيئة محطات الطاقة النووية – فيسبوك
“تهدف مصر إلى تنويع مصادر الطاقة من خلال تقليل الاعتماد على الغاز الطبيعي.”
وتهدف مصر من خلال مشروع محطة الضبعة للطاقة النووية إلى تنويع مصادر الطاقة من خلال تقليل الاعتماد على الغاز الطبيعي والمنتجات البترولية.
مصر وأزمة الطاقة
تعتمد مصر 85% من إنتاجها من الكهرباء على الوقود الأحفوري (الغاز الطبيعي والديزل)، بحسب تصريحات رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي في ذروة الشكاوى من انقطاع التيار الكهربائي المتكرر في البلاد الصيف الماضي.
لكن استخدام الغاز الطبيعي والديزل لإنتاج الكهرباء يكلف الكثير لأنه مدعوم من الدولة، بحسب مدبولي.
تنفذ الحكومة المصرية خطة تخفيف الأحمال التي بدأتها في يوليو الماضي، من خلال قطع مقرر للكهرباء في مختلف محافظات البلاد، لتقليل استهلاك الغاز الطبيعي.
ولذلك يرى الخبراء أن مشروع الضبعة النووي يوفر مصدرا اقتصاديا للكهرباء في ظل العمر الممتد لمحطات الطاقة الكهربائية التي تعمل بالوقود النووي مقارنة بالوقود الأحفوري.
انتقادات ومخاوف
ويواجه مشروع محطة الضبعة انتقادات حادة في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد منذ سنوات ووصول الدين الخارجي إلى مستويات غير مسبوقة.
وسيتم تنفيذ المشروع من خلال قرض روسي بنحو 25 مليار دولار، يمثل نحو 85 بالمئة من التكلفة، على أن يسدد على 22 عاما، ابتداء من عام 2029.
لكن في نظر منتقدي المشروع، فإن ذلك سيزيد من حجم الدين في وقت تعاني فيه البلاد من وضع اقتصادي صعب.
وتراجع حجم الاحتياطي النقدي لمصر بشكل ملحوظ منذ بداية عام 2022 مع تصاعد الحرب في أوكرانيا، ليصل إلى نحو 35 مليار دولار، بينما وصل الدين الخارجي إلى نحو 190 مليار دولار في آخر البيانات.
لكن الخبير الاقتصادي عبد النبي عبد المطلب يرى أن المشروع أصبح مهما في ظل جدواه الاقتصادية مقارنة بالمحطات التقليدية الحالية.
ويقول عبد المطلب: «يعتبر الوقود والطاقة المحركين الرئيسيين للتنمية ككل. وإذا نجحت الجهود المبذولة لتوليد الطاقة الكهربائية من الطاقة النووية، فإننا نتحدث عن طاقة رخيصة من شأنها أن تقلل من تكاليف الإنتاج وبالتالي زيادة القدرة التنافسية للمنتج الذي سيستخدم هذه الطاقة. هذا المشروع ليس مشروع خدمي. لكنه مشروع إنتاجي، وحتى لو سيفرض تكاليف إضافية على الموازنة العامة، فإن مردوده وعائده سيكون سريعا وسيحقق أرباحا تغطي تكاليفه”.
وأضاف أن هذا التعاون بين مصر وروسيا يعد بداية لجذب الاستثمارات في مجالات متعددة، كما أن اتفاقيات القرض الروسي أقرب إلى القروض الجيدة نظرا لطول فترة السداد والأقساط المريحة للسداد ولتمويل مشروع إنتاجي يتم فيه السداد. العودة قادرة على تغطية تكاليفها”، بحسب عبد المطلب.
مصدر الصورة، هيئة محطات الطاقة النووية – فيسبوك
“ستوفر روسيا الوقود النووي طوال العمر التشغيلي لمحطة الضبعة النووية”.
ومن حيث الأرقام، يقول عبد النبي إن الميزان لصالح المحطة النووية. وأضاف: «أهم ما يميز المحطة النووية عن المحطة العادية التي تعمل بالغاز أن عمرها 60 عاما، في حين أن عمر المحطة العادية 25 عاما. وتعمل المحطة النووية بنسبة 92% من عدد الساعات سنوياً، مقارنة بمحطة الوقود التي تعمل بنسبة 56%». % من عدد الساعات سنوياً، وتعمل محطات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بمعدل 30% من عدد الساعات سنوياً.
ووفقا لبيان الحكومة المصرية عام 2023، ووفقا للالتزامات التعاقدية، فإن دور الجانب الروسي لن يقتصر على إنشاء المحطة فحسب، بل سيقوم أيضا بتزويد الوقود النووي لكامل العمر التشغيلي لمحطة الضبعة النووية. كما ستقوم بترتيب برامج تدريب للكوادر البشرية المصرية وتقديم الدعم في تشغيل وصيانة المحطة. خلال السنوات العشر الأولى من عملها. علاوة على ذلك، سيقوم الجانب الروسي بإنشاء منشأة لتخزين الوقود النووي المستهلك.
وبحسب رئيس هيئة محطات الطاقة النووية، فإنه بحلول عام 2030، سيتم تشغيل الوحدات الأربع للمحطة النووية بالضبعة بكامل طاقتها.