أعلنت عدة شركات طيران عالمية تعليق رحلاتها إلى مطار بيروت وسط توقعات بضربة إسرائيلية محتملة على لبنان، رداً على مقتل 12 شخصاً وإصابة آخرين عندما سقط صاروخ على ملعب لكرة القدم في بلدة مجدل شمس في الجولان السوري المحتل السبت الماضي.
أعلنت مجموعة الخطوط الجوية الألمانية “لوفتهانزا” تعليق رحلاتها إلى بيروت حتى الخامس من أغسطس/آب المقبل.
ونقلت وكالة فرانس برس عن متحدث باسم شركة لوفتهانزا قوله إن إلغاء الرحلات إلى لبنان جاء نتيجة “التطورات المستمرة في الشرق الأوسط”.
كما علقت شركتا إير فرانس وترانسافيا رحلاتهما إلى بيروت يومي الاثنين والثلاثاء “بسبب الوضع الأمني” في البلاد، بحسب متحدث باسم مجموعة إير فرانس-كيه إل إم.
وأظهرت بيانات موقع تتبع الرحلات الجوية FlightRadar24 أن الخطوط الجوية التركية ألغت رحلتين مساء الأحد، في حين ألغت شركتا الطيران التركيتان SunExpress وAJet، والخطوط الجوية اليونانية Aegean Airlines، والخطوط الجوية الإثيوبية، والخطوط الجوية الشرق أوسطية، الرحلات التي كان من المقرر أن تصل إلى بيروت يوم الاثنين.
كما قررت هيئة تنظيم الطيران المدني الأردنية، الاثنين، تعليق جميع رحلات شركات الطيران الوطنية إلى مطار بيروت “لفترة قصيرة”، وأضافت أنه سيتم متابعة التطورات في المنطقة واتخاذ الإجراءات الكفيلة بضمان تشغيل الرحلات بسلامة وأمان.
أعلنت شركة الخطوط الجوية الملكية الأردنية، اليوم الاثنين، تعليق رحلاتها إلى العاصمة اللبنانية بيروت، حيث ستلغي الشركة رحلة اليوم الاثنين ورحلة اليوم الثلاثاء، وذلك تنفيذاً لقرار هيئة تنظيم الطيران المدني الأردني بتعليق جميع رحلات الشركات الوطنية إلى مطار بيروت.
وفي لبنان، أعلنت شركة طيران الشرق الأوسط تأجيل بعض رحلات العودة من مساء الأحد إلى صباح الاثنين، من دون إبداء الأسباب.
يأتي ذلك بعد أن قرر المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية، منح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت صلاحية اتخاذ القرار بشأن الرد على الصاروخ الذي سقط في مجدل شمس في الجولان المحتل.
وتتهم إسرائيل حزب الله بإطلاق الصاروخ، فيما نفى حزب الله اللبناني مسؤوليته عن ذلك.
إن خطر اندلاع صراع واسع النطاق “مبالغ فيه”.
من جانبه، قال البيت الأبيض، الاثنين، إنه “واثق” من إمكانية تجنب حرب أوسع بين إسرائيل وحزب الله، رغم الصاروخ الذي سقط في مرتفعات الجولان المحتلة وأسفر عن مقتل 12 شخصا.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي إن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين أجروا محادثات على “مستويات متعددة” خلال عطلة نهاية الأسبوع في أعقاب الهجوم، وإن خطر اندلاع صراع واسع النطاق “مبالغ فيه”.
وأضاف “لا أحد يريد حربا أوسع نطاقا، وأنا واثق من أننا سنتمكن من تجنب مثل هذه النتيجة”.
وأضاف كيربي “لقد سمعنا جميعا عن هذه الحرب الشاملة في نقاط مختلفة على مدى الأشهر العشرة الماضية، وكانت تلك التوقعات مبالغ فيها في ذلك الوقت، وبصراحة، نعتقد أنها مبالغ فيها الآن”.
وقال جون كيربي إن التوترات المتصاعدة “لا ينبغي أن يكون لها تأثير على محادثات وقف إطلاق النار في غزة، حيث تقاتل إسرائيل حماس”.
دول تحذر رعاياها في لبنان
ورغم تطمينات كيربي، حذرت السفارة الأميركية في بيروت رعاياها في بيان وطلبت منهم إعادة النظر في السفر إلى لبنان.
“ونلفت انتباه المواطنين إلى أنه في ظل التوتر المتزايد في المنطقة، تقوم بعض شركات الطيران بتعديل جداول رحلاتها في لبنان”.
وأكدت وزارة الخارجية البريطانية في بيان أنها تواصل نصيحة مواطنيها بعدم السفر إلى لبنان، وتشجع المقيمين في البلاد على مغادرتها.
وبالإضافة إلى وزارة الخارجية الفرنسية، ووزارة الخارجية الدنماركية، ووزارة الخارجية السويدية، والسفارة النرويجية في بيروت، التي دانت حادثة مجدل شمس وحذرت من السفر إلى لبنان في الوقت الحاضر، ودعت مواطنيها إلى مغادرته.
كما أعربت مصر عن رفضها لأي تهديد يستهدف استقرار لبنان وسلامة شعبه، وعن قلقها العميق إزاء التصعيد المستمر بين حزب الله وإسرائيل، وتأثيره المحتمل على أمن لبنان واستقراره.
جاء ذلك خلال اتصالين هاتفيين منفصلين بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ورئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي ووزير الخارجية اللبناني عبد الله بو حبيب، بحسب بيان لوزارة الخارجية المصرية.
كما شددت سفارة مملكة البحرين في سوريا (نظراً لعدم وجود سفارة بحرينية في لبنان) على أهمية الالتزام بالتحذيرات السابقة التي أصدرتها وزارة الخارجية ضد المواطنين البحرينيين المسافرين إلى لبنان، نظراً للوضع الأمني الحالي والمخاطر المحتملة.
من جانبه، حذر الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال اتصال هاتفي مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون الاثنين من أن إسرائيل سترتكب “خطأ فادحا” إذا هاجمت لبنان.
وأكد ماكرون لبزشكيان “ضرورة بذل كل الجهود لتجنب التصعيد العسكري”، داعيا طهران إلى “التوقف عن دعم الجهات المزعزعة للاستقرار”، بحسب الرئاسة الفرنسية.
وحذر من أن اندلاع حرب جديدة “سيكون له عواقب مدمرة على المنطقة”.
حزب الله سيعتبر أي ضربة على لبنان “عدواناً” وليس “رداً”
وقالت مصادر في حزب الله لبي بي سي إن حزب الله يرفض اعتبار أي ضربة إسرائيلية في ما تسميه تل أبيب “ردا” على حادثة مجدل شمس “ردا”، لأن الحزب نفى أي مسؤولية عن سقوط صاروخ مجدل شمس. وبالتالي فإن أي ضربة إسرائيلية ستعتبر “عدواناً” من قبل حزب الله، وسيتعامل معها على هذا الأساس، بحسب ما أعلنته مصادر في حزب الله لمراسل بي بي سي في بيروت.
أهالي مجدل شمس يرفضون زيارة نتنياهو
رفض مئات من سكان مرتفعات الجولان السماح لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بزيارة موقع صاروخ سقط في بلدة مجدل شمس، مما أسفر عن مقتل 12 شخصا تتراوح أعمارهم بين 10 و20 عاما.
ورفع الأهالي لافتة كتب عليها “مجرم حرب” ولافتة أخرى كتب عليها “يسقط قتلة الأطفال”.
كما رددوا هتافات معبرة عن احتجاجهم ورفضهم لزيارة نتنياهو وطالبوه بمغادرة البلدة.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي في موقع سقوط الصاروخ إنه جاء ليعبر عن تعاطفه العميق، مشيرا إلى أنها كانت “كارثة مروعة”، بحسب هيئة البث الإسرائيلية.
وفي وقت سابق، أكد نتنياهو أن ما حدث في مجدل شمس “لن يمر مرور الكرام وأن رد إسرائيل سيكون قويا”، على حد تعبيره.
حزب الله العراقي يحذر من تصعيد العمليات في لبنان
حذر المتحدث العسكري باسم كتائب حزب الله العراقي جعفر الحسيني، الاثنين، إسرائيل من تصعيد عملياتها ضد أحد أطراف ما يسمى “محور المقاومة”.
وقال الحسيني في تصريح مقتضب: “إذا أقدم الكيان الصهيوني على رفع سقف العمليات على أحد جوانب المحور فإن قواعد الاشتباك الجديدة لن تكون لصالحه ولا لصالح راعيته أمريكا الشريرة”.
هل يمكن تجنب التصعيد بين إسرائيل وحزب الله؟
إن تجنب التصعيد يعتمد إلى حد كبير على الوضع في غزة وعلى الجهود المبذولة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإعادة الرهائن الإسرائيليين، لأن ذلك من شأنه أن يساعد في تهدئة التوترات في جنوب لبنان.
وكان حزب الله قد أشار في وقت سابق إلى انفتاحه على التوصل إلى اتفاق يخدم مصالح لبنان، لكنه قال إن مثل هذا الاتفاق يمكن التوصل إليه عندما توقف إسرائيل هجومها على غزة.
وبينما تقول إسرائيل أيضاً إنها تفضل تسوية دبلوماسية من شأنها استعادة الأمن إلى شمال البلاد، قالت الحكومة الإسرائيلية أيضاً إنها تستعد لشن هجوم عسكري لتحقيق نفس الهدف.
قال المبعوث الأمريكي الخاص إلى لبنان آموس هوشتاين، الذي توسط في اتفاق دبلوماسي غير محتمل بين لبنان وإسرائيل في عام 2022 بشأن حدودهما البحرية المتنازع عليها، في 30 مايو/أيار، إنه لا يتوقع السلام بين حزب الله وإسرائيل، لكنه اقترح التوصل إلى مجموعة من التفاهمات التي من شأنها إزالة بعض محركات الصراع وترسيم حدود معترف بها بين لبنان وإسرائيل.
وكان الاقتراح الفرنسي الذي قدم إلى بيروت في فبراير/شباط الماضي يتضمن أيضا انسحاب مقاتلي حزب الله النخبة لمسافة 10 كيلومترات من الحدود، والدخول في مفاوضات تهدف إلى تسوية الخلافات حول منطقة الحدود البرية.