أثار مقتل رجل أعمال يحمل الجنسيتين الكندية والإسرائيلية، جدلاً واسعاً في وسائل الإعلام المصرية والإسرائيلية، وكذلك على مواقع التواصل الاجتماعي، ورافقه العديد من التساؤلات والادعاءات.
وأبرز هذه الادعاءات هو أن ضحية الحادث كان “عميلاً للمخابرات الإسرائيلية”، لكن لم يتضح من تحقيقاتنا وجود أي علاقات للضحية بالمخابرات الإسرائيلية أو أي جهاز أمني.
وحاول فريق تقصي الحقائق في بي بي سي التحقق من جميع المعلومات الواقعية المتاحة حول الحادث والأطراف المعنية.
ماذا حدث؟
وذكر بيان صادر عن وزارة الداخلية المصرية، الثلاثاء الماضي، أن “رجل أعمال كنديًا مقيمًا بشكل دائم في البلاد تعرض لحادثة “إطلاق نار جنائي” بالإسكندرية يوم 7 مايو الماضي على يد مجهولين بمحافظة الإسكندرية شمالي البلاد”. مصر.”
ولم يذكر بيان وزارة الداخلية جنسية القتيل الإسرائيلية، ووصف الحادث بأنه “إجرامي” وليس حادثا إرهابيا بسبب الدين أو الجنسية.
وتمكن فريق التحقيق المصري من التعرف على المشتبه به، كما تم التعرف على الضحية على أنه شخص يدعى “زيف كيفر”، الرئيس التنفيذي لشركة خاصة تعمل في تصدير الخضار والفواكه المجمدة.
وفي اليوم نفسه، تم تداول بيان على وسائل التواصل الاجتماعي منسوب لجماعة تطلق على نفسها اسم “طلائع التحرير – جماعة الشهيد محمد صلاح” أعلنت فيه مسؤوليتها عن اغتيال من وصفته بـ”العميل الإسرائيلي” في مدينة الإسكندرية.
وقالت الجماعة إنها قتلت الضحية انتقاما للفلسطينيين في غزة، وزعمت أن زيف وأفعاله مجرد واجهة لجهاز المخابرات الإسرائيلي الموساد، دون تقديم أي دليل.
وأعقب ذلك نشر حسابات تابعة للتنظيم صورة ثم مقطع فيديو يظهر أنه تم التقاطه بكاميرا Go-Pro لشخص يحمل سلاحا يقترب من سيارة بيضاء، ثم أطلق أكثر من خمس طلقات على سائق السيارة أثناء قائلًا: “شالوم من أطفال غزة”، أي “سلام من أطفال غزة”. .
وقالت الجماعة إن هذا الفيديو يظهر مقتل رجل الأعمال الكندي الإسرائيلي.
وبحسب بيان المجموعة، فإن الضحية هو عميل مخابرات إسرائيلي دخل مصر متنكرا في زي رجل أعمال يحمل جواز سفر كندي، وكان يحاول جمع معلومات وتجنيد أشخاص للموساد، وهو ما لم يتضح من البحث والتحقيق الذي أجريناه.
إن تتبع المعلومات الخاصة بالشخص الذي يدعى “زيف كيفر” مثل أرقام هواتفه المختلفة وعناوين بريده الإلكتروني وعناوينه في أكثر من دولة، كان سهلا ومتاحا، وهو ما لا يتناسب مع عميل جهاز مخابرات، ولا حتى شخص ما. مع القليل من الخبرة في إعدادات الخصوصية على الإنترنت.
وفي الصورة التي تم تداولها ونسبتها للحادث يمكن رؤية معلومات وأدلة تساعد في تحديد أو تقدير مكان الحادث باستخدام أدوات مفتوحة المصدر.
قررنا عدم الإفصاح عن طبيعة أي من هذه المعلومات لأسباب تتعلق بالخصوصية، إلا أنها تشير إلى أن مكان الحادث كان بمنطقة طريق أبيس بالقرب من طريق الإسكندرية الزراعي، ويبعد عن مقر الشركة الضحية 10 دقائق بالسيارة. في مجمع سموحة جرين سايد.
ومن خلال عدة لقطات من الفيديو المنشور للحادثة، تبين أنه فيديو جديد ومتوافق مع تفاصيل الصورة، إلا أن الجاني في الصورة كان يرتدي قفازاً أبيض اللون، بينما لم يكن يرتديه في فيديو. كما أن وضع الأصابع على السلاح يختلف بين الفيديو والصورة، مما يدل على أن الصورة التقطت بعد الفيديو، أي بعد مقتل الضحية، بهدف نشره، لكن الفيديو لم يكن كذلك. جزء من خطتهم الأولية للنشر.
تجدر الإشارة إلى أن صحة الصورة والفيديو لا تعني التأكد من دقة سبب القتل أو هوية القتيل في المواد المنشورة، إذ لم نتمكن بعد من التأكد من هوية الضحية تظهر في الفيديو بسبب عدم وضوح الملامح.
ضحية الحادث
الاسم والوصف المنشور لضحية حادث الإسكندرية يطابق البيانات المتوفرة لشخص يدعى “زيف كيفر”.
وتشير المعلومات المتوفرة إلى أن كيفر كان يبلغ من العمر 65 عامًا تقريبًا عندما توفي تاركًا وراءه زوجة وابنة.
ويحمل الجنسيات الأوكرانية والكندية والإسرائيلية، بحسب المعلومات التي حصلنا عليها من حسابات منسوبة لشخص بنفس المواصفات.
وأكدت وزارة الخارجية الإسرائيلية أن القتيل رجل أعمال يحمل الجنسيتين الكندية والإسرائيلية. ولم يصدر بيان عن السلطات في كييف يؤكد الهوية الأوكرانية.
وتشير البيانات المتوفرة إلى أن كيفر ولد في أوكرانيا السوفيتية ثم هاجر مع عائلته إلى إسرائيل عندما كان طفلا. ذهب إلى كندا حيث التحق بالجامعة. عاد بعد ذلك إلى أوكرانيا، لكنه تردد في زيارات العمل إلى مصر، حيث أسس شركة لتصدير الفواكه والخضروات تسمى OK Group LLC في عام 2017. وتمتلك الشركة أربع علامات تجارية: OK Frozen – Egypt Frozen – Egypt Fruits – OK Charcoal. وبالإضافة إلى تصدير الفواكه والخضروات المجمدة، تعمل الشركة أيضًا في تصدير الفحم، بحسب الموقع الرسمي للشركة.
يقع مقرها الإداري في محافظة الإسكندرية، بينما يقع مقر مصنعها في محافظة البحيرة المجاورة، وتتنقل بين المحافظتين، وهو ما تأكدنا من صحته من خلال الأماكن التي رصدناها والتي يتردد عليها من خلال حساب مرتبط به. في الفيسبوك. وعندما اندلعت الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير 2022، كان كفير يقيم في الإسكندرية بالكامل، بحسب البيانات المنسوبة إلى كفير.
وكشفت الأبحاث أن للشركة فرعين خارج مصر، أحدهما في أوكرانيا والآخر في إسرائيل.
ومن خلال فحص المعلومات المتوفرة لدى زيف كفير، نستنتج أن الضحية كان يهوديا بالدين، وكانت له علاقات وثيقة مع الجاليات اليهودية المحلية في البلدان التي زارها، وخاصة في إسرائيل.
وتشير المعلومات نفسها إلى أن كفير كان على اتصال دائم بالحاخام إسرائيل زيلبرشتاين، مبعوث منظمة حباد اليهودية إلى تشيرنيهيف بأوكرانيا. وقال الأخير في مقابلة مع موقع إسرائيلي إن كفير «كان يقول لي إنه عندما يتقاعد سيصبح مساعدا لأحد الحاخامات».
الصورة التي تم تداولها للضحية برفقة شابين يرتديان أغطية شعر يهودية، والتي تأكدنا من صحتها، التقطتها “زيف كفير” مع حاخامين خلال زيارتهما في سبتمبر الماضي لإمامة صلاة رأس السنة اليهودية في القدس. معبد إيليا النبي اليهودي بالإسكندرية.
كما أن فحص الروايات المنسوبة إليه على وسائل التواصل الاجتماعي يظهر أن كفير زار إسرائيل بشكل متكرر.
وبعد هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر، نشر بشكل متكرر منشورات مختلفة على حساب الفيسبوك التابع لكفير لدعم إسرائيل ولم يخف حقيقة أنه إسرائيلي. وبحسب مقابلة أجراها الحاخام مندل غولدمان مع موقع التايمز الإسرائيلي، فإن موظفي كفير عرفوا أنه إسرائيلي.
وتحدثت زوجة الضحية لوسائل إعلام إسرائيلية، وأكدت أن زوجها يحمل الجنسيتين الإسرائيلية والكندية، وأن مقتل زوجها وقع في الإسكندرية. وقالت الزوجة خلال المقابلة إنها تعتقد أن سبب الحادث ليس جنائيا، بل لأن الضحية إسرائيلية الجنسية وأنها ستغادر مصر وتذهب للعيش مع ابنتها في إسرائيل.
ولم تؤكد المعلومات المتوفرة المنسوبة لكفير المزاعم المتعلقة بعلاقته مع السلطات الأمنية الإسرائيلية.
“مجموعة الشهيد محمد صلاح”
كما تحققنا من الروايات المنسوبة إلى المجموعة التي أعلنت مسؤوليتها عن الحادثة وأطلقت على نفسها اسم “طلائع التحرير – جماعة الشهيد محمد صلاح”. وتبين أن جميع حساباتها تم إنشاؤها في 7 مايو، أي في نفس اليوم الذي نشرت فيه بيانها، ولا يوجد أي أثر رقمي. هذه المجموعة أو الحسابات المنسوبة إليها قبل هذا التاريخ.
ويعود اسم هذه المجموعة إلى “محمد صلاح”، وهو مجند في الشرطة المصرية تسلل عبر الحدود إلى إسرائيل أثناء أداء خدمته العسكرية في منطقة سيناء في يونيو/حزيران الماضي، وقتل ثلاثة إسرائيليين قبل أن يقتل في المقابل.
وحتى وقت نشر هذا المقال، قالت مصادر أمنية مصرية إنه لا تتوفر معلومات حول وجود مثل هذه المجموعة أو ما إذا كانت متورطة في الحادث.
وقالت أجهزة الأمن المصرية، الأربعاء، إنه تم القبض على أحد المشتبه بهم، وتجري التحقيقات مع الأشخاص الذين لهم علاقات مع الضحية في البحيرة والإسكندرية.
صورة الدم مع الدم
ومع انتشار الخبر، تم تداول صورة أخرى قال ناشروها إنها لمصريين يحتفلون بالاغتيال من خلال توزيع الحلوى.
في الواقع، هذه الصورة قديمة ويعود تاريخها إلى 23 فبراير 2023، على مواقع إخبارية عربية، تظهر مواطنين يحتفلون في الأراضي الفلسطينية بعد مقتل مستوطنين في نابلس شمال الضفة الغربية.