عادت قضية المعتقلين الـ65 على خلفية التظاهرات التي شهدتها القاهرة دعماً لفلسطين إلى واجهة الأحداث من جديد، بعد رسالة وجهها عدد من أقاربهم، في الوقت الذي يطالب فيه نشطاء وحقوقيون بالإفراج عنهم.
ونشر المحامي خالد علي، الأحد، عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك رسالة قال إنه تلقاها من أهالي المعتقلين، مطالبا النيابة العامة والجهات المختصة بإعادة النظر في القضيتين 2468 و2469 لسنة 2023 حصر أمن دولة عليا، والإفراج عن أهاليهم.
وقال علي: “في يومي 20 و27 أكتوبر 2023، تم اعتقال 65 شخصًا لمشاركتهم في مظاهرات دعمًا لفلسطين. بعضهم شارك في المظاهرات التي دعا إليها الرئيس، والبعض الآخر تم اعتقالهم عشوائيًا. نؤكد أن أيًا منهم لم يرتكب أي أعمال عنف أو تخريب، بل كانت مشاركتهم تعبيرًا عن موقفهم الداعم للقضية الفلسطينية”.
وتابع: “نطالب النيابة العامة والجهات المختصة بإعادة النظر في القضية والإفراج عن من شاركوا في التضامن مع فلسطين”.
وقال السيسي خلال مؤتمر صحفي مع المستشار الألماني أولاف شولتز في القاهرة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي: “إذا كان من الضروري أن أطلب من الشعب المصري الخروج للتعبير عن نفسه (…) فسوف ترى ملايين المصريين يؤيدون الموقف المصري” بشأن رفض تهجير الفلسطينيين إلى سيناء.
بدأت المظاهرات المصرية الداعمة للفلسطينيين في 20 أكتوبر/تشرين الأول، عندما دعت الأحزاب الموالية للحكومة إلى تنظيم مظاهرات في مناطق محددة، ليس من بينها ميدان التحرير.
لكن المتظاهرين الذين غادروا الجامع الأزهر في وسط القاهرة بعد صلاة الجمعة تمكنوا من الوصول إلى الميدان الذي يعد مركز ثورة يناير التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك.
وعلى الفور قامت الشرطة بإخلاء الساحة وتفريق المتظاهرين إلى الشوارع المتفرعة منها، واعتقلت عدداً منهم.
وبعد ذلك استمرت المظاهرات بين الحين والآخر، فيما اعتاد المتظاهرون التظاهر أمام مقر نقابة الصحفيين المصريين في وسط القاهرة بين الحين والآخر.
وفي الثاني من أبريل/نيسان الجاري، شهد مقر النقابة مظاهرة نصرة لغزة، لكن السلطات اعتقلت خلالها 18 شخصاً، بحسب ما أعلنت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية.
وعزا البعض اعتقال هؤلاء النشطاء إلى “حساسية” اليوم الذي أدى فيه الرئيس عبد الفتاح السيسي اليمين الدستورية لفترة رئاسية ثالثة تبقيه في السلطة لمدة 6 سنوات أخرى.
“حساسية يوم القسم”.. كواليس اعتقال وإطلاق سراح متظاهري “نصرة غزة” في مصر
وعلى مدى الأسابيع الماضية كرر ناشطون مصريون وقفتهم الأسبوعية أمام نقابة الصحفيين في القاهرة تضامنا مع غزة واحتجاجا على تعامل الحكومة المصرية مع القضية، قبل أن يتم اعتقال بعض المشاركين في الوقفة التي تزامنت مع أداء الرئيس المصري اليمين الدستورية الأربعاء.
ويرى أستاذ العلوم السياسية المصري عصام عبد الشافي أن “النظام المصري سئم من أي نوع من التظاهرات، ولذلك يسعى إلى ملاحقة من تظاهروا دعماً لغزة”.
وقال عبد الشافي لـ”الحرة”: “النظام المصري يغض الطرف عن المظاهرات التي تخرج دعماً لفلسطين بإذنه، أو بتنسيق منه أو من أحزاب موالية له، بينما يلاحق المظاهرات الأخرى التي تخرج لنفس الغرض، لأن منظميها لديهم مواقف مستقلة”.
وأشار إلى أن “النظام المصري يتعامل مع القضية الفلسطينية كأداة ضغط، فتارة يوجه أنصاره للتظاهر دعماً لفلسطين، لتحقيق بعض أجنداته، وتارة يوجه آلته الإعلامية للتصعيد، لنفس الغرض”.
وذكرت وسائل إعلام مصرية، من بينها صحيفة “اليوم السابع”، في 10 مايو/أيار الجاري، أن آلاف المصريين تظاهروا في محافظتي سوهاج والجيزة دعما للقضية الفلسطينية، ودعما لجهود السيسي تجاه هذه القضية.
بدوره، يرى الباحث السياسي ياسر الهواري أن المظاهرات التي تخرج دعماً للقضية الفلسطينية مهمة وضرورية لإظهار الدعم للفلسطينيين.
لكن الهواري دعا في حديثه لـ”الحرة” إلى حماية هذه التظاهرات من اختراقها من قبل جهات ذات أجندة سياسية، “حتى لا تخسر الهدف الذي خرجت من أجله وهو نصرة القضية الفلسطينية”.
وتحظر السلطات المصرية التظاهر منذ عام 2013، فيما تتهم جماعات حقوق الإنسان والمنظمات الدولية السلطات المصرية بتقييد الحريات السياسية والعمل السياسي والإعلامي.
وأعلنت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية في مايو/أيار الماضي، أن السلطات الأمنية أدرجت نحو 120 موقوفاً على ذمة 8 قضايا أمام أمن الدولة، بتهمة المشاركة في تظاهرات دعماً لفلسطين، منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي وحتى مايو/أيار الماضي.
مصر: احتجاز متظاهرين “تضامنوا مع غزة” على ذمة التحقيقات
كشف محام حقوقي مصري، أن السلطات المصرية قررت حبس 10 متهمين تم القبض عليهم خلال وقفة تضامنية مع الفلسطينيين، الأربعاء، واتهامات لهم بنشر أخبار كاذبة و”الانضمام لجماعة إرهابية”.
ويعود عبد الشافي مشيراً إلى أن «النظام المصري يخشى أن تؤدي المظاهرات الداعمة لغزة إلى تحفيز المصريين على التظاهر ضد الغلاء والأزمات الاقتصادية، لذلك يقوم بقمع هذه المظاهرات».
وأضاف: “عندما خرجت مظاهرة في ميدان التحرير لدعم غزة تعامل النظام معها بالقمع واعتقل عدداً من المشاركين فيها، فيما التزم الصمت تجاه المظاهرات المماثلة، نظراً لحساسية الميدان الذي أطاح بنظام مبارك”.
من جانبه، استبعد الهواري أن تؤثر التظاهرات المؤيدة لغزة على الأمن القومي المصري أو علاقات مصر الخارجية، مؤكدا أهمية “الالتزام بأهداف هذه التظاهرات”.
وأشار إلى أن “جماعة الإخوان المسلمين تعمل على استغلال أي تظاهرة لخدمة أهدافها، وأنها تحاول إقحام أجندتها السياسية في المطالب الشعبية الرافضة للمجازر في غزة”.
واعتبر أن “الشارع المصري تعلم الدرس ورفض الجماعة بكل توجهاتها”.
وأشار الهواري إلى أن المواقف الرسمية تحكمها المصالح، وأن التظاهرات تعبر عن الموقف الشعبي الرافض للمجازر في فلسطين، مشيرا إلى أنه “من حق الشعوب أن تظهر مواقفها الداعمة للقضية الفلسطينية”.