وشهدت العلاقة بين مصر وإثيوبيا، خلال الأشهر الأخيرة، خلافات تتعلق بعدة قضايا، مما زاد من مستوى التوتر بين البلدين، كان آخرها إعلان أديس أبابا أن الاتفاقية الإطارية للتعاون في حوض نهر النيل معروفة. وسيدخل اتفاق “عنتيبي” حيز التنفيذ، على الرغم من معارضة دولتي المصب، مصر والسودان.
واعتبرت وزارة الخارجية الإثيوبية، الإثنين، أن الخطوة “تصحح الأخطاء التاريخية، وتضمن الاستخدام العادل، وتعزز التفاهم المتبادل والمسؤولية المشتركة”، في حين أكد بيان مصري سوداني مشترك أن الاتفاق “غير ملزم وينتهك المبادئ”. للقانون الدولي.”
وتعليقا على هذه التطورات، رأى خبراء تحدثوا لموقع الحرة أن الخطوة “سياسية” إلى حد كبير، ومن شأنها أن تزيد من التصعيد بين القاهرة وأديس أبابا، في ظل التوتر الذي تشهده منطقة القرن الأفريقي وأزمة سد النهضة.
اتفاقية عنتيبي
وقالت وزارة الخارجية الإثيوبية، الاثنين، إن الاتفاقية “ستحقق فوائد كبيرة لدول الحوض وتسهم في مستقبل أكثر ازدهارا واستدامة”، مضيفة أنها تنص على أن “لكل دولة من دول حوض النيل الحق في استخدام مياه النيل”. نظام النهر داخل أراضيها بطريقة تتفق مع المبادئ الأساسية الأخرى. “.
وجاء في بيان مصري سوداني، السبت، أن الجانبين “بذلا جهودا مكثفة ومستمرة خلال السنوات الماضية لاستعادة التماسك ورأب الصدع الذي سببه تبني بعض دول الحوض مسودة غير متوافقة لما يسمى بوثيقة الاتفاق الإطاري”. وتتعارض مع قواعد القانون الدولي والممارسات الدولية ذات الصلة.” “الأمثل”.
وأضاف البيان: “سعى البلدان إلى التأكد من أن تكون الآلية التي تجمع دول الحوض توافقية، مبنية على الشمولية، وتتبع في عملها القواعد الثابتة للتعاون المائي عبر الحدود، وفي مقدمتها مبادئ التشاور”. والإخطار المسبق بشأن المشاريع بناء على دراسات علمية شاملة للأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للمشروعات التي يتم تنفيذها من خلالها. إلا أن هذه الجهود لم تجد التفاعل الإيجابي اللازم”.
وشدد البلدان على أن الاتفاقية «غير ملزمة لأي منهما، ليس فقط لأنهما لم ينضما إليها، بل أيضا لأنها تنتهك مبادئ القانون الدولي العرفي والتعاقدي. كما يؤكدون أن اللجنة السداسية المنبثقة عن الاتفاقية الإطارية غير المكتملة لا تمثل حوض النيل بأي شكل من الأشكال.
البرلمان الإثيوبي يصدق على اتفاقية عنتيبي بشأن مياه نهر النيل
صادق البرلمان الإثيوبي على اتفاقية عنتيبي التي وقعتها مع خمس دول إفريقية، والتي تمنح هذه الدول حق بناء السدود على نهر النيل دون موافقة مصر.
وقالت مفوضية حوض النيل، التي تضم 10 دول، في بيان نقلته وكالة فرانس برس الاثنين، إن الاتفاق “يشهد على تصميمنا الجماعي على استغلال نهر النيل لصالح الجميع، وضمان استخدامه العادل والمستدام”. للأجيال القادمة.”
وبحسب المفوضية، فإن المشروع يهدف إلى “تصحيح الاختلالات التاريخية في الوصول إلى مياه النيل، والتأكد من أن جميع دول حوض النيل، سواء عند المنبع أو المصب، يمكن أن تستفيد من هذا المورد المشترك”.
وتم التوصل إلى الاتفاق عام 2010 في العاصمة الأوغندية عنتيبي، ووافقت عليه منذ ذلك الحين دول إثيوبيا ورواندا وأوغندا وتنزانيا وبوروندي، وانضم إليها مؤخرا جنوب السودان، بينما ترفضه مصر والسودان.
صرح السكرتير الدائم لوزارة الخارجية الأوغندية فنسنت باجيري لوكالة فرانس برس، الاثنين، أنه كان من المقرر عقد قمة لدول نهر النيل في أوغندا في 17 أكتوبر المقبل، إلا أنها تأجلت إلى بداية العام المقبل. رافضا ذكر السبب.
وذكرت تقارير إعلامية أن القمة تأجلت بسبب خلافات بين الدول.
وتجمع لجنة حوض النيل بين بوروندي وجمهورية الكونغو الديمقراطية ومصر وإثيوبيا وكينيا ورواندا وجنوب السودان والسودان وتنزانيا وأوغندا، بينما تتمتع إريتريا بصفة مراقب.
أسباب الخلاف؟
وقال أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة عباس شرقي، إن “دول المنبع هي التي قامت بصياغة هذا الاتفاق ووضعت الشروط المناسبة، ومصر توافق على معظم البنود، باستثناء فقرتين”.
وأوضح في حديثه لموقع الحرة أن البند الأول الذي رفضته مصر والسودان هو “الحق في إقامة المشروعات، دون الرجوع إلى دول أخرى، وهو ما يتعارض مع الاتفاقيات الدولية لوجود دول أخرى تشارك النهر”.
أما النقطة الخلافية الثانية، بحسب شراقي، “وهي الأهم، وهي أن الاتفاقية لا تعترف بالاتفاقيات السابقة، بما فيها اتفاقية 1959، التي حددت حصة لمصر وأخرى للسودان في مياه النيل، و وإذا اتفق البلدان فهذا يعني إلغاء حصص المياه”.
وبموجب الاتفاقية تحصل مصر على 55.5 مليار متر مكعب من المياه سنويا، ويحصل السودان على 18.5 مليار متر مكعب. وتعتبر إثيوبيا هذا الاتفاق “نتاجا للفترة الاستعمارية، وبالتالي لا ينبغي تنفيذه”.
رغم اعتراض مصر.. “اتفاق تاريخي” بشأن حوض النيل
دخلت اتفاقية تاريخية بين عدد من دول حوض النيل بشأن الإدارة “العادلة والمستدامة” لمياه النهر، حيز التنفيذ رغم معارضة مصر، بحسب مصادر مطلعة.
وقال مدير منصة “نيلوتك بوست” الإثيوبية، نور الدين عبدة، إن “اتفاقية عنتيبي هي إطار تنظيمي بين دول حوض النيل للاستفادة من مياه نهر النيل على مبدأ المنفعة العادلة والمنصفة، وتجاوز مبدأ المحاصصة المطبق في اتفاقية الحقبة الاستعمارية والذي تلتزم به مصر كحق مكتسب. .
وأشار في حديث لموقع الحرة إلى أن ذلك يعني أن “الأرضية القانونية أصبحت جاهزة أمام الدول للاستفادة من مياه النيل كل حسب حاجته ورؤيته ولكن في إطار الالتزام باتفاقية الإطار التي يعني الموت القانوني لاتفاقيات الحقبة الاستعمارية أو الاتفاقيات الثنائية بين مصر والسودان”.
هناك خلافات طويلة الأمد بين مصر وإثيوبيا بشأن السد الضخم للطاقة الكهرومائية الذي بنته أديس أبابا على نهر النيل، والذي تعتبره إثيوبيا ضروريا لتنميتها وإمداد سكانها البالغ عددهم 120 مليون نسمة بالكهرباء.
لكن مصر، التي تعتمد على نهر النيل لتأمين 97 بالمئة من احتياجاتها المائية، لا تزال تحتج، متذرعة بـ”حق تاريخي” في النهر، معتبرة أن سد النهضة “يشكل تهديدا وجوديا”.
وقال الخبير في الشؤون الإفريقية محمد تورشين لموقع الحرة إن إعلان أديس أبابا عن دخول الاتفاقية الجديدة (عنتيبي) حيز التنفيذ “جاء بلا شك بعد مصادقة جنوب السودان على الدخول في الاتفاقية، وأصبح الأمر جاهزا في ضوء الرفض المصري السوداني”.
وتساءل هل سيكون هناك “تعاون بين مصر والسودان والدول الأفريقية التي لم توقع على الاتفاق من أجل التوصل إلى صيغة لإعادة النظر في الاتفاق”.
لكنه أضاف: “لا أعتقد أن موقف السودان سيكون مرتبطا بمصر، فالسودان مصنف كدولة ممر وليس دولة المصب”.
«تصحيح عدم المساواة» أم مصدر «خطر»؟
وقال وزير المياه والطاقة الإثيوبي، هابتامو عطيفة، إن تنفيذ الاتفاقية الجديدة “سيمكن من إنشاء لجنة حوض نهر النيل التي ستكون مسؤولة عن إدارة نهر النيل وحمايته لصالح الجميع، وتكون بمثابة حجر الزاوية”. من التعاون.”
وأوضح في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الإثيوبية، الاثنين، أن الاتفاقية “ستصحح الفوارق القائمة في استخدام مياه النيل، من خلال ضمان الموارد المشتركة لجميع دول النيل، وستعترف بالحقوق القانونية لجميع دول حوض النيل”. وجعلها خاضعة للتوزيع العادل والاستخدام المستدام للمياه.
من جهته، يرى شراقي أن “إثيوبيا هي الرائدة في موضوع الاتفاق، وتريد أن تفعل كما فعلت في موضوع سد النهضة، من خلال فرض الأمر الواقع”، إلا أنه واصل في حديثه للقناة. الحرة: “لو صدر الإعلان كما حدث مع سد النهضة لكان هناك اعتراض كبير من مصر”. السودان ومصر حاليا ليسا كما كانا في عام 2011 مع بدء بناء سد النهضة.
98%.. السيسي يؤكد أهمية النيل للمصريين ويتجنب ذكر “إثيوبيا”
أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأحد، أن بلاده تضع المياه على رأس أولوياتها، معتبراً نهر النيل على وجه الخصوص قضية تتعلق بحياة وبقاء الشعب المصري، باعتباره المصدر الرئيسي للمياه في البلاد. مصر بنسبة تزيد عن 98%.
وتطرق خبير المياه إلى “خطورة” المشاريع المشابهة لسد النهضة في دول المنبع، قائلا: “الظروف الطبيعية لا تسمح ببناء السدود مثل سد النهضة”. إثيوبيا هي وحدها القادرة على بناء السدود الكبرى، ولكن ليس بحجم سد النهضة، على عكس أي دولة أخرى في دول المنبع.
وتابع موضحا: “لا يمكن لأي دولة أن تبني سدا بحجم 30 أو 40 مليار متر مكعب من المياه. ويمكن لدول أخرى أن تبني سدوداً بسعة الملايين، وليس المليارات. وتحصل إثيوبيا على 85% من مياه النيل، بينما تحصل الدول الست المتبقية على 15% فقط.
لكن شراقي أوضح أنه في النهاية «السد الصغير مثل السد الكبير سياسياً وقانونياً، لذا يجب استشارة الجميع واحترامهم. وبطبيعة الحال، يمكن أن يكون لها تأثير، حتى لو كان ضارا قليلا.
توتر جديد
ولا يقتصر التوتر بين مصر وإثيوبيا على خلافات “المياه”، إذ دخل الصومال على خط الأزمة، حيث قال إن مصر عرضت نشر قوات لحفظ السلام في الدولة الواقعة في منطقة القرن الأفريقي، في إطار عملية أمنية. الشراكة التي تأتي مع انتهاء ولاية قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي. انتشر هناك لفترة طويلة.
وحضر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الخميس، قمة في العاصمة الإريترية أسمرة، حيث تعهد مع رئيسي الصومال وإريتريا بتعاون قوي لتحقيق الأمن الإقليمي.
وقالت السلطات الصومالية في بيان لها في ختام القمة إنها ترحب بعرض مصر نشر قوات لحفظ السلام كجزء من قوة لتحقيق الاستقرار عندما يتم حل قوة الاتحاد الأفريقي الحالية في ديسمبر المقبل.
بعد زيارة السيسي.. الصومال ترحب بانتشار قوات مصرية على أراضيها
قالت الصومال إن مصر عرضت نشر قوات لحفظ السلام في الدولة الواقعة في القرن الأفريقي، في إطار شراكة أمنية تأتي مع انتهاء ولاية قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي المنتشرة هناك منذ فترة طويلة.
وتنامت العلاقات بين مصر والصومال هذا العام على خلفية موقفهما المشترك من عدم الثقة في إثيوبيا، وهو ما دفع القاهرة إلى إرسال عدة طائرات محملة بالأسلحة إلى العاصمة الصومالية مقديشو، بعد توقيع البلدين على اتفاقية أمنية مشتركة في أغسطس/آب الماضي. .
وأغضبت أديس أبابا مقديشو بتوقيعها اتفاقا مبدئيا مع إقليم أرض الصومال الانفصالي لاستئجار ميناء ساحلي مقابل اعتراف محتمل باستقلالها عن الصومال.
ورأى تورشين أن ما يحدث في قضية اتفاق عنتيبي هو “فصل جديد في سياق التوترات الكبرى التي تحدث بين مصر وإثيوبيا، نظرا لوجود قضايا أمنية استراتيجية أخرى موجودة”.
وتابع: “الأمر سيجعل هذه القضايا حالة من التصعيد وعدم الاستقرار، خاصة في ظل التوتر القائم في منطقة حوض النيل بين الجانبين”.