“شمالي لالي يا حولي ليديرة شمالي لالي يا وريلو” كلمات من “القضية الفلسطينية” أثارت حالة من الجدل السياسي والتاريخي بعد ظهورها في “مقطع فيديو” من إنتاج مصري يُدعى “أصحاب الأرض”. وهو ما يشير إليه المختصون الذين تحدثوا إلى الموقع. وقالت الحرة إنها تحمل “رسائل خفية” تتقاطع مع الحرب في قطاع غزة والاجتياح الإسرائيلي “المتوقع” لرفح.
3 أسابيع خلقت “الجدل”
رغم تواجده على منصات التواصل الاجتماعي، خاصة يوتيوب، لمدة 3 أسابيع، إلا أن فيديو كليب “أصحاب الأرض” لقي اهتماما كبيرا بعد عرضه بحضور الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، خلال فعاليات المؤتمر المصري. افطار العائلة .
ويعتمد مقطع الفيديو على عدد من “المشاهد الخيالية” التي تدور أحداثها في قطاع غزة، ويرافقه كلمات “الترويضة الفلسطينية”، وهو نوع من الغناء الشعبي الفلسطيني، يحكمه إيقاع محدد يعتمد في المقام الأول على التلاوة.
وحقق «أصحاب الأرض» منذ إطلاقه وحتى الآن نحو 3 ملايين و700 ألف مشاهدة على منصة يوتيوب، قبل أن يثير الجدل بسبب عرضه بحضور السيسي، ومشاركة «الجهات الرسمية المصرية» في عرضه. الإنتاج، بما في ذلك وزارة السياحة والآثار.
وعن حالة الجدل، يشير الباحث التاريخي المشارك في إنتاج «أصحاب الأرض» محمد أمير، إلى أن الفيديو تعرض لـ«الحظر والحذف» من مواقع التواصل الاجتماعي عدة مرات.
وعرض المقطع بحضور السيسي هو “رسالة واضحة” بالموافقة على “كل ما ورد في الفيديو” من “رموز ورسائل وإشارات خفية” تؤكد موقف مصر الرافض لـ”تشريد الفلسطينيين وتصفية الشعب الفلسطيني” القضية الفلسطينية، واستمرار الحرب في قطاع غزة”، بحسب حديثه لموقع “الحرة”.
من هم “أصحاب الأرض”؟
و”فلسطين” هو الاسم الذي أطلقه الكتاب اليونانيون على “جيب صغير من الأرض” احتلوه في القرن الثاني عشر قبل الميلاد، بحسب “الموسوعة البريطانية”.
وقد أحياها الرومان في القرن الثاني الميلادي في “سوريا فلسطين”، للإشارة إلى الجزء الجنوبي من محافظة سوريا، ومن هناك شق طريقه إلى اللغة العربية، حيث استخدم لوصف المنطقة. .
بعد العصر الروماني، لم يكن للاسم “صفة رسمية” إلا بعد الحرب العالمية الأولى ونهاية حكم الإمبراطورية العثمانية، عندما تم اعتماده لإحدى مناطق الانتداب في بريطانيا العظمى.
وظهرت في المقطع كلمة “أصحاب الأرض” باللغتين العربية والعبرية، فيما أرفق وصف الفيديو بكلمة “The Natives” باللغة الإنجليزية والتي تعني “الأصليون”. من هؤلاء الناس؟
ويشير المحلل السياسي الإسرائيلي، يوآب ستيرن، إلى أن المقصود بـ«أصحاب الأرض» في المقطع هو «الفلسطينيون والعرب»، فيما يؤكد الطرف الآخر «إسرائيل» أيضًا أنه «الفلسطينيون والعرب». مالك الارض.”
كما يعتبر الجانب الإسرائيلي نفسه مالك الأرض وجميع العرب الموجودين على الأراضي الفلسطينية “مهاجرين جدد”، في حين أن “بني إسرائيل” هم “أصحاب الأرض الأصليون”، كما جاء في القرآن. بحسب حواره مع موقع الحرة.
ويوضح المحلل السياسي الإسرائيلي أن الظاهرة موجودة لدى الطرفين، إذ يقول كل طرف: «نحن أصحاب الأرض الأصليون»، بدلاً من «تبني خطاب الاعتراف بحقوق الآخرين»، بحيث لا يكون هناك واحد فقط. فوز الطرف وخسارة الطرف الآخر.
وبدلاً من أن «يحاول كل طرف إثبات أنه صاحب الأرض»، يمكن للطرفين أن يتعايشا بسلام، بعيداً عن «الحروب والدمار والخراب»، بحسب شتيرن.
من جهته، يؤكد المؤرخ الإسرائيلي مردخاي كيدار أن اسم “فلسطين” لم يظهر على الخرائط العثمانية لأن اسم الأرض عند العثمانيين كان “سوريا الكبرى”، وبالتالي فإن الفلسطينيين “ليسوا أصحابها الأصليين”. من الأرض.”
وتشير أسماء العديد من «الفلسطينيين» إلى أن «الشعب الفلسطيني» ليس إلا خليطاً من فئات هاجرت إلى هذه الأرض بحثاً عن عمل في البلدات اليهودية التي أقيمت منذ عام 1880، بحسب حديثه لـ«الحرة». ” موقع إلكتروني.
ويشير إلى أن الأردن احتل الضفة الغربية ومدينة القدس لمدة 19 عاما بين عامي 1948 و1967، متسائلا: “لماذا لم يقم الأردن بإنشاء دولة فلسطينية لـ (الشعب الفلسطيني) طوال هذه السنوات في الضفة الغربية مع القدس؟ عاصمتها كما تنادينا اليوم؟!».
ويتحدث كيدار عن «الجانب الديني» للقضية، فيقول: «لم يرد اسم (فلسطين) في القرآن ولو مرة واحدة، في حين ذكر الشعب اليهودي الإسرائيلي (بني إسرائيل) عشرات المرات، مما يدل على عراقة الشعب اليهودي وحداثة الشعب الفلسطيني”، على حد تعبيره.
لذلك، يصف كيدار “أصحاب الأرض” بأنه مقطع “دعائي” لا يملك “أي أسس تاريخية”.
«أصحاب الأرض» من إنتاج «آلة الدعاية العربية» التي تحاول «خلق شعب فلسطيني من لا شيء»، ويقوم على فبركة تاريخ مصطنع على حساب «الشعب اليهودي» الذين عادوا إلى أرض أجدادهم التي هجروا منها ظلما، بحسب المؤرخ الإسرائيلي.
لكن في المقابل، وصف المحلل السياسي الفلسطيني أيمن الرقب تصريح كيدار بأنه “طرح غير صحيح تاريخيا ودينيا”.
وهناك نصوص في القرآن والتوراة تتحدث عن “قوم جبارين أو العماليق” سكنوا أرض “فلسطين” وكانوا أعداء لليهود في نصوص الكتاب المقدس، بحسب حديثه لـ”الحرة”. موقع إلكتروني.
وفي العصر الحديث، كانت رئيسة الوزراء الإسرائيلية السابقة غولدا مائير تحمل «جواز سفر فلسطيني»، والرئيس الإسرائيلي السابق شمعون بيريز يحمل «تصريح عمل من فلسطين»، تشير الرقب.
وبحسب الرقب، فإن “أصحاب الأرض” يتطرق إلى الواقع التاريخي ويصحح “المعلومات المغلوطة” عن القضية الفلسطينية.
ما يظهر في «أصحاب الأرض» يجسد حقائق تاريخية، ويكشف «زيف» الادعاءات الإسرائيلية التي حاولوا زرعها في عقلية المواطن العربي بأن الفلسطينيين «باعوا أرضهم»، وهذا ما يثير غضب الإسرائيليين بحسب المحلل السياسي الفلسطيني.
ولذلك يؤكد المحلل السياسي الفلسطيني أن «أصحاب الأرض الأصليين تاريخياً» هم الفلسطينيون، بالنظر إلى التاريخ القديم والحديث.
ماذا وراء “أصحاب الأرض”؟
ويرى أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية بالقدس مئير المصري، أن “العمل الفني يخدم الإرهاب ويساهم في نشر ثقافة الكراهية وشيطنة الآخرين”.
وهذا النوع من الأعمال لا يساعد حتى المجتمع المصري على معرفة وفهم الواقع في إسرائيل، لأن هناك «شغفًا بالرموز الدينية، وبعضها ملفق ولا علاقة له بالحقيقة»، بحسب ما قال لـ«الشرق الأوسط». موقع الحرة.
ويؤكد أن الأعمال الفنية المصرية المتعلقة بإسرائيل أو اليهود سطحية للغاية ومليئة بالأخطاء الطفولية بدءا بأسماء الشخصيات مرورا بتفاصيل الثقافة اليهودية التي يعجز العقل المصري عن استيعابها بسبب “عدم التطبيع.”
لكن في المقابل، يؤكد المحلل السياسي المصري المتخصص في شؤون الشرق الأوسط فادي عيد، أن «العمل الفني يسهم في رفع مستوى الوعي بالقضية الفلسطينية، والتأكيد على دور مصر التاريخي في دعم الشعب الفلسطيني».
والحكومة الإسرائيلية الحالية هي التي “تنشر خطاب الكراهية والعنف وتستخدم النصوص الدينية لنشر الحرب في قطاع غزة، كما تستعد مصر باستحضار بعض النبوءات التوراتية التي ذكرها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نفسه”. بحسب حديثه لموقع الحرة.
ويشير عيد إلى أن الحكومة الإسرائيلية تتذرع بـ”نبوءات الكتاب المقدس” مثل “نبوءة إشعياء” للحديث عن “الدمار لمصر، والظلام لفلسطين، والنور لإسرائيل”، متسائلا: “من هنا ينشر خطاب الكراهية ويحرض ضده؟ آحرون؟!”
“الرسائل والرموز المخفية”؟
مناطق «مقفرة ومدمرة»، فتاة ترقص «الدبكة»، طفل صغير يركض تحت «الأنفاق»، أشباح تخرج من الأرض وتقتل «أشخاص يرتدون ملابس زرقاء»، ورجل قوي البنية يرتدي «وجه الصقر» “الكمامة”، مشاهد لم يفهمها “أصحاب الأرض”. الجمهور.
وأشاد ستيرن بـ “الموسيقى وكلماتها وإنتاجها وتصويرها” في المقطع، لكنه استنكر “الرسائل المحجبة والمراجع الخفية” التي يحتوي عليها.
ويشير إلى أن هناك العديد من «الرسائل الخفية» في المقطع والتشبيهات التي «يصعب فهمها في المرة الأولى»، لكنها تحمل دلالات كثيرة تشير إلى الحرب في غزة وإسرائيل والمصريين القدماء.
هذا ما يفسره أمير، الذي يؤكد أن «أصحاب الأرض» يحملون الكثير من «الرموز الخفية» التي قد تكون «غير مفهومة للعامة»، لكنها تدفع «المواطنين العرب» إلى القراءة والبحث «المتعمق» حول الموضوع. تاريخ القضية الفلسطينية.
ويوضح أن «المنطقة المدمرة» هي قطاع غزة، و«رقص الطفل» رمز من رموز القضية الفلسطينية، لأنها كانت «تتعلم الدبكة» في البداية قبل أن تتقنها في نهاية «أصحاب الأرض». “.
والرجل قوي البنية الذي يرتدي “قناع وجه الصقر” هو آلة الحرب المصرية القديمة “مونتو”، أما العجل الذهبي فهو إشارة إلى النصوص التوراتية والقرآنية عن “بني إسرائيل”، بحسب الباحث التاريخي.
وفي سياق متصل، يشير عيد إلى أن ظهور “المونتو” وهو يدمر “العجل الذهبي” يعد إشارة رمزية مصرية جديدة، للتأكيد على أن “الأراضي الفلسطينية هي امتداد لمصر”.
ويحمل المشهد “رسالة واضحة” تشير إلى “استعداد مصر للدفاع عن القضية بكل الوسائل”، ومصر تحذر الجانب الإسرائيلي من أن دفع الفلسطينيين نحو “الهجرة القسرية” إلى سيناء قد يشعل “الحرب”، بحسب الباحث في الشرق الأوسط. شؤون الشرق.
سر التوقيت؟
ومنذ أسابيع يهدد نتنياهو بشن هجوم بري على رفح قرب الحدود المصرية من أجل «القضاء» على حركة حماس المصنفة كمنظمة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى.
وقد أصر نتنياهو مرارا وتكرارا على أن الحرب ستستمر حتى هزيمة حماس، كما أنه متمسك بخطته لشن هجوم بري على المدينة، التي يعتبرها آخر معقل رئيسي لحماس.
وأصبحت المدينة الجنوبية الواقعة على الحدود، الملاذ الأخير لنحو 1.5 مليون نسمة، نزحوا معظمهم من مناطق أخرى في قطاع غزة، ما يثير مخاوف مصرية من “تهجير المدنيين” باتجاه شبه جزيرة سيناء.
ولذلك يربط عيد عرض «أصحاب الأرض» بإصرار نتنياهو على اجتياح رفح براً، وهو ما «دفع مصر لإرسال مثل هذه الرسائل».
فالحرب في غزة قضية «جيوسياسية مهمة» بالنسبة لمصر، والغزو البري لرفح يؤثر على «الأمن القومي المصري»، وبالتالي «لن يسمح» بحدوثه حتى لو «كان الثمن هو اندلاع الحرب». بحسب الباحث في شؤون الشرق الأوسط.
من جهته، يشير شتيرن إلى أن هذا النوع من «الأغاني الوطنية الوطنية» يهدف إلى تعبئة عواطف الناس ونشر انتمائهم، لكنه يأتي حالياً بالتزامن مع «الحروب».
ويؤكد شتيرن أن كل “الرسائل والإشارات والرموز” تدعو في نهاية المطاف إلى “مواجهة عسكرية مع العدو الإسرائيلي”، ما يساهم في استمرار “دوامة العنف”.
واندلعت الحرب في قطاع غزة في أعقاب الهجوم غير المسبوق الذي شنته حركة حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول، وأدى إلى مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، بينهم نساء وأطفال، بحسب السلطات الإسرائيلية.
وردا على الهجوم، تعهدت إسرائيل بـ”القضاء على الحركة”، ونفذت منذ ذلك الحين حملة قصف أعقبتها عمليات برية منذ 27 أكتوبر/تشرين الأول، مما أسفر عن مقتل 33634 فلسطينيا، غالبيتهم من النساء والأطفال، وإصابة 75993 آخرين، وفقا لإسرائيل. آخر حصيلة أصدرتها وزارة الصحة التابعة لحركة حماس يوم الجمعة.