الأحد, يوليو 6, 2025
الرئيسيةرياضة«الشرق الأوسط» من كواليس حفل افتتاح كأس آسيا

«الشرق الأوسط» من كواليس حفل افتتاح كأس آسيا

شخص يجلس وسط مدرجات ملعب لوسيل ينسى لمدة 25 دقيقة أنه في ملعب كرة قدم. يختفي العشب الأخضر، وتختفي شباك المرمى، وتصمت صافرات الحكام. المشهد تقدمه صحراء واحة من الورود تنمو في رمالها، وأضاءت نجوم الأمل السماء، ودوت الألعاب النارية ترحيبا بضيوف كأس آسيا لكرة القدم، التي تنظمها دولة قطر في نسختها الثامنة عشرة .

أضاءت مدرجات الملعب بأضواء على شكل نجوم واشتعلت السماء بالمفرقعات النارية (استوديوهات كتارا)

وفي حفل الافتتاح الذي يستمر نصف ساعة ويحضره 1600 شخص، أرادت الجهة المنتجة «استوديوهات كتارا» رسائل إنسانية هادفة، تمتد من أدنى الشرق إلى أبعده. وفي النهاية، اعتمد فريق العمل على كتاب يتطرق بعمق إلى التراث الأدبي والفلسفي الآسيوي بشكل عام والعربي بشكل خاص. “كليلة ودمنة”.

العرض الافتتاحي لكأس آسيا كان مستوحى من كتاب “كليلة ودمنة” فهو انعكاس لجميع الثقافات الآسيوية (استوديوهات كتارا)

“الفصل المفقود من كليلة ودمنة”

ويعد العرض الموسيقي والمرئي الضخم امتدادًا للقصة، ويحمل عنوان “الفصل المفقود من كليلة ودمنة”. وبحكمتها المنبعثة من الهند ومروراً بالفرس ثم إلى العرب والعالم عبر الترجمات، يتمحور جوهر الرسالة حول المفاهيم الإنسانية مثل احترام الآخرين وقبول اختلافاتهم الثقافية والاحتفاء بها.

قبل دخول الملعب، الذي أصبح مسرحًا ضخمًا، تستعد الشخصيات خلف الكواليس. ليست مهمة سهلة أن يرتدي 24 ممثلاً رؤوس حيوانات صنعت خصيصًا في جنوب إفريقيا لهذا العرض، على يد 14 حرفيًا. يمثل كل واحد من أبطال أسطورة “كليلة ودمنة” إحدى الدول الآسيوية المشاركة، وقد تطلب الأمر البحث لمعرفة الحيوانات التي ترمز إلى تلك الدولة.

رؤوس وأزياء حيوانات صنعت خصيصاً لعرض «سورة كليلة ودمنة المفقودة» (الشرق الأوسط)

فهنا أسد يمزح مع زميله الدب، وهناك طاووس أزرق يُظهر جناحيه الملونين، وتنين كومودو الإندونيسي يأخذ قسطاً من الراحة جالساً لأن زيه ثقيل. وتم صنع رؤوس الحيوانات وأزيائها بحرفية ودقة كبيرة، واستغرق تحضيرها 4 أشهر، بحسب ما قال أحد أعضاء الفريق لـ«الشرق الأوسط». الممثلون الذين يرتدونها يأتون من أنحاء مختلفة من العالم؛ بعضهم من روسيا وصربيا وكوريا الجنوبية، والبعض الآخر من عدد من الدول العربية.

استراحة حيوانات “كليلة ودمنة” قبل حفل افتتاح كأس آسيا (الشرق الأوسط)

الذكاء البشري مئة بالمئة

على الكثبان الرملية التي تصطف على جانبي الملعب، ومن بين آلاف بتلات الورد المنتشرة فوقها، تقف الشخصيات على أهبة الاستعداد لإطلاق صافرة العرض. يقرأ العد التنازلي من 10 إلى 1 باللغة العربية، وبعد ذلك يصدر صوت عبير نعمة “ذونون”. وعن هذه الإطلالة التي جمعت فيها بين الغناء والتمثيل، قالت الفنانة اللبنانية لـ«الشرق الأوسط» إنها مصدر فخر لها. ويضيف نعمة، الذي رأى في العمل رسالة عدالة وصداقة وإنسانية، في وقت أصبح فيه العالم بأمس الحاجة إلى “هذه المشاركة لها قيمة إنسانية كبيرة، خاصة في هذه الفترة المؤلمة التي تمر بها منطقتنا”. صدى إيجابي لها.

الفنانة عبير نعمة مع الملحن ايهاب عبد الواحد والموزع نادر حمدي (ادارة عمل الفنانة)

صحيح أن التكنولوجيا لعبت دوراً كبيراً في العرض الافتتاحي، لكن القيمين عليه يؤكدون أن الذكاء البشري وحده تعامل مع التفاصيل من الألف إلى الياء، دون الاستعانة بالذكاء الاصطناعي. ويضم الأزياء مصممين قاموا بإعداد تصميمات سينمائية تذكرنا بالأفلام الخيالية، وأغلبها مستوحاة من الثقافات الآسيوية القديمة. وكان للديكور مهندسوه الخاصون الذين لم يكتفوا بالكثبان الرملية وواحة الورد، بل قاموا برفع 5 مرايا ضخمة في وسط الملعب، بشكل يحاكي مسارح المسارح العالمية، بالإضافة إلى تجهيزات بصرية وإضاءية خاصة. تأثيرات.

اعتمد فريق العمل تصاميم سينمائية تذكرنا بالأفلام الخيالية (الشرق الأوسط)

وفي هذا السياق، يوضح المنتج المنفذ للعمل محمود حماقي، أن مستوى العرض لا يقل أهمية عن حفلات افتتاح الألعاب الأولمبية. ويشير حماقي إلى أن التحضير بدأ قبل عام بالضبط، أي مباشرة بعد الانتهاء من فعاليات كأس العالم 2022. “لم نرغب في عرض عادي أو تقليدي. بل كان الهدف إحياء تراث رمزي مع الحفاظ على عنصر الدهشة”.

الكثبان الرملية وواحة الورد وسط ملعب لوسيل بالدوحة (الشرق الأوسط)

من الملعب إلى المسرح

يمزج النص بين الشعر والفلسفة، ويستقي من روح “كليلة ودمنة” ليضفي عليه لمسة إنسانية هادفة وعميقة. وترتكز الرؤية وفكرة السيناريو وكلمات الأغنية التي قام بتطويرها الرئيس التنفيذي لاستوديوهات كتارا أحمد الباكر والشاعر حامد البلوشي، على إنشاء فصل جديد من الكتاب الأصلي، يشجع الناس على الإيمان بأنفسهم وأهدافهم، على الرغم من غرابة ما يعتقدون. لقاء في الطريق. القصة من تأليف الكاتبة الكويتية هبة حمادة، وتحولت إلى «مسرحية موسيقية» تعكس الرسائل بطريقة جذابة ومسلية.

مثلما تندمج حبات الرمل معًا لتشكل صحراء، وكما تندمج أوراق الورد لتشكل وردة، كذلك يمكن للبشر أن يفعلوا ذلك. وهذا ما تأمله الأغنية عندما تغني: “سأصفق لك، صفق لي”، أو عندما تهتف: “دعونا نقترب من بعضنا البعض كتفاً بكتف، ولنحب بعضنا البعض حتى نكون الهدف”. “

الاستماع إلى الملاحظات النهائية قبل الدخول إلى الميدان (الشرق الأوسط)

منذ بداية النغمة الأولى، يصبح الحجم الموسيقي واضحا. ويعترف الملحن والمنتج الموسيقي المصري إيهاب عبد الواحد، الذي تعاون في التوزيع مع الفنان نادر حمدي وعزف مع أوركسترا قطر الفلهارمونية، بأن “افتتاح حدث كروي عالمي بقصة مثل (كليلة ودمنة) كان يمثل تحديا صعبا”. وبسرعة قياسية تتطلب السهر والتفرغ، تم الانتهاء من الموسيقى خلال شهرين. ويشير عبد الواحد إلى أن «التركيز كان على خلق ألحان عالمية تلامس المشاهدين أينما حلوا، شرط أن يظلوا مخلصين للروح العربية».

وكان حفل الافتتاح ملتقى للمواهب العربية. وإلى جانب عبير نعمة من لبنان، قدم عدد من الفنانين أصواتهم وعروضهم لأغنية «الفصل المفقود من كليلة ودمنة». وفي مقدمتهم حمود الخضر من الكويت، وفهد الحجاجي وناصر الكبيسي ومشعل الدوسري من قطر.

وبما أن «جمال القصة يضاهي جمال الأهداف» كما تقول إحدى الأبيات الغنائية، فإن العرض لن يتوقف عند حدود استاد لوسيل. ويكشف القائمون على استوديوهات كتارا أنهم بصدد تطوير العرض إلى مسرحية موسيقية كاملة تمتد لمدة ساعتين. وتم تحديد موعد الافتتاح المبدئي في الربع الأول من عام 2025، على أن تنتقل المسرحية من الدوحة إلى عواصم خليجية وعربية وأجنبية. الهدف الأساسي من ذلك هو سرد القصص الشرقية والعربية من منظور عربي، وبحرفية محلية.

زهور الصحراء خلال التدريبات النهائية لحفل الافتتاح (الشرق الأوسط)

تحية لفلسطين

وقبل أن تستقر الرمال وتتطاير أوراق الورد استعداداً لانطلاق المباراة، تم تقديم باقة الختام لغزة وفلسطين. وبصوت الفنانة القطرية الشابة دانة المير، تم غناء أغنية “ملالا” الفلكلورية، بمرافقة أوركسترا حديثة بالإضافة إلى الرقص الفلسطيني التقليدي.

واختتم الحفل الافتتاحي بأغنية غنتها دانة المير “تحية لفلسطين” (استديوهات كتارا)

وأضاف: “لطالما حلمت بإعارة صوتي لفلسطين، ومن الرائع جداً أن يتحقق الحلم ضمن حدث كروي دولي في الدوحة”. هكذا تلخص المير تأثيرها على المشاركة، فهي من افتتحت مونديال 2022 بصوتها الأوبرالي.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -

الأكثر شهرة

احدث التعليقات