يقف الشرق الأوسط على حافة اندلاع حرب إقليمية يمكن أن يشعلها القتال بين إسرائيل وإيران، وسط مخاوف من جر دول أخرى في المنطقة إلى دوامة التصعيد. إلا أن الموقف الذي أعلنته دول الخليج شكل محورا مهما وسط التطورات المتلاحقة.
وأطلقت إيران قبل أيام نحو 200 صاروخ على إسرائيل، «ردا» على مقتل الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، في غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت، الأسبوع الماضي، ومقتل رئيس حزب الله. المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية في طهران في وقت متأخر. في يوليو/تموز الماضي، بضربة نسبت إلى إسرائيل.
ما كان لافتاً في المواقف الدولية المتعاقبة، في أعقاب تهديد إسرائيل بالرد على الهجوم الإيراني الأخير، هو موقف دول الخليج العربي المجاورة لإيران، والتي أكدت على «حيادها» في الصراع بين العدوين اللدودين.
ووسط ترقب للرد الإسرائيلي، وجهت دول الخليج رسالة إلى إيران
قالت ثلاثة مصادر لرويترز يوم الخميس إن وزراء من دول الخليج وإيران شاركوا في اجتماع دول آسيوية استضافته قطر وناقشوا خفض التصعيد في الصراع بين إسرائيل وإيران.
وقال مصدران لرويترز، الخميس، إن دول الخليج “سعت إلى طمأنة طهران على حيادها” في الصراع بين إيران وإسرائيل، خلال اجتماعات في العاصمة القطرية الدوحة هذا الأسبوع، وسط مخاوف من تصعيد أوسع للعنف. تهديد المنشآت النفطية.
وأضاف المصدران أن وزراء من دول الخليج وإيران شاركوا في اجتماع الدول الآسيوية في قطر، وتركزت مباحثاتهم حول خفض التصعيد.
رسالة إلى إيران
وفيما يتعلق بأبعاد وتداعيات الموقف الخليجي من الحياد، يرى الخبير العسكري إسماعيل أبو أيوب أنه “رسالة إلى إيران” مفادها أن دول الخليج “لن تنخرط بأي شكل من الأشكال في هذا الصراع إذا حدث”، مشيرًا إلى في الوقت نفسه أن «أجواء بعض دول الخليج ستكون معبراً». الاستخدام القسري للطائرات والصواريخ بين طرفي الصراع.
وعندما سئل عن إمكانية إغلاق المجال الجوي أمام الطائرات ومنع مرور الصواريخ، قال: “من المحتمل أن يكون مغلقا أمام الطيران المدني، أما الطائرات العسكرية والصواريخ سواء من إيران أو إسرائيل فستعتبر معادية”. أهداف (لدول الخليج).”
تحدث الرئيس الأميركي جو بايدن، الخميس، عن “مناقشات” مستمرة بشأن ضربات إسرائيلية محتملة ضد قطاع النفط الإيراني، بعد الهجوم الصاروخي الذي شنته طهران على إسرائيل.
وردا على سؤال: هل تتفق مع قيام إسرائيل بشن ضربات على منشآت النفط الإيرانية؟ ورد الرئيس الأميركي: «نجري مناقشات حول هذا الأمر. أعتقد أنه سيكون…”، دون أن ينهي جملته، خلال تصريحات مقتضبة للصحافيين في البيت الأبيض.
بايدن يكشف «نقاشات» بشأن هدف إيراني قد تضربه إسرائيل
تحدث الرئيس الأميركي جو بايدن، الخميس، عن “مناقشات” مستمرة بشأن ضربات إسرائيلية محتملة ضد منشآت النفط الإيرانية، بعد الهجوم الصاروخي الذي شنته طهران على إسرائيل.
وأعرب بايدن، الأربعاء، عن معارضته لشن ضربات إسرائيلية على المنشآت النووية الإيرانية، قائلا ردا على سؤال حول دعمه المحتمل لمثل هذه الخطوة من قبل إسرائيل: “الجواب هو لا”.
وتابع: “نحن السبعة متفقون على أن للإسرائيليين الحق في الرد، لكن عليهم أن يردوا بشكل متناسب”، في إشارة إلى زعماء مجموعة السبع.
التحرك التكتيكي
من جهته، يرى الخبير العسكري اللواء السيد الجابري أن موقف الحياد الخليجي هو “خطوة تكتيكية وليست استراتيجية”.
وقال في حديث لموقع الحرة إن “هذه الخطوة التكتيكية هي محاولة لإقناع جميع الأطراف بأن دول الخليج محايدة، على أمل أن تكون هناك حلول سلمية وألا تتطور المعركة إلى حرب إقليمية شاملة”.
وأضاف أن “الدول التي يمكن أن تتضرر أكثر من حرب إقليمية شاملة هي دول المنطقة، وخاصة دول الخليج”.
يمكن أن تستهدف إسرائيل قطاع النفط الإيراني، مما يلحق الضرر باقتصادها، وقد يدفع مثل هذا الهجوم إيران أيضًا إلى “ضرب منشآت إنتاج النفط في المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى”، وفقًا لرويترز.
وأشار الجابري إلى أن “خطوة الحياد هذه قد يكون الهدف منها حماية دول الخليج من التورط في أي موقف عسكري غير مبرر”.
وتابع: “برأيي الشخصي، العلاقة الأميركية – الإيرانية – الإسرائيلية هي علاقة استراتيجية، وهناك تفاهمات بينها، وأكثر المتضرر من ذلك هي دول الخليج”، مشيراً إلى أن هناك “نوعاً من التفاهمات”. العداء بين الإمارات وإيران (خاصة فيما يتعلق بالجزر الثلاث)، وجهد صيني”. لتحسين العلاقات بين طهران والرياض بعد التوتر الذي شهدته خلال السنوات الماضية على خلفية أحداث كثيرة مثل حرب اليمن”.
لكن الجبري اعتبر أن “الصراع الآن بين إيران وإسرائيل هو صراع شكلي وليس حقيقيا، رغم كل التصريحات المرنة التي نسمعها عن الرد وعدم الرد”.
وفي رأي مطابق لأبو أيوب، قال الجابري: “لن يتمكن أحد من منع الصواريخ” من عبور الأجواء، أما الطائرات “فطالما أن دول الخليج تعلن الحياد، فمن حقها منع الصواريخ”. منع طائرات الدول المتحاربة من التحليق في أجوائها”.
“المشاركة الأميركية”
وعن احتمال مشاركة القوات الأمريكية في أي ضربات على إيران، باستخدام القواعد المنتشرة في المنطقة، يقول أبو أيوب: “إذا شاركت أمريكا في الهجوم المتوقع على إيران، فإن دول الخليج لن تكون بمنأى عن الصراع، لأن الجميع فدول الخليج لديها قواعد عسكرية أميركية، وقد تكون هذه القواعد أهدافاً لضربات انتقامية من إيران، وفي هذه الحالة، إذا حدثت، فستضطر دول الخليج إلى الصراع”.
واعتبر أنه إذا «انخرطت أميركا في الرد على إيران، فمن المؤكد أنها ستكون الفتيل الذي يشعل الحرب بين طرفي الخليج».
بدوره، يؤكد الجبري أن الدول المضيفة «لا تتدخل في الشؤون الداخلية للقواعد، بحسب بنود العقد، ولا تستطيع أن تفعل شيئاً، إلا في حال وقوع هجوم على الدول الصديقة التي توجد معها معاهدات الدفاع المشترك.”
وأوضح: “لا توجد اتفاقيات دفاع مشترك بين دول الخليج وإيران، وبينها وبين إسرائيل”، وبالتالي لا تستطيع هذه الدول منع أو وقف الهجمات من القواعد على إيران، و”لن يتمكن أحد من التحكم في المسار”. العمليات العسكرية من هذه القواعد”.
اجتماع عاجل لدول الخليج وسط ترقب لرد إسرائيل على إيران
قالت قناة الحدث التلفزيونية السعودية، الأربعاء، إن اجتماعا وزاريا طارئا لدول الخليج بدأ لبحث التطورات في المنطقة.
شنت إيران أكبر هجوم لها على الإطلاق على إسرائيل يوم الثلاثاء، فيما قالت إنه رد على اغتيال إسرائيل لكبار قادة حماس وحزب الله، وكذلك العمليات في غزة ولبنان.
وقالت طهران إن هجومها قد انتهى، ما لم تحدث المزيد من الاستفزازات، لكن إسرائيل توعدت بالرد بقوة.
ونقل موقع أكسيوس الأمريكي عن مسؤولين إسرائيليين يوم الأربعاء أن إسرائيل “قد تستهدف منشآت إنتاج النفط داخل إيران” ردا على ذلك.
وقال مصدر لرويترز إن “الهدنة العاجلة” تصدرت جدول أعمال كل المناقشات التي جرت بين إيران ودول خليجية في قطر.
ولم تستجب وزارات خارجية قطر وإيران والإمارات العربية المتحدة والكويت بعد لطلبات رويترز للتعليق، ولا مكتب الاتصال الحكومي السعودي.
ولم تهدد إيران بمهاجمة منشآت النفط الخليجية، لكنها حذرت من أن أي تدخل مباشر من قبل “أنصار إسرائيل” ضد طهران من شأنه أن يدفع إيران إلى شن “هجوم قوي” على “قواعدهم ومصالحهم” في المنطقة.
وقال علي الشهابي، المحلل السياسي السعودي المقرب من الديوان الملكي، لرويترز: “تعتقد دول الخليج أنه من غير المرجح أن تضرب إيران منشآتها النفطية، لكن الجانب الإيراني يلمح إلى أنه قد يفعل ذلك من خلال مصادر غير رسمية. إنها أداة يملكها الإيرانيون ضد الولايات المتحدة”. والاقتصاد العالمي.”
وشهدت السنوات القليلة الماضية تقاربا سياسيا بين الرياض، أكبر مصدر للنفط، وطهران، مما ساعد على تخفيف التوتر في المنطقة، لكن العلاقات بينهما لا تزال معقدة.
وتشعر المملكة العربية السعودية بالقلق من أي ضربة إيرانية على منشآتها النفطية منذ هجوم 2019 على مصفاة التكرير الرئيسية في بقيق، والذي أوقف لفترة وجيزة أكثر من 5 في المائة من إمدادات النفط العالمية. ونفت إيران تورطها في هذا الهجوم، بحسب رويترز.
وقال الشهابي إن “رسالة مجلس التعاون الخليجي إلى الإيرانيين هي: أرجوكم خفضوا التصعيد”، في إشارة إلى مجلس التعاون الخليجي الذي يضم الإمارات والبحرين والسعودية وسلطنة عمان وقطر والكويت.
وحذر الرئيس الإيراني مسعود بيزشكيان من مغبة “الصمت” في مواجهة “الحروب التي أشعلتها” إسرائيل.
وقال خلال قمة حوار التعاون الآسيوي في الدوحة الخميس، إن “أي نوع من الهجوم العسكري أو العمل الإرهابي أو تجاوز خطوطنا الحمراء سيقابل برد حاسم من قواتنا المسلحة”.