ظهرت في الآونة الأخيرة العديد من الإعلانات ومجموعات التوظيف على وسائل التواصل الاجتماعي والتي تنشر إعلانات وظائف للعديد من الجهات، بما في ذلك الجهات الحكومية وشبه الحكومية، بالإضافة إلى مئات الإعلانات للجهات الخاصة، والتي يطلب المعلن من خلالها الحصول على بيانات عن الباحثين عن عمل و سيرهم الذاتية. وبدأت العديد من الجهات بالتحذير من بعض هذه الإعلانات التي تنتحل صفة جهات رسمية واعتبارية، وكان آخرها انتحال صفة إعلان وظيفي لهيئة الرقابة ومكافحة الفساد “نزاهة”، والتي أصدرت على إثرها تحذيراً رسمياً من التعامل مع هذا الإعلان. كما اشتكى الباحثون عن عمل من تواصل الأشخاص معهم. ويزعمون أنهم مسؤولون توظيف في إحدى الوزارات الحكومية ينتظرون توقيعهم على عقود عمل برواتب ومزايا عالية، وذلك من خلال الدخول إلى رابط محدد في وقت محدد، لدفع الباحث عن العمل إلى سرعة التوقيع والموافقة على العقد المرسل، وهو ما يتطلب الدخول رموز خاصة ترتبط برقم الهاتف، إذ يشتكي الباحثون عن عمل من أن بياناتهم يتم جمعها واستغلالها من قبل أشخاص وجهات مشبوهة تستخدم إعلانات الوظائف للاحتيال عليهم.
رسائل احتيالية
وأوضح فراس العويفر، خبير الموارد البشرية، أن ناشرو هذه الإعلانات الوهمية يسعون إلى جمع البيانات بطريقة مشبوهة، وفي هذا الوقت لها أهمية كبيرة، خاصة لبعض الجهات سواء التسويقية أو الإحصائية، وال الأمر يصل إلى حد الاحتيال، مشددًا على ضرورة الابتعاد عن التعامل مع… رسائل الواتساب الخاصة بإرسال السيرة الذاتية، أو رسائل البريد الإلكتروني التي يكون فيها مضيف البريد الإلكتروني ليس الموقع الإلكتروني الخاص بالشركة -قدر الإمكان-، وأن تكون السيرة الذاتية أو طلب التوظيف لا يحتوي على بعض المعلومات الخاصة بصاحب العمل، ومنها: رقم الهوية الوطنية، حيث أنه ليس ضرورياً في مرحلة البحث. بالنسبة للعمل، والأهم عدم مشاركة أي كود أو كود يصل إلى الهاتف المحمول مع منسق الوظيفة؛ بسبب احتمال أن تكون رسالة احتيالية ستسبب مشاكل.
مصادر الإعلان
وأضاف العويفر، حتى يتمكن من التعرف على إعلانات الوظائف الاحتيالية، يجب على الباحث عن عمل معرفة مصادر إعلان الوظيفة، أو من شخص معروف أو غير معروف، أو موقع رسمي، أو من مواقع إعلانية غير متخصصة في الوظائف. وبشكل عام ابتعد عن أي موقع لا تعرف مصدره. ومن أسباب ظهور هذا النوع من الاحتيال ضعف الأخلاق الدينية والاجتماعية، واستغلال حاجة الباحث عن عمل إلى وظيفة لتحقيق أهداف شخصية أو تجارية على حساب الباحث عن عمل.
رسوم استكمال الطلب
وأشار مرتضى اليوسف خبير الموارد البشرية والإرشاد المهني، إلى أن الهدف من انتحال أسماء كبرى الجهات الحكومية أو شبه الحكومية هو جمع أكبر قدر ممكن من البيانات عن المرشحين، ومن ثم ممارسة عمليات الاحتيال عن طريق تقديم طلباتهم. عروض عمل وهمية تهدف إلى جر الباحث إلى الوظيفة. وتتطلب الوظيفة دفع مبلغ رمزي كرسوم لإكمال الطلب، على سبيل المثال، والحصول على الوظيفة المزعومة. يجب على الباحثين عن عمل التمييز بين إعلانات الوظائف الوهمية من خلال مراجعة المواقع الرسمية للجهات المعلنة عن الوظائف الشاغرة، حيث تتيح العديد من الوكالات للباحثين عن عمل التقدم لشغل وظائفهم الشاغرة عبر مواقعها الإلكترونية. كما يمكن للباحث عن عمل التأكد من ذلك إلكترونياً من خلال التواصل مع الجهة عبر قنواتها المختلفة أو من خلال مواقع التوظيف التي يثق بها الكثير من المتابعين.
الرواتب الفلكية وعزا اليوسف سبب ظهور هذا النوع من الاحتيال، حيث يستغل المحتالون حاجة الباحثين عن عمل، والتي قد تكون دافعهم الأساسي للتقدم لأي إعلان عن وظيفة، لذلك يذكر الكثير من المحتالين الرواتب الفلكية في إعلاناتهم الوظيفية الوهمية. حتى يتمكنوا من تحفيز المرشحين لمشاركة بياناتهم. يحتاج الباحث عن عمل إلى مهارات البحث والتحقق، بالإضافة إلى الوعي الفني، حتى لا يقع ضحية الاحتيال.
غسيل أموال
بدوره، قال المهندس محمد الناصر “فني متخصص في تكنولوجيا المعلومات”: من الناحية الفنية، إذا وقعت سيرتك الذاتية في يد جهة محتالة، فهذا يدل على أن معلوماتك الشخصية مدرجة مباشرة في قاعدة بيانات ضخمة الذي يتتبع الأطراف الاحتيالية، مما يعني أنك في الجدولة، وما هو؟ وبعد أيام قليلة فقط، تبدأ الاتصالات تتدفق بمختلف المبررات والرسائل ذات الروابط الخادعة، محذرة بالقول: ما حدث لبياناتك الشخصية ما هو إلا بداية لقصة أكبر هدفها الأموال الموجودة في حساباتك المصرفية أو أموالها. استخدامها في عمليات غسيل الأموال، وحل تلك المشكلة هو الوقاية من خلال إبقاء البيانات الحساسة بعيدة. وبالنسبة للأطراف المشبوهة، فهي تعتبر خط الدفاع الأول، ولهذا من المهم أن يعرف الشخص سياسات حماية البيانات الشخصية. ومن الناحية العملية، تأكد من أن الجهات الرسمية لن تطلب منك كلمات المرور أو رموز المعاملات المالية، فهي بمثابة التوقيع وتخصك أنت فقط.
القرصنة الهاتف
وأضاف هاني الحمود، “فني متخصص في برامج الكمبيوتر”، أن “الهاكرز” يستفيدون من إعلانات الوظائف الوهمية، ويدخلون من خلالها عبر روابط مشبوهة ويدخلون إلى حسابات بنكية. ويهدف المحتال إلى الوصول إلى الهوية الوطنية والهاتف المحمول من السيرة الذاتية، وقد تكون فرصة لاختراق الهاتف المحمول، واستخدام الحسابات الشخصية “الرسمية”، مثل موقع “أبشر”، وانتحال الشخصية لأغراض أخرى، مع التأكيد على أهمية التواصل الهاتفي مع الجهة المعنية ليكون أكثر أماناً من التواصل الإلكتروني في الوقت الحالي، والتوقف نهائياً عن استخدام الأرقام الرمزية والتحقق منها إلا بعد التأكد من ذلك المصدر.