الخميس, أكتوبر 16, 2025
الرئيسيةأخبار مصرالبلاغة والعدالة.. وجهان لعملة واحدة في معرض دمنهور الثامن للكتاب

البلاغة والعدالة.. وجهان لعملة واحدة في معرض دمنهور الثامن للكتاب

بقلم : محمد شاكر


01:00 صباحا

10/10/2025


كتب – محمد شاكر :

نظم معرض دمنهور الثامن للكتاب، الذي أقامته الهيئة المصرية العامة للكتاب بمكتبة مصر العامة بدمنهور، ندوة فكرية بعنوان “البلاغة والعدل”، شارك فيها نخبة من أساتذة جامعة دمنهور والأزهر الشريف، بحضور نخبة من المثقفين والباحثين وطلاب الجامعة.

بدأت الندوة بكلمة للدكتور محمد عاشور الذي رحب بالضيوف، أعقبها الدكتور منصور أبو الآداب بكلمة افتتاحية أثنى فيها على هذا اللقاء الفكري الذي يجمع بين تخصصين يبدوان متباعدين في الظاهر، لكنهما في جوهرهما متكاملان، مؤكدا أن الحوار بين البلاغة والقانون هو أحد جوانب التفاعل بين الفكر واللغة، وبين العدل والمنطق.

ثم قدم الدكتور أحمد الشرقاوي، أستاذ المرافعات ووكيل المعاهد الأزهرية لقطاع التعليم بالأزهر الشريف، مقدمة رصينة أصيلة للعلاقة بين البلاغة والعدل، موضحًا أن البلاغة ليست مجرد زينة للكلام، بل أداة لضبط المعنى وتوضيح الحقائق. وشدد على أن العدالة لا تقوم إلا على لغة واضحة ودقيقة وحجة بليغة تضع الأمور في نصابها، مؤكدا أن البلاغة في خدمة العدالة تجعل الحكم القضائي عادلا في مضمونه ومقنعا في شكله.

وأضاف الشرقاوي أن الدين الإسلامي قانون يحفظ حقوق الناس، وأن القانون جزء من منظومة القيم التي جاء بها الدين لتنظيم حياة الإنسان دون تمييز.

وأوضح أن العدالة في جوهرها موضوعية وليست شخصية، ولا تعرف محاباة ولا تمييز، وأن القاضي مأمور شرعا بالحكم بالعدل، مستشهدا بقوله تعالى: “إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس فاحكموا بالعدل”.

وأشار إلى أن البلاغة ليست ترفاً لغوياً، بل هي ضرورة شرعية وأخلاقية، فالدقة في التعبير تحفظ الحقوق وتمنع الظلم. واستشهد بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «تجادلونني… من قطعت له حق أخيه قطعت له قطعة من النار ولا يأخذها»، ليؤكد أن الوضوح والدقة في اللغة هما أساس إقامة العدل.

وفي مداخلة ثرية، تحدث الدكتور محمد أبو علي، أستاذ البلاغة والنقد بكلية الآداب جامعة دمنهور، عن التداخل العميق بين القانون والبلاغة، لافتا إلى أن فلاسفة اليونان وعلى رأسهم بروتاجوراس أدركوا أهمية اللغة في صياغة القانون وإدارة العدالة.

وأوضح أن الخطاب القانوني هو ما يحفظ الحقوق ويحدد الواجبات، وأن سوء استخدام اللغة أو غموضها قد يؤدي إلى الظلم أو الارتباك في تفسير النصوص.

كما تناول الجانب الإنساني في مهنة القضاء، مستشهدا بمشاهد درامية صورت الفقيه يستخدم الكلمة سلاحا لكشف الحقيقة، مؤكدا أن القانون دون بلاغة جاف، والبلاغة دون عدالة خادعة.

وعرض الدكتور أبو علي رؤية بروتاغوراس للقانون باعتباره فناً إنسانياً يقوم على الإقناع، وليس مجرد قواعد جامدة، موضحاً أن نسبية اللغة والمعنى تفرض على القاضي والمحامي والمسؤول القانوني مسؤولية كبيرة لضمان الدقة والموضوعية، حتى لا تتحول البلاغة إلى وسيلة للتضليل.

وفي ختام الندوة قدم الدكتور أبو اليزيد سلامة فقرة مميزة من الحكايات اللغوية، أبرز من خلالها جمال اللغة العربية ومرونتها ودقتها. وأوضح أن إدخال كلمة أو تأخيرها أو تغيير حركة واحدة يمكن أن يغير المعنى القانوني أو الفقهي جذريا، مما يدعو إلى الاهتمام باللغة في النصوص القانونية والشرعية والإدارية على حد سواء.

وفي نهاية اللقاء، تقدم المنظمون بخالص الشكر لجمعية خريجي الأزهر الشريف العالمية على رعايتها لهذا الحدث الفكري الرفيع، وللأساتذة المشاركين الذين أضاءوا بعلمهم جوانب العلاقة بين البلاغة والعدالة، مؤكدين أن الكلمة والحقيقة وجهان لعملة واحدة، وهي عملة الحضارة الإنسانية الراقية، حيث يتجلى العدل في البيان، والبيان. ويتجسد في خدمة العدالة.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -

الأكثر شهرة

احدث التعليقات