بقلم – مرام محمد
السبت 16 ديسمبر 2023 03:00 صباحًا
وقد تم إرسال سؤال إلى دار الإفتاء المصرية عبر موقعها الرسمي، وكان مضمونه: “ما حكم مسح الأكمام في الوضوء بدلاً من غسل اليدين؟”
وجاء رد دار الإفتاء على النحو التالي: “غسل اليدين إلى المرفقين من واجبات الوضوء، ومسح ظاهر الأكمام لا يكفي، للنصوص الدالة على وجوب الغسل، وعدم جوازه”. جواز مسح الأكمام عند الحاجة إليه. وإذا لم يتمكن من استعمال الماء في الوضوء، تيمم بدلاً منه». “الوضوء: إذا تمكن من استعماله في بعض الأعضاء دون غيرها، فإنه يغسل ما لا يضره غسله، ويمم ما سواه، مع مراعاة الترتيب والتسلسل”.
وقالت دار الإفتاء إنه من الثابت شرعا أن الوضوء شرط في صحة الصلاة. لقوله تعالى: “يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق، وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى المرافق”. أبين، وإذا كنت على جنابة فتطهر. [المائدة: 6]وبناء على الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «صلاة الجامع تجوز له صلاة الجامع». فلا يقبل منه حتى يتوضأ».
قال الإمام النووي الشافعي في “شرح صحيح مسلم” (3/103 ط دار إحياء التراث العربي): [أجمعت الأمة على تحريم الصلاة بغير طهارة؛ من ماء أو تراب، ولا فرق بين الصلاة المفروضة والنافلة] أوه.
وقد اتفق الفقهاء على أن الواجب في الوضوء هو ستر الوجه واليدين والرجلين بالغسل، مع مسح الرأس. عملاً بالآية السابقة، والأحاديث الواردة في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ ومنها ما روي عن عطاء بن يزيد عن حمران قال: رأيت عثمان رضي الله عنه يتوضأ فيتوضأ ثلاثا ثم يتمضمض ويترش. أنفه، ثم غسل وجهه ثلاثا، ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاثا، ثم غسل يده اليسرى إلى المرفق ثلاثا، ثم مسح. رأسه، ثم غسل رجله اليمنى ثلاثاً، ثم اليسرى ثلاثاً، ثم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يتوضأ مثل هذا الوضوء. مِلكِي. ثم قال: «من توضأ هذا، ثم صلى ركعتين، لم يحدث فيهما شيئا، غفر له». كان مسئولاً عما تقدم من ذنبه» متفق عليه.
وعليه: فالواجب على اليدين أن تمتصهما بالغسل، ومجرد مسحهما لا يكفي. ونظراً للآية والحديث المتقدمين، ولأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يذكر جواز المسح عليهما، ولو كانت الحاجة شديدة إليه، كالبرد الشديد والبرد الشديد. مثل ذلك، فأباح المسح على الخفين دون غيره..
وقال الإمام ابن عابدين الحنفي في شرحه “رد المختار على الدر المختار” (1/98 ط دار الفكر): [(قوله: بعد انعقاد الإجماع على ذلك) أي: على افتراض غسل كل واحدة من اليدين والرجلين، وعلى دخول المرفقين والكعبين، وغسل الرجلين لا مسحهما] أوه.
قال العلامة المواق في “”التاج والإكليل”” (1/276 ط دار الكتب العلمية): [من فرائض الوضوء: غسل اليدين إلى المرفقين] أوه.
قال الإمام النووي الشافعي في ” منهاج الطالبين ” (3/107 ط دار إحياء التراث العربي): [وأجمع العلماء على وجوب غسل الوجه واليدين والرجلين واستيعاب جميعهما بالغسل] أوه.
قال الإمام ابن قدامة الحنبلي في “المغني” (1/ 90 ط مكتبة القاهرة): [وغسل اليدين إلى المرفقين، ويدخل المرفقين في الغسل، لا خلاف بين علماء الأمة في وجوب غسل اليدين في الطهارة، وقد نص الله تعالى عليه بقوله سبحانه: ﴿وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ﴾ [المائدة: 6]]آه.
إذا كان – كما سبق – غسل اليدين إلى المرفقين من واجبات الوضوء، فلا يكفي مسح ظاهر الثياب بدلاً منه؛ ولما جاء في الصحيحين عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: تخلف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وتخلفت معه. فلما قضى حاجته قال: «هل عندكم ماء؟» فأتيته بشيء يتطهر، فغسل يديه ووجهه، ثم ذهب فأخفض ذراعيه، فضجر. كم الثوب، فأخرج يده من تحت الثوب، وألقى الثوب على منكبيه، وغسل ذراعيه، ومسح ناصيته، والعمامة، وجوربيه..
والدليل من الحديث أن المسح لم يرد إلا فيما يلبس على الرأس والقدمين. ولو كان المسح مباحاً لغيره لمسح النبي صلى الله عليه وآله وسلم على كميه في مثل هذه الحالة، لا سيما مع ضيق الرداء الذي جعل ستر الثوب مستحيلاً. بيديه الشريفتين، فجعل يلقي الرداء من كتفيه، بشرط ألا يصح مقارنة المسح على الأكمام -بدلا من غسل اليدين- بالمسح على الجوارب. لأن المسح على الخفين تصريح، والرخصة استثناء لا يقاس عليه. لأنه – أي: الاستثناء – مخالف للأصل؛ ولما كانت الرخص تناقض الدليل، فإن القول بالقياس يؤدي إلى كثرة مخالفة الدليل، وهذا لا يجوز. انظر: “”شرح تنقيح الفصول”” للإمام القرافي (ص٤١٦، ط. الشركة المتحدة للطباعة الفنية)”.
إذا لم يمكن استعمال الماء في غسل اليدين، سواء كان ذلك بسبب البرد الشديد الذي يسبب ضرراً أو تلفاً في العضو، وعدم العثور على ما يسخن به الماء، أو المرض، أو بطء الشفاء، أو غير ذلك من الأعذار؛ ويتيمم بدلاً من الوضوء. فإن أمكنه استعماله على بعض الأعضاء دون غيرها، فإنه يغسل ما لا يتضرر بغسله، ويتيمم لما سواه، مع مراعاة الترتيب والموالاة. ووفقاً للقاعدة الفقهية: «لا يسقط السهل مع الصعب». انظر: “مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح” للشرنبلالي (ص ٥١، ط. المكتبة العصرية)، “حاشية الدسوقي على الشرح الكبير” (١/ ١٤٩). ، ط دار الفكر)، و “منهج الطالبين وعمدة المفتين” للنووي (ص: ١٧، ط دار الفكر)، و “كشاف القناع” للبهوتي. (1/162 ط. دار الكتب العلمية).
وبناء على ما تقدم: فإن غسل اليدين إلى المرفقين من واجبات الوضوء، ومسح ظاهر الثياب بدلاً منه لا يكفي. نظراً للنصوص الدالة على وجوب الغسل، وعدم جواز مسح الأكمام مع وجود ضرورة لذلك؛ وإذا لم يمكن استعمال الماء في الوضوء، يتيمم بدلاً من الوضوء. فإن أمكنه استعماله على بعض الأعضاء دون غيرها، فإنه يغسل ما لا يضره غسله، ويتيمم ما سواه، مع مراعاة الترتيب والمواصفة..