متاعب الانقلابيين تحرم اليمنيين من فرحة العيد
حرمت متاعب الانقلابيين الحوثيين السكان في المناطق الخاضعة لسيطرتهم من فرحة العيد، إذ غابت الاحتفالات هذا العام بدرجة أكبر من السنوات السابقة، وتكبد التجار ورجال الأعمال خسائر كبيرة بسبب الركود الاقتصادي وتفاقم الوضع الاقتصادي. انخفاض القوة الشرائية للسكان، بالإضافة إلى الرسوم والإتاوات المفروضة عليهم.
ويشكو محمد العاقل، تاجر الحلويات والمكسرات في صنعاء، من تراجع كبير في المبيعات وتراكم البضائع التي يبيعها في محله، ما أثر سلباً على دخله المعتاد والمتوقع خلال موسم العيد.
وقال العاقل لـ«الشرق الأوسط» إنه توقع الركود الذي يعاني منه، وقلص كميات السلع التي يشتريها من تجار الجملة كل عيد، بسبب تراجع القدرة الشرائية للسكان. ورغم ذلك، لم يتمكن من بيع الكميات التي اشتراها هذا العام رغم قلة الكمية، مما اضطره إلى التنازل. عن العمال الذين كانوا عنده في المحل، واكتفى بمساعدة أحد أبنائه.
واعتاد اليمنيون على شراء كميات كبيرة من الحلويات والمكسرات خلال الأعياد، والتي تعرف بـ”جوائز العيد”، لتقديمها للضيوف خلال الزيارات المتبادلة في هذه المناسبات، أو لتبادلها مع الأقارب والأصدقاء.
سمير المقطري، موظف حكومي انقطع راتبه منذ سبع سنوات واضطر للعمل في إحدى شركات المقاولات، يسخر من إمكانية شراء الحلويات والمكسرات للعيد، وحتى استقبال الضيوف أو زيارة الأقارب والأصدقاء، وهو راضٍ مع تبادل التهاني معهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو المكالمات الهاتفية.
وأوضح المقطري لـ«الشرق الأوسط» أنه استغل إجازة العيد للعزلة في المنزل، بعد أن استعد لمواجهة الملل الذي سيسببه ذلك مع قراءة عدد من الكتب، ولتغيير أسلوب الاحتفال بالعيد. مما يتطلب نفقات كبيرة لا يستطيع راتبه الضئيل أن يغطيها.
نذير قادري، اسم مستعار لرجل أعمال وتاجر في صنعاء، ينفي أن تكون جميع البضائع والسلع المتواجدة في الأسواق جديدة وحديثة الإنتاج، ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن غالبية التجار يحاولون استغلال العطلة لبيع البضائع التي تراكمت في محلاتهم ومستودعاتهم منذ أشهر، وربما لسنوات. بسبب الركود وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين.
ويشير القادري إلى أن جماعة الحوثي فرضت على غالبية التجار والبائعين وأصحاب المحلات التجارية التبرع بكميات كبيرة من السلع والمنتجات لمؤسساتها وجمعياتها التي تقدم الدعم والرعاية لمؤيديها ومقاتليها في الجبهات. وتشمل هذه التبرعات أموالاً نقدية وعينية وهدايا من ملابس وحلويات وأشياء أخرى.
العيد للحوثيين
وبالتوازي مع الصعوبات المعيشية وتوقف غالبية السكان عن الاحتفال بالعيد، اتخذت جماعة الحوثيين العيد فرصة لزيادة الفعاليات الاحتفالية لأتباعها ومؤيديها ومقاتليها في الجبهات، وأنفقت أموالاً كثيرة لتزويدهم بمختلف السلع. أنواع المساعدات.
ووجهت الجماعة قياداتها في مختلف المناطق والمحافظات الخاضعة لسيطرتها، بالذهاب إلى الجبهات لزيارة المقاتلين وتقديم التهنئة لهم بمناسبة عيد الفطر المبارك، وتقديم الهدايا لهم من ألبسة وأغذية وحلويات ومبالغ مالية. المكافآت، بالإضافة إلى تنظيم فعاليات احتفالية لأنصارها في عدد من المدن والأرياف.
وقال الكاتب اليمني باسم منصور لـ«الشرق الأوسط» إن مظاهر احتفال جماعة الحوثي بمؤيديها ومقاتليها وإغداقهم بالأموال والهدايا لها دلالات عدة. فمن ناحية، تأتي هذه المناسبات والهدايا على حساب ملايين الجياع الذين فاتتهم فرحة العيد ولم يتمكنوا من توفير متطلبات الحياة الأساسية بسبب ممارسات هذه الفئة وانقلابها. وتستمر حربها منذ نحو عقد من الزمن.
ويضيف منصور أنه في المقابل؛ إن هذا الاحتفال الكبير للمقاتلين، والذي استمر منذ أول أيام العيد، وحتى خلال شهر رمضان، يثبت أن الجماعة تجهز أنصارها ومقاتليها لاستئناف الحرب، وتشحنهم معنويا، وتسعى إلى ذلك. لمواصلة كسب ولائهم من أجل مواصلة نفوذه وسيطرته على مؤسسات الدولة ومقدراتها ومواردها، وتجويع وإفقار اليمنيين.
وركزت وسائل إعلام جماعة الحوثي على إبراز زيارات قياداتها للجبهات، واحتفالها بالعيد مع أنصارها، وإظهار حجم المساعدات المقدمة لهم ولمؤيديها في مختلف المناطق الحضرية والريفية.
وشملت زيارات قيادات الحوثيين المستشفيات التي تقدم الرعاية الطبية لمصابي الجماعة، وتنظيم فعاليات ترفيهية لأسر القتلى والجرحى.
لا ملابس ولا نزهة
أحد بائعي الملابس الذي واصل فتح محله خلال أيام العيد، على أمل أن يكون لديه زبائن تمكنوا من الحصول على المال في تلك الأيام، يروي أنه فوجئ برجل لديه ثلاثة أطفال، يطلب مجموعة من الملابس التي كانت مقاس مناسب لثلاثتهم، وعندما استفسر عن سبب ذلك الطلب، قال له إنه لا يملك ما يكفي لشراء ملابس لثلاثتهم، لذلك سيكتفي بطقم واحد يرتديه كل يوم. حيث يُسمح لأحدهما بالخروج للتنزه، بينما ينتظر الآخران دورهما في الأيام التالية.
وذكرت وسائل إعلام تابعة لجماعة الحوثيين أن حدائق العاصمة المختطفة صنعاء والمواقع السياحية داخلها وما حولها استقبلت خمسين ألف زائر خلال أيام العيد.
وسخر صحفي يعمل في إحدى المؤسسات الإعلامية العامة الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي من هذا الرقم، مشيراً إلى أنه من المفترض أن يحاول كاتبو مثل هذه الأخبار المبالغة بزيادة صفر ليتناسب الرقم مع رغبتهم في الترويج للرخاء المزعوم الذي تعيشه اليمن. السكان في المناطق الخاضعة لسيطرة التنظيم.
وبحسب الصحافي الذي تتحفظ «الشرق الأوسط» على بياناته، فإن هذه المتنزهات قبل انقلاب الحوثيين كانت تشهد زيارات تصل إلى أضعاف هذا العدد في مختلف أيام العام، لكنها في أيام العطلات تكون شديدة الازدحام، في حين أن العدد الذي ذكره وتشير وسائل الإعلام التابعة للجماعة إلى أنها حدائق في مدينة يسكنها ربع السكان. مليون نسمة، وليس صنعاء التي لا يقل عدد سكانها عن 4 ملايين نسمة، ناهيك عن سكان ريفها والمحافظات المجاورة.
اعتاد اليمنيون قضاء عطلاتهم في المتنزهات والحدائق العامة، إلا أن سوء الأوضاع المعيشية خلال السنوات الماضية منعتهم من ارتياد هذه الأماكن والاكتفاء بأبسط أشكال الترفيه.
ويحيط بالعاصمة صنعاء عدد كبير من المواقع السياحية ذات المناظر الخلابة، إضافة إلى المتنزهات المنتشرة داخلها وما حولها، والتي عانت خلال السنوات الماضية من قيود جماعة الحوثي على أنشطة التنزه هناك، إضافة إلى رفع أسعار خدماتها لزيادة إيرادات المجموعة.