مثل ألونسو وأرتيتا.. هل يجد المدربون الشباب موطئ قدم في «الدوري السعودي»؟
وشهد الدوري السعودي للمحترفين في مواسمه الأخيرة ارتفاعاً ملحوظاً وملحوظاً على مستوى المحترفين الذين تم استقدامهم، أو على صعيد البنية التحتية للأندية والملاعب. لكن مسألة استقدام المزيد من المدربين الدوليين تظل أحد الجوانب المهمة في عملية تطوير هذا الدوري، ليكون من بين الأفضل في العالم.
ومن الممكن أيضاً خلق جيل من المدربين الوطنيين الشباب في المستقبل القريب، على غرار ظاهرة المدربين الشباب في أوروبا، والتي أصبحت واقعاً، بالإضافة إلى أنها أصبحت الخيار المفضل لعدد من الأندية الكبيرة.
منذ رحيل خالد العطاوي عن الاتفاق، في أكتوبر/تشرين الأول 2021، لم يشهد الدوري السعودي للمحترفين ظهور أي مدرب وطني “أساسي”، باستثناء بعض الذين استعانت بهم الأندية كمدربين طارئين.
إن جلب هؤلاء المدربين إلى الدوري السعودي هو استثمار حقيقي في مستقبل كرة القدم السعودية.
ومع الأمثلة الناجحة لمدربين سابقين كانوا لاعبين مميزين، يمكن القول إن هذا الاتجاه يمكن أن يساهم بشكل كبير في تطوير أداء المدربين السعوديين مستقبلا.
وهناك أمثلة ناجحة للمدربين الشباب في الدوريات الأوروبية الخمس الكبرى، على رأسهم الإسباني تشابي ألونسو، اللاعب السابق الذي تحول إلى التدريب، فهو مثال حي على النجاح الذي يمكن أن يحققه المدربون الجدد.
وبعد مسيرة ناجحة كلاعب في فرق كبيرة مثل ليفربول وريال مدريد وبايرن ميونخ، تمكن ألونسو الذي تولى تدريب باير ليفركوزن في أكتوبر 2022، من تحسين نتائج الفريق وإبعاده عن الهبوط. المراكز، قبل أن يفوز بالثنائية المحلية في الموسم الثاني.
وأثبت ألونسو البالغ من العمر 42 عاما، قدراته التدريبية العالية وفهمه العميق للعبة، رغم صغر سنه نسبيا كمدرب، ما جعله هدفا لأندية مثل ليفربول وبايرن ميونيخ. وفضل البقاء مع ليفركوزن واستكمال تجربته معهم.
وهناك أيضًا ميكيل أرتيتا، الذي كان لاعبًا بارزًا في صفوف أرسنال، حيث تولى القيادة الفنية لـ”الجانرز” قبل 4 سنوات، واستطاع بناء فريق قوي من اللاعبين الشباب، ومنافسة الدوري الإنجليزي. لقب الدوري الممتاز حتى الجولة الأخيرة هذا الموسم.
ويعكس نجاح أرتيتا قدرته على تطبيق استراتيجيات التدريب الحديثة وتحفيز اللاعبين لتحقيق أفضل أداء، ومن المتوقع أن يقدم أداء أفضل في الموسم المقبل، مع تعزيز صفوفه بصفقات جديدة.
وبات تياجو موتا، لاعب خط الوسط السابق الذي تألق في أندية مثل إنتر ميلان وباريس سان جيرمان، مدربا ناجحا واستطاع قيادة بولونيا للتأهل إلى دوري أبطال أوروبا الموسم الماضي.
نجاح موتا دفع العملاق الإيطالي يوفنتوس للتعاقد معه رسميا، في مؤشر واضح على بروز قدراته التدريبية واستراتيجيته الفعالة في إدارة الفرق، رغم صغر سنه.
وفي ألمانيا، وضعت إدارة بايرن ميونخ ثقتها في المدرب البلجيكي فينسنت كومباني، ومنحته عقدا لمدة 3 سنوات، بعد إعجابها بفكره الكروي مع فريق بيرنلي الإنجليزي، رغم هبوط الأخير إلى الدرجة الأولى الإنجليزية.
وأظهر كومباني، الذي كان قائدًا ناجحًا لمانشستر سيتي، أسلوبًا هجوميًا مميزًا على الرغم من عدم وجود لاعبين أقوياء في بيرنلي. إلا أنه تمسك بأسلوبه، ومن المتوقع أن يحقق نجاحاً أكبر مع بايرن ميونيخ الذي يملك عناصر أفضل بالتأكيد.
وفي السياق نفسه، يرى المدرب الوطني عبد الحكيم التويجري أن اتجاه الأندية السعودية للتعاقد مع المدربين الشباب لا يزال مبكرا.
وقال التويجري في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «فيما يتعلق بالاعتماد على المدربين الشباب، أعتقد أن بعض الأندية الأوروبية تبحث عن أفكار جديدة وطرق عمل متقدمة. وقد يكون هذا هو السبب وراء الاعتماد على مدربين جدد، حيث أن الجيل الجديد من المدربين لديه أفكار وأساليب تدريب مختلفة عن الجيل السابق.
وأضاف: «لذلك أتوقع أن تحرص بعض الأندية على البحث عن أفكار جديدة تتناسب مع الهوية الفنية التي يرغب النادي في تنفيذها. ومثال على ذلك المدرب الألماني ذو الأصول الأمريكية، فابيان هورزلر، البالغ من العمر 31 عاما، والذي يسعى نادي برايتون الإنجليزي للتعاقد معه. لأن أفكاره تتماشى مع فلسفة النادي، بغض النظر عن صغر سنه”.
وأضاف: “من الصعب التنبؤ بما يفكر فيه مديرو الأندية السعودية، حيث تختلف الطموحات والأهداف من نادي لآخر. بعض الأندية تفضل الاعتماد على المدربين ذوي الخبرة الكبيرة، فيما ترحب أندية أخرى بالاعتماد على المدربين الشباب، لكنها تظل حالات خاصة».
وتابع: «لا أتوقع أن تتغير هذه المعادلة في اختيار المدربين في المستقبل القريب. ربما نحتاج لمزيد من الوقت للتحرك نحو الاعتماد على المدربين الشباب على نطاق أوسع في الدوري السعودي».
وبسؤاله عن عدم الاعتماد على المدربين الوطنيين في الدوري السعودي، أجاب: «من وجهة نظري لا ينبغي أن يكون للجنسية دور في اختيار المدرب. لكن أعتقد أن مسؤولي النادي السعودي أكثر دراية وقدرة على الإجابة على هذا السؤال بشكل أفضل مني».
وتابع: “لا يمكن لأي مدرب أن يثبت جدارته دون أن تتاح له الفرصة. ببساطة، إذا أردت تقييم أداء مدرب معين، عليك أن تمنحه الفرصة لإثبات نفسه. وإذا فشل فهذا يدل على أنه ليس المدرب المناسب. إذا نجح يمكنه الاستمرار والتطور من تجربة إلى أخرى».
وأكد: «بدون توفير الفرص لن نتمكن من رؤية مدربين صغاراً أو كباراً. الفرص هي التي تصنع المدربين.”
وتطرق التويجري إلى اللاعبين الذين يعتبرهم مدربي المستقبل، موضحا: «أرى عناصر المدرب الناجح في المستقبل، في نواف القميري وفيصل الغامدي، لاعبي الطائي والاتحاد، على التوالى.